فيدرير ونادال في مبارزة القرن
على مدى 15 عاماً، كتب روجيه فيدرير ورافايل نادال الصفحة الأكثر إثارة في تاريخ التنس، مبارزة بين أسلوبين متناقضين تميّز فيها الإسباني نادال بسبب أرجحيته على الأراضي الترابية.
في المواجهات المباشرة، يتفوّق ابن مايوركا 24-16 على السويسري، منذ بداية المبارزة الرائعة بينهما عام 2004.
آنذاك، كان نادال بعمر السابعة عشرة فقط وصنع المفاجأة بتغلبه في ميامي على المصنف أول عالمياً حديثاً الذي يكبره بخمس سنوات، وصولاً إلى نصف نهائي ويمبلدون 2019 المتوّج به فيدرير.
ذروة لقاءاتهما كانت في نهائي 2008 على العشب الإنجليزي، كان نادال قد خسر النهائي السابق بخمس مجموعات، وقد نجح في إيقاف سلسلة من خمسة ألقاب متتالية لابن بازل، بمباراة ملحمية استمرت نحو خمس ساعات.
تُعدّ هذه المواجهة من بين الأشهر في تاريخ كرة المضرب، إلى جانب موقعة السويدي بيورن بورغ والأميركي جون ماكنرو في المكان عينه عام 1980.
كانت هناك مباريات قمّة أخرى، على غرار نهائي بطولة أستراليا المفتوحة 2009، عندما عجز فيدرير عن حبس دموعه بعد خسارته بخمس مجموعات، أو تلك التي أحرزها بعد ثماني سنوات محققاً عودة رائعة بعدما خفت نجمه لنحو ست سنوات.
الأرقام مع نادال
تفوّق نادال في المواجهات المباشرة ضمن المباريات النهائية في البطولات الكبرى (6-3)، وفي البطولات الكبرى بشكل عام (10-4) وأيضاً في مجمل المباريات النهائية (14-10)
أرقام تفسّرها سيطرته الكاسحة على الملاعب الترابية (14-2)، بينها 4 في نهائي بطولة رولان غاروس الفرنسية.
في المقابل، يتفوّق فيدرير على العشب (3-1)، الأرض الصلبة (10-9)، لكن ليس الأرض الصلبة في الهواء الطلق (8-6 لنادال).
مواجهة فيدرر-نادال هي الأكثر تكراراً في المباريات النهائية ضمن البطولات الكبرى (9)، أما نادال-الصربي نوفاك ديوكوفيتش (7)، وديوكوفيتش-البريطاني أندي موراي (7).
لم تكن الأرقام التي حفّزت الجماهير، بل أسلوبهما المتناقض على غرار بورغ-ماكنرو: هدوء وهجوم عند السويسري، قوّة ودفاع عند الإسباني، حتى ولو أنّ فيدرير كان يمتلك لياقة جيدة ونادال ضربات هجومية قاتلة خصوصاً بالكرات الأمامية (فورهاند).
اعتمد نادال على تكتيك بسيط للتغلب على هجمات السويسري: التركيز على ضرباته الخلفية (باكهاند) بكرات أمامية التفافية للاعب الأعسر.
شرح نادال في سيرته الذاتية “رافا”: “مع فيدرير، الشيء الوحيد الذي يجب فعله هو عدم تركه يضرب الكرات الخلفية (بسهولة)، إجباره على ضربها عالية، المضرب بعلو عنقه، وضعه تحت الضغط، تقويضه وتقويض معنوياته”.
خصوم لكن أصدقاء
وجد فيدرير أخيراً الحلول، في نهاية مسيرته، وقلّص الفارق مع الماتادور، بفوزه في آخر سبع مواجهات باستثناء الاراضي الترابية. في المقابل، بدّل استراتيجيته على الأرض الترابية من دون أن ينجح.
في العام الذي أصيب به نادال بركبته وخرج مبكراً، نجح فيدرر باحراز لقبه الوحيد في رولان غاروس عام 2009.
على مرّ المواسم، طوّر نادال اداءه، ارساله الفاعل على العشب والأرض الصلبة، بالإضافة إلى كرات خلفية باليدين أزعجت خصمه على كل الأرضيات.
كان البطلان بالنسبة لبعضهما البعض (وديوكوفيتش بالنسبة للإثنين) بمثابة حجر عثرة لهيمنة كاملة على هذه الرياضة. رغم ذلك، جمعت صداقة بين رجلين تبادلا الدعوات العائلية وشاركا سوياً في مباريات استعراضية، على غرار “معركة الأرضيات” عام 2007 (جهة ترابية وأخرى عشبية).
لم يخفِ الإسباني إعجابه بفيدرر. أقرّ في كتابه بـ”فارق في الموهبة” مع السويسري، معتبراً انه “مذهول من جودة لعبه” ومقراً انه “لا اصدّق اني تمكنت من هزيمته”، ويرجع ذلك جزئياً “لأن فيدرر لم يكن نفسه عندما كان يلعب” ضد نادال.
من جهته، رأى فيدرر ان نادال “لديه ضربات لا مثيل لها عند أي لاعب آخر”، ودفعه للتشكيك بأسلوبه ليكون بطلاً أكبر.