مشروع قانون الإضراب.. الحكومة “تحرج” النقابات


أثار مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بشأن تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الذي يُناقَش حاليًا في مجلس المستشارين، جدلًا واسعًا بين مختلف الأطراف المعنية.

 

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    ويمثل هذا المشروع خطوة مهمة نحو تنظيم أحد الحقوق الدستورية للعمال، لكنه في الوقت نفسه يواجه انتقادات شديدة من أغلب النقابات في المغرب والتي ترى فيه تقييدًا للحريات النقابية وحق الإضراب الذي يكفله الدستور المغربي.

     

    ولم ينجح المغرب في صياغة قانون لتنظيم الإضراب رغم أنه تمت الإشارة إليه منذ اول دستور للمملكة سنة 1962، ليظل الورش مؤجلا لعقود.

     

    ويعود تاريخ مشروع القانون الحالي إلى فترة صياغة دستور 2011، الذي نصَّ في الفصل 29 على ضمان الحق في الإضراب كحق دستوري.

     

    لكن الحكومات المتعاقبة لم تبدأ العمل بجدية على صياغة مشروع القانون إلا في عام 2016، حين تمت المصادقة عليه في المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك، قبل أن يُحال إلى الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، حيث جُمِّد بسبب ضغط النقابات التي رفضته بشدة.

     

    وفي إطار جلسات الحوار الاجتماعي سنة 2022، أعادت الحكومة المشروع إلى النقاش العمومي، مع التزامها بمناقشته في إطار هذه الجلسات قبل عرضه في مجلس النواب. وأكدت الحكومة على “ضرورة تنظيم هذا الحق بما يحقق التوازن بين حماية العمال وضمان استمرارية الخدمات الحيوية”.

     

    أهم ملامح مشروع القانون

     

    يتضمن مشروع قانون الإضراب مجموعة من البنود التي تهدف إلى تنظيم ممارسة الإضراب، من بينها:

    تعريف واضح للإضراب: كحق دستوري وأداة مشروعة لتحسين ظروف العمل.

    شروط الإشعار المسبق: إلزام النقابات والعمال بإبلاغ صاحب العمل أو الجهات المعنية قبل فترة زمنية محددة (تتراوح عادة بين 10 و15 يومًا).

    القيود على الإضراب في القطاعات الحيوية: مثل الصحة والنقل والأمن، لضمان استمرارية تقديم الخدمات الأساسية.

    الحماية القانونية للمضربين: منع الفصل أو التعسف بسبب المشاركة في الإضراب، مع تحميل المضربين مسؤولية الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.

    آليات الوساطة والتحكيم: لحل النزاعات الناشئة عن الإضرابات.

     

    ردود فعل النقابات

     

    قوبل مشروع القانون برفض وتحفظ من النقابات وخصوصا الأكثر تمثيلية، التي اعتبرت أن بعض مواده تشكل انتهاكًا لحقوق الشغيلة. ومن أبرز الانتقادات التي وجهتها النقابات:

    القيود المبالغ فيها:

    اعتبرت النقابات أن اشتراط الإشعار المسبق واتخاذ قرار الإضراب عبر تصويت الأغلبية يُعقّد ممارسة هذا الحق ويحد من مرونته.

    - إشهار -

    القيود المفروضة على الإضراب في القطاعات الحيوية تُعتبر بمثابة تعطيل عملي لهذا الحق.

    التشاور غير الكافي:

    أكدت النقابات أن مشروع القانون لم يمر عبر مشاورات واسعة وشاملة، وطالبت بإشراكها في صياغة النصوص القانونية لتحقيق التوازن.

    العقوبات الصارمة:

    انتقدت النقابات النصوص التي تفرض عقوبات مالية أو جنائية على العمال الذين يخالفون شروط الإضراب، واعتبرت أنها تنحاز لصالح أرباب العمل.

     

    الحكومة بين التنظيم والتوازن

     

    من جانبها، تؤكد حكومة عزيز أخنوش أن مشروع القانون يأتي لتنظيم ممارسة الإضراب بما يحقق التوازن بين حقوق العمال واستمرارية العمل والخدمات العامة. وترى أن الإطار القانوني الحالي يعاني من فراغ تشريعي يستوجب تقنينًا واضحًا يحفظ مصالح جميع الأطراف.

     

    مطالب النقابات

     

    في المقابل، قدمت النقابات عددًا من المطالب، من أبرزها:

    مراجعة المواد التي تفرض قيودًا على الحق في الإضراب.

    تعزيز الضمانات القانونية لحماية العمال المضربين من التعسف.

    اعتماد حوار اجتماعي ثلاثي الأطراف يشمل الحكومة، النقابات، وأرباب العمل للوصول إلى صيغة توافقية.

     

    وتجدر الإشارة إلى أن مشروع هذا القانون قوبل برفض واسع من لدن عدد من الفاعلين النقابيين والسياسيين والحقوقيين. وقد نُظِّمت مجموعة من الاحتجاجات بدعوة من “الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد” و”جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب”.

     

    كما نظمت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خلال الأيام الماضية، عدة وقفات وأشكال احتجاجية في مختلف مناطق المغرب. ومن المقرر تنظيم مسيرة وطنية في الرباط يوم الأحد 19 يناير الجاري بدعوة من “جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب”.

     

    ومعلوم أن الإضراب يُعتبر السلاح الأكثر أهمية للنقابات، وأن نزعه منها أو تقييده سيجعلها مجرد “جمعيات عمالية أو مهنية منزوعة الأنياب”. وهناك رأي يعتقد أصحابه أن “الحكومة الحالية تقايض النقابات وقياداتها، من خلال غض الطرف عن تمرير قانون الإضراب والتقاعد مقابل عدم إصدار قانون النقابات”.

     

    ويؤكد بعض المهتمين والمتتبعين أن النقابات، وخاصة تلك التي تحظى بحظور أكبر في القطاع الخاص، لا ترغب أو لا تستطيع “الرد بشكل حاسم وحازم” على هذا المشروع، الذي يعتقد البعض أن تمريره سيكون له انعكاسات كبيرة على عملها في المستقبل، ومن المحتمل أن يخل بالتوازن المطلوب بين أرباب العمل والعمال. الأمر الذي من شأنه أن ينسف أساسًا مهماً من أسس “الدولة الديمقراطية ودولة المؤسسات”.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد