بعد شعارات: أخنوش زيرو.. الحكومة زيرو.. بغيناهم يطيروا.. الملك يدخل على خط ارتفاع الأسعار


لم يحرّك جحيم ارتفاع الأسعار، الذي أشعل النار في جيوب المغاربة، طوال الفترة السابقة، أي شَعْرة أو شُعور في رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، حتى جاءه الأمر الملكي، متضمّنا ما يجب على الحكومة أن تفعله من زمان، لكنه لم يفعله لأنه هو شخصيا من أول المستفيدين من الغلاء، الذي يرهق الفقراء، ويزيد في تسمين الأغنياء، وهو أولهم…

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    طوال الفترة السابقة، والمغاربة يئنّون من ارتفاع الأسعار، ونشطاء يخوضون حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، وفاعلون مدنيون ونقابيون وحقوقيون وآلاف المواطنين يخرجون للشوارع والساحات للاحتجاج على الغلاء، كل هذا لم يحرّك ساكنا لدى أخنوش، وظل الملياردير بارون المحروقات وأعضاء حكومته صامتين “صمت القبور”… إلى أن جاءته “الغضبة” الملكية، التي أخرجته من “دار غفلون”، ليتحدث، في اجتماع المجلس الحكومي ليوم أمس الخميس، عن لزوم “الرفع من مراقبة وضعية تموين الأسواق بالمنتجات الغذائية، وتعزيز الرقابة على مستوى التسويق والجودة، وتعقب ومعاقبة أي مخالفات أو سلوكات انتهازية”. وهو تصريح مضحك، بل يمكن اعتباره “نكتة 2023″، إذ إن أخنوش، باعتباره رئيس الحكومة، هو رئيس الإدارة المغربية، فماذا كان يفعل حتى لا يعطي الأوامر لمختلف مصالح الإدارة من أجل تعزيز مراقبة السوق الوطنية، والسهر على ضمان تموينها المستمر بالمنتجات الغذائية، وعلى محاربة المضاربات… بل ماذا كان يفعل حتى لا يتتبّع مثل هذه الإجراءات بشكل دائم، ودون أن يحتاج الملك إلى التدخل.

    لم يعُد المغاربة يجدون سندا من البرلماني السابق عبد اللطيف وهبي الذي كان يُكثر من الصياح داخل “قبة” البرلمان محتجاً على ارتفاع الأسعار، قبل أن يُلجم أخنوش فمه بحقيبة العدل، فصار يدافع عن سياسات نهبه لجيوب المغاربة، في المقابل تخصص هو في التجسس على ألوان “تقاشر” المغاربة.

    لا فرج ولا أمل اليوم للشعب إلا في التدخّل الملكي، الذي عرّى عن عورة الفشل الحكومي في حماية الشعب وفي تحصين قدراته الشرائية. فقد وجه الملك أوامر صارمة لأخنوش بالعمل على حماية القدرة الشرائية للمواطنين، الذين استأسد عليهم الملياردير أخنوش، وتنكّر لوعوده لهم، ولم يعد يَظهر له فيهم إلا فرائس لمزيد من الاغتناء وتكديس الثروات…

    هذا هو باطرون الحكومة، الذي وجد نفسه مدفوعا للقول، أمس الخميس في اجتماع المجلس الحكومي، إن “التعليمات الملكية السامية تشدد على ضرورة حماية القدرة الشرائية للمواطن، وضمان تموين الأسواق بالمنتجات الغذائية اللازمة”. قالها أخنوش وهو يعلم أنه هو المسؤول عن فشل السياسة الفلاحية في ضمان الأمن الغذائي في المغرب، وفي توفير المنتوجات الغذائية بأسعار معقولة… وهو المسؤول الذي توجّهت إليه أصابع احتجاجات المغاربة بشعارات مدوية: “الحكومة زيرو، أخنوش زيرو، بغيناهم يطيرو”..

    فشل تدبير أخنوش لقطاع الفلاحة أكده تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي كان قد خصّص أكثر من 400 صفحة لرصد انزلاقات بالجملة واختلالات عديدة مع ضعف ملموس في تسيير قطاع الفلاحة، هذا القطاع الذي يتحمّل مسؤولية تدبيره أخنوش نفسه، منذ 16 سنة، 14 سنة منها وهو وزير للفلاحة، و2 منها وهو رئيس حكومة، إنه عِقْد ونصف من الفشل، ومن سوء التدبير، والبداية كانت مع إطلاق مخطط المغرب الأخضر، الذي صُرفت عليه مبالغ فاحشة تُقدّر بآلاف الملايير من السنتيمات، لينتهي إلى الباب المسدود، ويُتخلّى عنه في سنة 2020.

    ليس غريبا أن المغاربة، عندما تضيق الحياة في وجوههم، يتوجّهون إلى الجالس على العرش بالشكوى وبالأمل. وتفيد مصادرنا العليمة بما يجري ويدور، أن الملك لم يكتف بأن يقرص أخنوش من أجل الشعب، بل تقرّر أيضا تقديم دعم مادي للمحتاجين المغاربة، خلال شهر رمضان الكريم، إضافة إلى حملة التضامن، التي تشرف عليها مؤسسة محمد الخامس للتضامن… فضلا عن دعم عيد الاضحى بعد ذلك.

    - إشهار -

    ما كان المغاربة سيحتاجون هذا الدعم لو أن أخنوش تحمّل مسؤوليته كما يجب، فالرجل هو المسؤول أيضا عن “صندوق التنمية القروية”، الذي سطا عليه من رئيسه بنكيران آنذاك، وهو المسؤول عن فشل ثلاثة برامج رئيسية لملاءمة الفلاحة مع التغيرات المناخية، تتعلق بالبرنامج الوطني لاقتصاد الماء في السقي، وبرنامج توسيع السقي، وبرنامج الشراكة في القطاعين العام والخاص في مجالي الري، ليتمكن المغرب من تحصين غذائه، الاّ أن باطرون الحكومة وباطرون الأحرار، فشل في كل شيء، بدليل ما عاناه ويعاني منه المغاربة من ندرة الماء لولا لطف الله، وما يُعاني منه الشعب من الغلاء.

    أخنوش أيضًا أساء إلى حزب أحمد عصمان، ومصطفى عكاشة، ومصطفى المنصوري واللائحة طويلة، بعد أن حوّل دفته في مواجهة المغاربة الأبرياء والمغاربة البسطاء والمغاربة الأحرار، الحزب الذي يعقد غدا السبت مجلسه الوطني…

    فهل سيشهد برلمان الأحرار عودة للوعي ولتراث عصمان وينتفض بعض مؤسسيه، ضد المسار المحفوف بالمخاطر الذي يبصم عليه رئيس الأحرار في قيادة سفينة الحكومة، مثلما حدث داخل الحزب الحليف، البام، الذي بادر قياديون من المؤسسين الكبار إلى إصدار بيان طي صفحة وهبي، فهل سيخرج قياديون ومؤسسون وأحرار من التجمع الوطني ليقولوا “اللهم إن هذا منكر”، وليدعوا إلى طي صفحة أخنوش؟ أم أننا دائما سنحتاج إلى التدخل الملكي…

    مراد بورجى

    إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد