الزهاري: المغرب يعيش ردة حقوقية ويحتاج لسياسيين يقولون “لا”
أكد محمد الزهاري، رئيس فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات بالمغرب، أن البلاد أصبحت تعيش ردة حقوقية واضحة، على الرّغم من أن مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، يرفض الاعتراف بهذا الواقع.
وعلّل النّاشط الحقوقي موقفه بعدد من المعطيات، أبرزها ما يحدث الآن، في مشاريع القوانين التنظيمية المتعلّقة بالانتخابات؛ إذ قال إنها تُحاول الإجهاز على مبدأ “سُلطان الإرادة في التعبير”، موضحا أن تمرير “القاسم الانتخابي الجديد” يعني احتساب المقاطعين للانتخابات رغما عنهم في تقسيم عدد المقاعد، وهو ما وصفه بـ”الاغتيال لإرادتهم السياسية”.
وأضاف الزهاري الذي ترأس في وقت سابق العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، خلال مشاركته في ندوة نظمتها شبيبة حزب “العدالة والتنمية”، اليوم، حول موضوع “الإصلاح السياسي والمؤسساتي وسؤال تطوير منظومة حقوق الإنسان”، أن “القاسم الانتخابي الجديد” يمس بحق المواطنين في اختيار من يمثلونهم داخل المؤسسات.
واعتبر الزهاري أن ما يجري الآن، يبعث على القلق، ويؤكد التراجعات عن بعض المكتسبات الدستورية التي تضمنتها الوثيقة الدستورية لسنة 2011، مشيرا إلى أن هذه التراجعات بدأت معالمها بعد صدور بلاغ الديوان الملكي حول إعفاء عبد الإله بنكيران من التكليف في تشكيل الحكومة بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016.
وأكد المتحدث ذاته، أن المغاربة أمام مرحلة صعبة جدا، وتقتضي اليقظة للحفاظ على المكتسبات، حتى لا تتم العودة إلى الوضعية التي شخصها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة.
وأبرز الناشط الحقوقي أن المغرب يحتاج إلى مسؤولين سياسيين وفاعلين حزبيين يستطيعون قول “لا” في الوقت المناسب، مشدّدا على أن عدم امتلاك الشجاعة لقول كلمة “لا”، يعني أن الوضع سيزداد سوءا.
ولفت الانتباه إلى أن هناك مسؤولين في تاريخ المغرب، سبق أن تجرؤوا وقالوا، ودفعوا الثمن، وهم، بحسبه: عبد الرحيم بوعبيد (رفض الاستفتاء في الصحراء)، ومحمد بوستة (رفض المشاركة في حكومة يوجد ضمنها البصري)، وعبد الرحيم اليوسفي (رفض التراجع عن المنهجية الديمقراطية)، وعبد الإله بنكيران (رفض ترأس البرلمان من حزب حصل على 20 مقعدا).
الدستور والواقع
وضمن المداخلة ذاتها، قال الزهاري إن دستور يوليوز 2011 جاء متقدما إلى حد ما، بالمقارنة مع الوثائق الدستورية السابقة؛ إذ أنه جاء بعناوين حقوقية بارزة، وأصبحنا أمام دستورٍ يتضمن بابا خاصا بالحقوق والحريات (الباب الثاني).
وأضاف لكن هناك فرقا شاسعا بين القانون وما يُمارس في الواقع، معتبراً الممارسة لا تخضع، لرقابة الحكومة التي وُضعت الإدارة رهن إشارتها.
يُشار إلى أن الفصل الـ89 من الدستور يُؤكد على أن الحكومة تعمل تحت سلطة رئيسها (العثماني حاليا)، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين، وعلى أن الإدارة موضوعة تحت تصرّفها.
وأوضح الزهاري، الفرق بين ما جاء في القانون وما يُمارس في الواقع، بما تتعرّض له الحريات العامة، كتأسيس الجمعيات مثلا؛ إذ قال إن المقتضيات القانونية واضحة في هذا المجال، ولا تتطلب غير اتفاق شخصين أو أكثر على تأسيس جمعية، وجمع الوثائق المطلوبة، ووضعها لدى الإدارة مقابل الحصول على وصل “مؤقت” (الفصل الخامس من الظهير المتعلق بحق تأسيس الجمعيات).
وزاد “لكن في الواقع، ترفض الإدارة منح هذا الوصل”، مؤكدا أنه عاش التجربة في ولاية الرباط؛ إذ صادف موظفا يرفض الانضباط للقانون ويعترف أنه يشتغل بالتعليمات.