جواز المنع من ولوج المرفق العام!


إلى زمن ليس بالبعيد كانت الدولة تعبئ كل إمكانياتها لإثبات هوية المواطنين المغاربة، وكانت تنظم القوافل المتحركة للوصول إلى المناطق النائية من أجل تحقيق هذا الهدف، بل في الوقت الذي كان فيه أتباع التيار السلفي الرجعي، يرفضون توثيق علاقاتهم الزوجية بسبب موقفهم الظلامي والمتطرف من الدولة ومؤسساتها، كانت هذه الأخيرة تتعبأ أيضا لتوثيق عقود الزواج لضمان حقوق الأطفال والنساء وتحصينها من الضياع…الخ

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    اليوم ويا لا العجب أصبح جزء من المغاربة، وأنا واحد منهم، يواجهون معضلة حقيقية للقيام بإجراءات إدارية مشروعة، قصد  الحصول على وثيقة مهمة وأساسية في إثبات هويتهم الوطنية، بسبب فرض الادلاء بجواز التلقيح الذي يظل غير إجباريا، للولوج إلى المرفق الأمني، الذي يبقى مرفقا إداريا عاما، لا يختلف عن باقي مرافق الدولة الأخرى، التي تبقى أبوابها مفتوحة في وجه المرتفقين!

    في عز النقاش الحقوقي والإعلامي، الذي تفجر عقب محاولة الحكومة فرض جواز التلقيح،  وبالتحديد في شهر أكتوبر من سنة 2021، اشترطت الإدارة العامة للأمن الوطني، الادلاء بجواز التلقيح على الراغبين في اجتياز مباريات ولوج أسلاك الأمن، لكنها وضعت استثناء على هذا الشرط لمن تعذر عليهم التوفر على جواز التلقيح، ويتعلق الأمر باختبار pcr صالح لمدة 72 ساعة!

    هذا الإجراء، كان قبل ستة أشهر، غير أن الوضع الصحي ببلادنا، مختلف اليوم، ولا أظن أن المسؤولين في الإدارة العامة للأمن الوطني لا يطلبون من المصالح الخارجية للأمن، إعمال المرونة في التعامل مع المرتفقين الذين يرغبون في الحصول على بطائقهم الوطنية!

    إذا كان الداعي خلف طلب جواز التلقيح للولوج إلى المرفق الأمني صحي، فاختبار pcr يفي بالغرض، وكاف لرفع الحرج على المرتفقين الذين يطلب منهم جواز التلقيح قصد الولوج إلى المرفق الأمنية، والاستفادة من خدماتها العمومية!

    من هذا المنطلق، نلتمس من المدير العام للأمن الوطني، السيد عبد اللطيف الحموشي، إعطاء توجيهاته إلى المصالح الأمنية التابعة له، من أجل إعمال “المرونة” الإدارية اللازمة لتمكين غير الملقحين من ولوج المرافق الأمنية، على غرار باقي مرافق الدولة الأخرى، وتيسير إجراءات حصولهم على بطائق تعريفهم الوطنية، خصوصا وأن هناك تراجعا كبيرا في عدد الإصابات بكوفيد 19، إلى جانب عدم وجود أي نص قانون يقضي بإلزام المواطنين بإجراء التلقيح، الذي يبقى إجراء اختياريا!

    - إشهار -

    نتفهم الدوافع الصحية وراء قرار ربط ولوج المرفق الإداري الأمني،  بطلب جواز التلقيح من المرتفقين، ونستحضر السياق الذي أعطيت فيه تعليمات الإدارة العامة للأمن الوطني للمصالح الخارجية التابعة لها، غير أن هذا الأمر تسبب في تقييد حق المواطنين في التوفر على بطائق تعريفهم الوطنية، وهي من الوثائق المهمة في إثبات هويتهم، ويتوقف عليها إنجاز عدد مهم من المعاملات الإدارية!!

    مثل الكثير من الناس، وجدت نفسي يوم أمس في “موقف حرج” للغاية بسبب عدم توفري على جواز التلقيح، لأسباب تخصني، ورغم أنني أتفهم موقف المسؤولين الأمنيين بالمصالح الخارجية، الذين ينفذون تعليمات الإدارة العامة، فإن ربط الحصول على بطاقة التعريف الوطنية بضرورة التوفر على جواز التلقيح، أو شهادة الإعفاء من التطعيم، يبقى مفتقدا لأي سند قانوني أو دستوري، مادام أن الدولة تركت أمر التلقيح اختياريا، ومادام أن الحكومة تراجعت على فرض جواز التلقيح للولوج إلى مرافق الدولة، عقب حوارها الاجتماعي مع المركزيات النقابية.

    نتمنى من الإدارة العامة للأمن الوطني تفهم هذا المطلب الموضوعي، مادام أن المرتفقين  يتقيدون بباقي الإجراءات الاحترازية، ومادام أن الدولة نفسها لم تصدر أي قانون يلزم المواطنين المغاربة بإجراء التلقيح، الذي يظل عملية طبية اختيارية، ترتبط بإرادة الأشخاص الحرة وفق ما تنص عليه المادة السابعة من العهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية.

    إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد