غميمط يكتب: حوار التعليم.. من يناير 2022 إلى اتفاق 14 يناير 2023

انخرطت الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي في الحوار القطاعي بقرار من الأجهزة التقريرية، واستمر الحوار لشهور تناول محورين أساسيين؛ الأول يتعلق بالملفات العالقة، والثاني يتعلق بمشروع النظام الأساسي .

نقاش المحور الأول انطلق في بداية يناير 2022 ، وخلص إلى توقيع اتفاق مرحلي بتاريخ 18 يناير 2022 يتضمن حل 6 ملفات ( الدكاترة ، المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين، أطر الإدارة التربوية الاسناديون والمسلكيون الدرجة الثانية، الأساتذة المكلفون خارج سلكهم الأصلي، الأساتذة حاملي الشهادات العليا، مستشارو التوجيه والتخطيط التربوي “المرتبين في الدرجة الثانية+التعويضات التكميلية”)، والذي للأسف الشديد لم تنفذ أغلب نقطه .

والمحور الثاني انطلق النقاش فيه بتاريخ 16 مارس 2022، والذي عرف العديد من التجاذبات حول بعض مضامينه المتعلقة، أولا بعدد الهيئات التي تم تقليصها إلى ثلاثة جمعت بشكل تعسفي فئات بمهام ومسارات مهنية مختلفة. وكذلك الباب المتعلق بالمهام الذي سعت الوزارة من خلال ما قدمته داخل جلسات اللجان التقنية إلى إغراق المدرس بمهام جديدة خارج مهام التدريس (الحياة المدرسية، العلاقة مع الأسر، الدعم التربوي).

وفي باب تقييم الأداء المهني للمدرس، قدمت الوزارة مشروعها المستند على فلسفة المردودية ذات المرجعية المقاولاتية، وباعتماد على مؤشرات ذات حمولات اقتصادية، والتي تسعى في مجملها إلى تقييم الفعل التربوي للمدرس بمعزل عن محيطه الاجتماعي والاقتصادي.

وفي باب المسار المهني، فالمشروع يدافع عن التوظيف الجهوي لهيئة التدريس ( ابتدائي، ثانوي، ملحقين)، ويحتفظ مرحليا بالتوظيف المركزي لبعض الفئات (المبرزين، المهندسين، التقنيين )، وهو تكريس واضح لازدواجية نمط التوظيف وتفكيكه على أسس ترابية، وفي سيرورة هذه الاجتماعات.

وللتاريخ لم تكن مواقف الجامعة مؤيدة لعرض الوزارة في محور النظام الأساسي الذي اعتبرته مؤطر بفلسفة تفكيك الوظيفة العمومية وإخضاع قطاع التعليم لسلطة السوق وحاجياته، وعبرت الجامعة في محور الملفات العالقة طيلة مدة النقاش عن رفضها للمقاربة المالية في تناول الملفات المعروضة على طاولة الحوار، أو الاتفاقات السابقة ومابقي منها دون وفاء بالإلتزامات ومتأخرات مستحقات الترقيات، لكن ممثلي الوزارة كانوا دائما يحاولون طمأنة النقابات على أن هناك ارادة لحل المشاكل “الخير لقدام “، إلى أن انتهى النقاش في اللجنة التقنية بتاريخ 25 شتنبر 2022 بتباينات كبيرة بين الحركة النقابية والوزارة حول مضامين نقاش اللجنة التقنية، وتمت إحالة النقط الخلافية على اللجنة العليا التي ترأسها وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتاريخ 29 شتنبر 2022، على أمل أن يحسم فيها لصالح نساء ورجال التعليم، لكن الوزير بدوره تمترس خلف الكلفة المالية، ودعا النقابات إلى التوقيع على المحضر بدون شروط، وبدورها النقابات رفضت العرض لأن مضامينه بعيدة جدا عن المطالب الجوهرية لنساء ورجال التعليم (الزيادة في الأجور، المبادئ الموجهة للنظام الأساسي، اسقاط التعاقد، خارج السلم، الزنزانة 10 وضحايا النظامين، المبرزين، التوجيه والتخطيط، اتفاق 18 يناير 2022، العرضيين ومنشطي التربية غير النظامية، ملحقو الإدارة والاقتصاد والملحقين التربويين، مربيات التعليم الأولي)، وطالبت بضرورة الاستجابة للمطالب الحقيقية التي تشكل الحد الأدنى المتفق عليه في التنسيق النقابي، والتي تمت صياغتها في بياناته بتاريخ 28 شتنبر و 18 أكتوبر و28 أكتوبر و22 نونبر و05 دجنبر 2022 .

واستمرت الاجتماعات مع الوزير خلال 27 و28 أكتوبر و21 نونبر و 02 دجنبر 2022، والتي خلالها ظل التباعد بين عروض الوزارة ومطالب النقابات هو السائد ، وصولا إلى توقف الحوار مع الوزارة منذ 2دجنبر 2022 نظرا لتشبت الوزير بعرضه الرافض للحديث عن ملف المفروض عليهم التقاعد ، والزيادة في الأجور، ومعالجة ملف المقصيين من خارج السلم بأثر رجعي إداري ومالي، وحل باقي الملفات المعروضة عليه بما يستجيب لمطالب المعنيين والمعنيات .

وبعدها عقد التنسيق النقابي اجتماعين، ناقش فيهما واقع المنظومة بين رفض الوزارة التفاعل الجدي مع المطالب الجوهرية من جهة والاستعدادات النضالية للشغيلة من جهة أخرى، حيث جددت الجامعة دعوتها بضرورة خوض نضالات وحدوية سعيا لفرض شروط أحسن لتفاوض مفيد، لكن الانتظارية ظلت هي الجواب، إلى أن تمت دعوتنا لاجتماع للتنسيق النقابي يوم الخميس 12يناير 2023 الذي قدم خلاله نفس عرض جلسة 2 دجنبر 2022، ودون تدقيق في مضامينه، وعبرنا في الاجتماع عن رفضنا لهذا العرض وتشبتنا بكل المطالب الواردة في بيانات التنسيق النقابي السابقة ، وتمت برمجة اجتماع آخر للتنسيق النقابي يوم 13 يناير 2023 على الساعة الثانية زوالا للنقاش، لكن تفاجأنا بخبر مفاده أن الوزارة تقترح توقيع اتفاق يوم 14 يناير 2023، فجددنا رفضنا لهذا العرض الذي كان من الواجب -حسب تقديرنا – رفضه من طرف التنسيق النقابي ككل، غير أن النقابات الأربع أرتأوا عكس ذلك معتبرين توقيع المحضر هو فرصة تاريخية لا يجب تفويتها.

- إشهار -

وفي هذا السياق عبر ممثل الجامعة بضرورة عرض محضر الاتفاق على المكتب الوطني الذي بدوره يجب أن يعرضه على المجلس الوطني لاتخاذ الموقف المناسب.

وفي هذا السياق عقد المكتب الوطني للجامعة اجتماعا استثنائيا ليلة الجمعة للتداول في المستجدات الطارئة، وفي خضم الاجتماع، على الساعة العاشرة والنصف ليلا توصلنا من الوزارة بنسخة من محضر الاتفاق، ودعوة للحضور يوم السبت 14 يناير 2023 على الساعة العاشرة والنصف للمشاركة في مراسيم التوقيع على الاتفاق، فأجبناها أننا لن نحضر غذا لأن الأمر يستدعي عرض الموضوع على المجلس الوطني الذي يعتبر أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر والمخول الوحيد لإتخاذ القرارات الكبرى من هذا الحجم.

وعلى إثر هذا المعطى قرر المكتب الوطني الدعوة الى اجتماع المجلس الوطني يوم السبت 14يناير 2023على الساعة السادسة والنصف للنقاش واتخاذ القرار المناسب اتجاه هذا “الاتفاق”.

واجتمع المجلس الوطني وتداول بشكل ديمقراطي مضامين هذه الوثيقة، وقرر بالاجماع عدم التوقيع عليها لأنها لا تلبي الحدود الدنيا من مطالب نساء ورجال التعليم بكل فئاتهم، وتضعهم مستقبلا في قلب نظام أساسي ينتصر لتوجيهات البنك الدولي، حيث يكرس الهشاشة ويتجه نحو القطع مع الوظيفة العمومية ويؤسس للوحدة التنظيمية بدل الوظيفية ويقصي شغيلة التعليم الأولي.

عبد الله غميمط : الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم FNE

إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد