الإبداع ومعالجة السكيزوفرينيا
تم أمس السبت، بمراكش، تنظيم يوم علمي وطبي، تحت شعار “الإبداع عند مريض السكيزوفرينيا طريق للوصول إلى مستوى عافية عالية وجيدة”، وذلك بمبادرة من جمعية (شمس للصحة النفسية).
وشكل هذا اللقاء، الذي نظم بشراكة مع المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، والجامعة الوطنية للصحة النفسية، والمديرية الجهوية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بجهة مراكش- آسفي، مناسبة لإبراز مساهمة الإبداع الفني، في إطار صيرورة العلاج المرتبطة بهذا المرض العقلي الحاد والمزمن.
وعرف اللقاء مشاركة أطباء نفسانيين من المغرب وفرنسا، والذين أجمعوا على تأكيد أن الإبداع الفني أصبح أداة رئيسية تستخدم في ورشات علاجية للاضطرابات العقلية، مثل انفصام الشخصية.
وأكدت رئيسة جمعية شمس تانسيفت، عائشة بلعربي، في هذا الإطار، أن ورشات الإبداع الفني تساهم في إخراج المريض من العزلة، والتعبير عن الذات والتغير، لا سيما بالنسبة للمرضى الذين يجدون صعوبة في الإفصاح عن مشاعرهم عبر الكلام، فضلا عن بناء المزيد من الثقة بالنفس، وتعزيز إعادة التكيف.
وأضافت أنه يبدو أن الورشات الفنية، التي تأتي لتكمل العلاجات الكلاسيكية، تمثل وسيلة فعالة لتسهيل إعادة الإدماج الاجتماعي للمرضى، في المجتمع وإعادة تكيفهم .
من جهته، كشف رئيس الجامعة الوطنية للصحة النفسية، الدكتور هاشم تيال، أن هذه الجمعية تولي مكانة هامة للإبداع الفني، كأداة للعلاج في مراكز الطب النفسي والمستشفيات والمصحات، مشيرا إلى أن الورشات الفنية تسمح للمرضى بالتحرر والتواصل مع الآخرين، وتطوير مهاراتهم والتغلب على مشاكلهم العقلية.
وأوضح أن هذه الورشات تسمح أيضا للمرضى بالتعرف على عالمهم وضعفهم وقلقهم وتمكين ذواتهم من وسائل التغلب عليها، معتبرا أن الإبداع الفني يشكل لحظة رئيسية في العلاجات النفسية.
كما أكد أن الأسر تمثل جزءا أساسيا في علاج هذه الأمراض العقلية، مشددا على أنه و”تحقيقا لهذه الغاية، من الضروري تزويد الأسر بالأدوات اللازمة لتدبير الصعوبات التي تواجهها بشكل يومي في إطار تعاملها مع المريض”.
ودعا الدكتور تيال، في هذا السياق، إلى إحداث مراكز لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي في كل إقليم أو عمالة، حيث يتم تنظيم أنشطة علاجية مع المرضى، ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم.
من جانبه، أكد الدكتور يان هودي، المسؤول عن برنامج “بروفامي” بفرنسا، أهمية هذا البرنامج الموجه لتقديم المساعدة، على المدى البعيد، للأشخاص الذين يعاني أحد أقاربهم من السكيزوفرينيا.
وأضاف أن هذا المشروع يوفر للأسر آليات التدبير الجيد للمسؤوليات الجديدة التي تواجههم مع فرد من الأسرة مصاب باضطرابات عقلية، مبرزا أن من شأن “بروفامي” أن يقوم بمساعدة وتكوين وتهييئ أو مواكبة هذه الأسر التي تعاني من إجهاد قد يضر بشكل خطير بصحتها الجسدية أو النفسية.
وتابع أن هذا البرنامج يهدف، بذلك، إلى تزويد المساعدين، وهم في أغلب الأحيان أفراد الأسرة، بآليات الحفاظ على صحتهم الجسدية والنفسية، مما يساهم في انخفاض كبير في عدد حالات الانتكاس لدى مريض من الأقارب، موضحا أن هذا البرنامج يروم تعريف الأشخاص المعنيين و/أو محيطهم، بالمرض، وعلاجاته، وتطوره وتلقينهم السلوكيات المناسبة الكفيلة بتحسين جودة حياتهم، ومن ثمة حياة أقاربهم المصابين باضطرابات عقلية.
وقدم جعفر الكنسوسي، رئيس جمعية المنية لإحياء تراث المغرب وصيانته، بهذه المناسبة، شهادته عن الفنان الشهير عباس صلادي، الذي عانى من اضطرابات عقلية، ونجح في التغلب على إعاقته الذهنية، ليبدع أعمالا ذات قيمة فنية كبيرة.
وتضمن برنامج هذا اليوم العلمي عروضا حول موضوعي “الإبداع والفصام” و “الإبداع عند المستعملين”، ومعرضا للوحات من إنجاز مستعملي الطب النفسي، فضلا عن حفل تسليم شواهد للأسر التي استفادت من التكوين النفسي التربوي “بروفامي”.
و.م.ع