يوم أردت الالتحاق بالمقاومة الفلسطينية
في ريعان شبابي ذهبت إلى مكتب نعته لي بعض الأصدقاء ربما تابع لمنظمة فتح، أو لجمعية مناصرة للقضية الفلسطينية ولها علاقة بالقضية، وتقدمت في حماس وإصرار إلى المسؤول أطلب منه تسجيل اسمي في لائحة المتطوعين للالتحاق بالمقاومة الفلسطينية.
تأملني المسؤول لحظة، وهو مغربي، تأملني مبتسما من فوق إلى تحت ومن تحت إلى فوق..
ظننته يستهزئ بي، أنا الفتى ذو الثمانية عشر ربيعا، كنت على أعصابي ثم سألني: “هل لديك إخوة؟” أجبت: لا “وأخوات؟” لا “ماذا يفعل والدك؟” والدي متوف من زمان “و والدتك؟” ربة بيت “وماذا تفعل الآن؟” أدرس بالثانوي.. صمت لحظة وهو يخربش بقلم على ورقة أمامه، وقد غاضت الابتسامة من وجهه، ثم رفع رأسه وقال: “إذا أنت وحيد أمك؟” قلت: أجل قال: “عد إلى والدتك، وكن لها خير معين”..
نزلت أدراج السلم قافزا، نبهني المسؤول إلى والدة، أم، تركتها في البيت ترتب لي (أنا وحيدها) فراشي وتصبن ملابسي وتهيئ لي أكلي، وتدعو لي بالتوفيق والنجاح في دراستي، متمنية لي مستقبلا زاهرا..
رحلت والدتي عن هذه الدنيا الفانية بعد أن رأتني أتزوج وأنجب ولدا وبنتا وأعمل مدرسا ثم محررا في جريدة البيان وألتحق بحزب اليوم أبكي ترديه وتقهقره بحرقة وحسرة، وأصدر أولى مجموعاتي القصصية.
رحلت بعد أن سعدتُ بفرحها وضحكاتها العذبة وهي تلاعب ابني وابنتي .. ماذا لو أن المسؤول سجلني في قائمة المتطوعين، هل كانت والدتي ستقبل ذلك؟
واليوم، نرى من يزايد علينا بالقضية الفلسطينية.. اذهبوا إليها.. اذهبوا وحرروا القدس بدل الصراخ والاحتجاج.. وحتى إن أردتم الذهاب فلن يسمح لكم بذلك الإخوة الفلسطينيون.. و” الفاهم يفهم”..
هذا قصة حماسية قديمة يراد بها باطل في زمن أصبح الإفلاس في كل شئ هو سيد الموقف .. والمقصود برواية القصة لا يخلو من تبرير لموقف مخزي فرض علينا، بالإضافة لما يمكن أن تحدثه الرواية من إحباط ولا يكون الأمر الواقع ..Imitation في كل شئ