أزمة مدريد والرباط.. من يُقدم تنازلات للآخر؟
أكد الحسن أشهبار، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن قرار رئيس الحكومة الإسبانية، “سانشيز” ؛ القاضي بإعفاء وزيرة خارجية حكومته، أرانشا غونزاليس لايا؛ كان مُتوقعا، والغرض منه ضخ دينامية جديدة، في علاقة الرباط ومدريد، بالنظر لما سببته الأزمة بين الطرفين، من خسائر اقتصادية، أمنية، وسياسية لإسبانيا.
وأبرز أشهبار المحلل السياسي للقضايا الدولية، في تصريح هاتفي لـ”بديل”، أن “إعفاء الحكومة الإسبانية لوزيرة خارجيتها، يكشف أولى التنازلات الاسبانية، لفك أزمتها مع المغرب، لما سببته لها من تداعيات اقتصادية خسرت بها إسبانيا أزيد من مليار أورو”.
الإعفاء جاء كذلك بعد الأصوات التي تعالت داخل إسبانيا، يقول أشبهار إنها “تنتقد السياسة الخارجية للحكومة، خاصة من طرف رجال الأعمال، الذين تربطهم علاقات اقتصادية قوية مع المغرب، وتضرر التعاون الأمني المغربي- الإسباني، بعدما خففت المملكة من تواصلها مع الجارة الشمالية”، موضحا بأنها “أمور لم تستسغها الأوساط الإسبانية، ما زاد الضغط على رئيس اسبانيا، ما دفعه ليقوم بتعديل حكومي، لإعادة توجيه العلاقات مع المغرب”.
خليفة” لايا” أمل إسبانيا!
ذكرت تقارير صحفية اسبانية؛ أن خوسي مانويل الباريس، السفير الإسباني الحالي في العاصمة الفرنسية؛ هو خليفة “لايا” على رأس وزارة الخارجية الإسبانية، وذلك من أجل إعطاء دفعة جديدة لمسار العلاقات بين الرباط ومدريد، خاصة وأنه يعد دبلوماسيا رئيسا لرئيس الحكومة الاسبانية”.
وفي هذا السياق، اعتبر أشهبار أن “الوزير الجديد للخارجية الاسبانية، دبلوماسي مُحنك، وعمل في عدة بلدان بالعالم، وينظر إليه كمنقذ للعلاقات بين الرباط ومدريد، خصوصا وأن “ألباريس” سبق له أن عمل سفيرا لإسبانيا بالمغرب، وبالتالي يعرف خبايا علاقات بلاده مع المغرب”.
“التعديل محاولة خلق دينامية جديدة، “وإذابة أزمة الجليد مع الرباط، يقول أشهبار مؤكدا بأنه “انتصار دبلوماسي جديد ينضاف للمغرب، ودليل على أن إسبانيا تعتبر المغرب دولة استراتيجية، واقتصادها يرتبط إلى حد كبير بالمملكة” مشيرا إلى أن “إسبانيا سوف تقدم على تنازلات عدة لوضع حد للازمة بينها وبين المغرب، والتي اندلعت بسبب استقبال مدريد، لزعيم “البوليساريو” إبراهيم غالي. “
نقطة اللاعودة!
المحلل السياسي، والمختص في الشؤون الدولية والدبلوماسية، كريم عايش، اعتبر أن “العلاقات المغربية الاسبانية، وصلت الى نقط اللاعودة في بعض الملفات الحساسة، وعرفت تراكم سريع للأخطاء والاعطاب، صار معها إعادة العلاقة لسابق عهدها يحتاج وقتا طويلا، خاصة بعد استعداء اسبانيا للمغرب، وبروز عامل عدم الثقة والاستقواء بأوروبا”.
وقال عايش، في تصريح لـ” بديل”، أنه بعد تعيين وجه جديد على رأس الخارجية الإسبانية”؛ أتوقع اتصالاً مباشراً بين ألباريس وبوريطة، وربما لقاءً مباشرا في إطار قمة 5+5، أو لجنة وزارية مشتركة أوروبية مغربية، ومنها سنرى ربما لهجة جديدة ومحاولة للتقارب العلاقة المغربية الإسبانية، سواء عبر الإتحاد الأوروبي، في اطار ملفات الهجرة واللجوء، او في إطار اعادة تقييم لاتفاقيات التجارة”.
وأشار عايش إلى أن” المطلوب من إسبانيا اليوم، هو أن تقدم ملفا يضم كل المعلومات التي ترتبط بدخول ابراهيم غالي، وشبكة المتورطين والمتواطئين معه، فوزيرة الخارجية المقالة، ما هي الا جبل الجليد ويجب تجليته على السطح لكشف كل الجذور”، موضحاً بأن اتفاقية حسن الجوار، التي وقعتها إسبانيا، تمنع استقبال اعداء كل دولة مع ضرورة التنسيق فيما يتعلق بالحالات الإنسانية والعاجلة وفق شروط محددة، احتراما لسيادة المغرب.”