البكاري: ضعف الأحزاب والنّقابات يُهدّد النظام
بحلول يوم غد السبت 20 فبراير 2021، يكون المغاربة أمام مرور عشر سنوات من تاريخ خروجهم إلى الشوارع، في سياق ثورات الربيع الديموقراطي، مطالبين بـ”إسقاط الفساد والاستبداد”، وهو ما يطرح، علينا اليوم، السؤالين التاليين: ماذا تحقّق خلال هذه الفترة؟ وكيف أصبح الوضع؟
خالد البكاري، محلل سيّاسي وناشط حقوقي، يرى أن الحراك الشعبي لسنة 2011 حقّق مكتسبات مهمة، من ضمنها إجراء انتخابات سابقة لأوانها، والإقدام على تعديلات دستورية جديدة، لكنه، استدرك وقال: إن الإشكال الذي يظل مطروحاً في المغرب، مرتبط بعدم وجود الضمانات.
وأوضح البكاري، في حديث مع موقع “بديل”، أن غيّاب الضمانات الكافية، يقف أمام الانفتاح الديموقراطي للمغرب؛ إذ يتم توسيع هامش الحريات في سياق معين (مثلا 2011)، ويتم تقليصه فيما بعد، إذا ما تغيّرت الظروف.
وأكد الناشط الحقوقي، أن هامش الحرية المساعد على ممارسة الحقوق والحريات، بدأ يتراجع في المغرب، بعد تصاعد الثورات المضادة على المستوى الإقليمي، وبعد تراجع الورقات الحقوقية في الأجندات الخارجية للدول، لافتا إلى أنه يُمكن القول، إن: “الأمور عادت إلى نقطة الصفر الآن”.
وأشار إلى أن الوضع تطبعه الردة الآن؛ إذ أن هناك تراجعا في العمل السّياسي، وفي المقابل تغوّلت السلطوية، وأصبحت المقاربة الأمنية هي المقاربة السائدة في التعامل مع الاحتجاجات، أو في التعامل مع الفاعل السيّاسي، وأحيانا مع الفاعل الاقتصادي.
وعن أسباب الردّة، يقول، البكاري، فبالإضافة إلى تصاعد النماذج السلطوية في العالم (مثلا النموذجين الصيني والروسي)، وما شهدته الدول الإقليمية من حروب واقتتال مذهبي وطائفي بعد 2011، والذي دفع بالنّاس إلى التفكير في الاستقرار أكثر من الحرية والديموقراطية، هناك مسألة تتعلّق بضعف الأحزاب السيّاسية والنّقابات.
ويرى متحدث “بديل” أن ضعف التنظيمات الحزبية والنّقابية، يترك الفراغات، وهو ما يدفع بالسلطة إلى ملئها بالقوة، والسطو على اختصاصات الهيئات المنتخبة، وعلى دور أو عمل الأحزاب. وهذا يؤدي بالسلطة إلى مواجهة الاحتجاجات التي تكون مطالبها اجتماعية بالورقة الأمنية، بدل مواجهتها بالآليات السيّاسية، عبر مؤسسات الوساطة.
وبخصوص ضعف التنظيمات الحزبية والنّقابية، أبرز المحلل ذاته، أن ضعفها مرتبط بما هو ذاتي، وما هو موضوعي؛ الذاتي مرتبط بعدم تجديد النخب، وغياب الديموقراطية الداخلية، أما الموضوعي فمرتبط بالقمع الذي تعرّضت له التنظيمات في مراحل معينة، أو شراء النخب الحزبية، وتحويل العمل السيّاسي من عمل يخدم الصالح العام، إلى عمل يُمكن من التسلق طبقيا.
وقال البكاري إن الضعف الذي تعيشه التنظيمات هو في ظاهره يخدم الدولة، ويخدم السلطة، لأنها أزاحت مجموعة من المنافسين، وعددا من التعبيرات المعارضة الحزبية والنقابية، مضيفا أنه بالمقابل، في عمق الأمر، وعلى المستوى البعيد، أعتقد أنه لن يصب في مصلحة النّظام، لأنه في نهاية المطاف غياب الوساطة أو ضعفها، يمكن أن يجعل من أي انتفاضة أو احتجاج مشكلا كبيرا.
تنفيس الأجواء
وفيما يتعلّق بالملفات المطروحة بقوة في الساحة الحقوقية الآن، المتعلقة باعتقال نُشطاء الحراكات الاجتماعية والصحافيين والمدونين، وما إن كانت هناك إشارات للانفراج السيّاسي، قال المحلل ذاته، لا أرى أن هناك أية إشارة.
وبشأن تطرق البيجيدي الذي يقود الحكومة، في بياناته الأخيرة في الموضوع، فسّر البكاري المسألة بقرب موعد الانتخابات، وبالتصدع الداخلي للحزب الذي خلّفه التطبيع، ويحاول من خلال هذا الموضوع، أن يبحث له عن مصداقية جديدة، قصد تلطيف الأجواء الداخلية.
ويرى البكاري أن مسألة الانفراج السياسي، وإطلاق سراح الصحافيين والمدونين ونُشطاء الحراك، تتجاوز رئيس الحكومة، والبيجيدي، وباقي الأحزاب، مبرزا أن المسألة مرتبطة بقرار سياسي يؤخذ من مركز القرار الحقيقي أي من طرف المخزن والمؤسسة الملكية.
وختم البكاري حديثة بالقول: لكن نتمنى أن يكون هناك انفراجا في البلاد، ونحن لا يُمكننا إلا أن نُصفق له، خصوصا أن الوضع العالمي وحتى الإقليمي مشجع على ذلك؛ إذ أن النظام في الدولة المجاورة بدأ في اتخاذ مبادرات ويُنفّس الأجواء.