الحرية واللباس
الحرية واللباس.. لم أكن أنوي الخوض في مثل هذا الموضوع، لولا هذا الزخم الذي أحيط به، من طرف عدد من المغاربة؛ ولست ممن يقول إن هناك مواضيعا للنقاش وأخرى ليست إلا للإلهاء والتضليل عن القضايا الأساسية التي تمس معيش المغاربة.
إن أي نقاش لظاهرة تبدو سطحية، له أساس فكري وبنية ثقافية، وهما يؤثران بشكل جوهري في تطوير وتنمية المعيش اليومي للناس. ودون الإطالة في سرد المبررات التي دفعتني للكتابة، سأدخل في صلب النقاش، بعدما التقطت “مفهوما” شائكا ومعقدا عبر كلام أغلب من تحدث عن الموضوع، ألا وهو “مفهوم الحرية”.
وفي هذه الحالة (اللباس الذي ظهرت به زوجة اللاعب أشرف حكيمي)، انقسم المغاربة إلى قطبين محوريين؛ قطب يشجب اللّباس المذكور مستحضرا سؤال الهوية والثقافة، وقطب يناصره وينتقد معارضيه مستحضرا لـ”مفهوم الحرية”، وأن من حق المرأه أن ترتدي ما تريد ما دام الأمر لا يخرق القانون.
إن الحرية في جوهرها هي المعرفة، ولا علاقة لها في واقع الأمر باللباس، وكلما ازدادت المعرفة والفكر، كلما أصبح الإنسان أكثر حرية.. عندما نعرف الأشياء والظواهر المادية والإنسانية أكثر، سنكون أكثر حرية في التحكم فيها وحتى التنبؤ بمآلاتها، وسنتحرر من جهلنا بها.
فالحرية معرفة، والمعرفة حرية.. ومنه نستشف أن ربط الحرية باللباس، هو ربط اعتباطي، لا عقلاني، ولا يقوم على أساس الحرية وهي المعرفة.
إن خلع الملابس ليست حرية، وكذا تغطية الجسد كله ليس حرية.. الحرية هي معرفة الظروف المناخية، والضوابط الثقافية، والأعراف المجتمعية في أي مجتمع، وذلك من أجل تجنب الأضرار.
قد يقول معارض: وهل هناك حرية تقيد بالضوابط والأعراف؟ الجواب هو: إن كنت لا تريد القيود، كن فقط مسؤولا أمام فعلك وواجه كل سيئات ذلك؛ لأن الحرية مسؤولية في تعريف آخر.. ثم لا يجب الإستهانة بالعرف المجتمعي؛ فالعرف لم يسمَ عرفا، إلا، لأنه، وكما يدل على ذلك اشتقاق الكلمة، مبني على المعرفة.
والعرف الجماعي أو المعرفة الجماعية، تكون أقرب المعارف للصواب، من أي تجربة شخصية. والقانون عليه أن يبنى على الأعراف، لأن أهل المنطقة، هم أدرى الناس، في معرفة ما يصلح لهم، وما يضرهم، بناءً على ظروفهم المناخية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
وننهي مقالنا بقولة المفكرة السعداوي: المرأة التي تعري جسدها تعتبر نفسها سلعة، مثلها مثل التي تغطيه بالكامل.
خالد بوخش
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.