حزب العدالة والتنمية: نجاحات وإخفاقات !!
يكاد يمر عقد كامل على صعود الإسلاميين إلى قيادة الحكومة بالمغرب، هذا العقد الذي امتد من سنة الربيع الديمقراطي وصولا الى سنة الجائحة التي ساهمت في شل حركة البلاد والعباد وعرت عن واقع الحكومات العربية وغيرها، وفي ظل هذا من الأجدر بنا أن نتساءل اليوم عن نجاحات وإخفاقات الحزب الإسلامي بعد مرور عشر سنوات من قيادة الحكومة المغربية.
صعد الاسلاميون إلى الحكم بعدما توعدوا المغاربة بحزمة من الوعود والإصلاحات في شتى المجالات، علاوة على هذا هتف الحزب بالعمل على محاربة الريع والفساد والاثراء الغير المشروع وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ان الجميع يشهد على أن صعود الإسلاميين الى الحكم بعد ثورة الربيع العربي لسنة 2011 لم يكن سهلا أبدا، خاصة أن سنوات حكمه الأولى كانت قد اتسمت بكثير من الرهانات السياسية التي واجهت الحزب باعتباره كان حديث العهد بالقيادة، بعدما قضى سنوات ليست بالقليل في صفوف المعارضة.
إن الجميع يدرك أيضا حجم المضايقات التي طالت هذا الحزب، والجميع يعلم أن الطريق أمامه لم تكن معبدة، لكن ومع ذلك استطاع حزب “المصباح” تعزيز شعبيته بين المواطنين ورفع مقاعده بشكل نعت بالأرقام القياسية الغير المسبوقة في تاريخ السياسة المغربية، وتوعد ببناء دولة المؤسسات والديمقراطية، لكن سرعان ما تلاشت كل تلك الوعود بمجرد أن وصل الى دائرة الحكم.
إن أهم الإنجازات التي قام بها حزب العدالة والتنمية حسب النائبة البرلمانية أمينة ماء العينين أن الحزب الاسلامي استطاع أن يعطي للمغرب بشكل نسبي حزبا حقيقيا على مستوى التنظيم وعلى مستوى الحضور وعلى مستوى نضالية أعضاءه وحضورهم داخل الميدان وكذا طريقة اشتغالهم، ومن المؤسف أن يفرط المغرب والمواطنين في حزب كحزب العدالة والتنمية، تضيف :” اننا في المغرب لسنا نملك الكثير من هذا الحزب من ناحية البنية الحزبية المغربية التي تعد فقيرة وضعيفة من الأساس، فما بالك إذا فرطنا في حزب يمتلك شعبية كالتي يمتلكها حزب العدالة والتنمية، وتابعت:” إن الحزب القائد للحكومة استطاع أن يعطي نخبا اشتغلت بجدية، بالإضافة كونهم يملكون المصداقية والرغبة في التقدم بالبلاد وتدبير الشأن العام، لكن الحزب نفسه ينقصه تجديد الرؤية وفتح نقاش حقيقي يكون بمثابة وقفة تقييم حقيقية لعشر سنوات من تدبير الحزب للشأن العام بما راكمه من انجازات بالنسبة للبلاد وبالإخفاقات التي اقترفها أيضا.
لقد تمكن بنكيران في الفترة التي قاد فيها الحكومة في الولاية الأولى من فتح الملف الشائك لصندوقي المقاصة والتقاعد، واعتبر العديد أن الخطوة التي أقدم عليها من دعم اجتماعي خاصة بالنسبة للأرامل شكلت خطوة جريئة بحكم الظروف الصعبة التي كانت تمر منها البلاد آنذاك، وفي خطوة أقل جرأة رفع منحة الطلبة بنسب لابأس بها بالرغم من كونها لاتصل إلى التطلعات التي أريدت أن تتحقق باعتبار البحث العلمي أصبح يسير بوثيرة مسرعة، كما أن الحكومة ذاتها وبقيادة الأمين العام ذاته قامت بتمرير مشروع قانون يروم إصلاح صناديق التقاعد المهددة بالانهيار ونفاذ مخزونيتها، فضلا عن رفع الدعم العمومي عن المحروقات ورفع فاتورة الماء والكهرباء على الطبقات الغنية والمتوسطة لغرض انقاذ المكتب الوطني للماء والكهرباء من العجز الذي كان يعيشه.
لقد قرأت بحرا من المقالات التي تحدثت عن هذا الحزب باعتباره حزبا ناضل الى أن وصل إلى باب قيادة الحكومة لولايتين أما عن أهم الإخفاقات التي اعترضته فالخدمات الاجتماعية خير دليل على انه أخفق في أمور عدة، بحيث عرفت تراجعا كبيرا، ففي مجال التعليم مثلا لم تقم الحكومة بأي مجهود بل سعت إلى خصخصة التعليم وأطاحت من قيمة الأستاذ ونهجت سياسة التعاقد التي مازال الأساتذة إلى حد اليوم يطالبون بإسقاطه نظرا لما حمله من هدر وهضم لحقوقهم الطبيعية والمشروعة.
أما مجال الصحة فان الجائحة التي نعيشها حاليا والمتمثلة في كوفيد19 عرت عن واقع قطاع الصحة بشكل غير مسبوق، وأثبتت أن التواصل داخل الحكومة التي يقودها الاسلاميون ضعيف وهذا ما بدا واضحا خلال الفترة الأولى من بداية الجائحة، حيث غاب التواصل مع الشعب وانتشرت العديد من الاخبار الزائفة ما أثبت أن الحكومة عرفت نوعا من التواصل الضعيف بين مكوناتها.
الى جانب هذا، فان الحكومة بقيادة الحزب الإسلامي عملت على الزيادة في أسعار المواد الغذائية وغيرها، ما أدى الى الغلاء في المعيشة، الشيء الذي أثار سخطا وغضبا في صفوف المواطنين خاصة الطبقات الفقيرة والهشة.
إلى جانب نجاحات الحزب واخفاقاته، فالجميع يعلم أن الحزب ذاته حاليا يعيش أزمة خانقة ويعيش على صفيح ساخن في الأشهر الأخيرة بحيث عرف حزمة من الاستقالات في صفوفه، نذكر هنا على سبيل المثال البرلمانية اعتماد الزاهيدي التي التحقت بحزب الحمامة وعددا آخر من المنتخبون البيجيديون، كما عرف مجموعة من الانقسامات خاصة بعد صدمة خطوة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي والذي رفضته وبشدة حركة “التوحيد والإصلاح” الذراع الدعوية للحزب باعتبار أن الحزب ومنذ نشأته يقوم على قاعدة سياسية أساسها رفض التطبيع لدرجة أن نودي بضرورة عقد مؤتمر استثنائي لمناقشة توقيع الأمين العام الحالي على استئناف العلاقات مع تال ابيب، كما كانت مطالب بإقالته من على رأس الحزب ذاته. حتى أن حدث وأن أُثير نقاش ما إذا كان أمر التطبيع سيؤثر سلبا على حظوظ الحزب ذاته خلال الاستحقاقات المقبلة والتي ستجرى صيف 2021، علاوة على ما أثاره مشروع تقنين “القنب الهندي” ورفض بنكيران له، الحدث الذي تلاه تجميد عضويته من داخل الحزب وقطع علاقاته مع عدد من الوزراء والقياديين البيجيديين بذريعة قانون “الكيف”، فضلا عن استقالة القياديين المصطفى الرميد وادريس الازمي وتراجعهما فيما بعد زد على كل هذه الأزمات أن جاء القاسم الانتخابي الذي كان يهدد الحزب وسيضر بمصالحه مستقبلا باعتباره يقوم على احتساب الأصوات على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل الأصوات الصحيحة المعمول بها. هذا ما زاد من احتقان الحزب بعد ان تحالفت أحزاب المعارضة ووحدت صفوفها ما شكل عقبة أخرى جديدة امام الإسلاميون.
ان الحكومة بقيادة حزب العدالة والتنمية لا تعد من أسوأ الحكومات، كما انها في الان ذاته لا تعد أفضل التي مرت على تاريخ السياسة المغربية ورغم نجاحها في أمور نسبية الا أنها لم تستطع أن تفي بالوعود التي قطعتها للشعب المغربي عندما منحها صوته، ولم تساهم في الإصلاح ولم تحارب الفساد ولا الريع كما ادعت بل ساهمت في فقدان الشباب الثقة في الأحزاب مجددا ما قد ينذر بوقوع عزوف سياسي غير مسبوق في الانتخابات المقرر تنظيمها صيف العام الجاري.
إننا لا نتوقع أن يرحل حزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات القادمة في ظل عدم وجود البديل حاليا إلا أننا نأمن من الأحزاب أن تقوم بكامل وسعها ويختار الشعب حزبا يكون له برنامجا وخططا استراتيجية مؤهلة للتطبيق على أرض الواقع، حزب يهتم بمصالح المواطنين بعيدا عن سياسة العصا في العجلة، حزب يكون همه محاربة الفساد وسياسة الريع وربط المسؤولية بالمحاسبة وغير ذلك مما يضمن حقوق وأمن وسلامة المواطنين في بلد يتسع لجميع أبنائه..