“أسباب الرفض”.. الـ CDT تراسل رؤساء مجلس النواب حول “قانون الإضراب”
راسلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل رؤساء الفرق والمجموعة البرلمانية بمجلس النواب، قصد وضعهم “أمام مسؤولياتهم في مناقشة مشروع القانون التنظيمي للإضراب”، الذي أعادته الحكومة للتداول داخل الغرفة الأولى.
وجاء ذلك في أعقاب شروع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، في مناقشة ومدارسة هذا المشروع الذي كانت قد تقدمت به حكومة سعد الدين العثماني سنة 2016.
وأفادت النقابة، ضمن مراسلة اطلع موقع “بديل” على نظير منها، أنها تتوجه لرؤساء الفرق لتؤكد لهم على موقفها الرافض لمشروع القانون التنظيمي للإضراب وتوضيح أسباب ذلك.
وذكّرت الكونفدرالية بـ”تضمن الاتفاق الاجتماعي لـ 30 أبريل 2022، ومحضر تنفيذه الموقع يوم 30 أبريل 2024، التزامات واضحة للحكومة بضرورة التوافق حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب قبل مناقشته في البرلمان”.
وفي وقت سابق انتقدت الكونفدرالية والاتحاد المغربي للشغل عدم التزام الحكومة بمضمون الاتفاق، وبرمجتها للنقاش التفصيلي لمواد المشروع يوم غد الأربعاء 23 أكتوبر الجاري، رغم أنه لم يتم الاتفاق نهائيا مع النقابات على مضامين ومواد هذا المشروع.
وترى النقابة أن ما قامت به الحكومة “يعتبر خرقا لمنهجية التوافق وهروبا إلى الأمام ومحاولة لفرض الأمر الواقع في تجاهل تام لرأي الحركة النقابية وكذلك للرأي الاستشاري للمؤسسات الدستورية التي أحيل عليها المشروع (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان)”.
وتؤكد الكونفدرالية على أن المشروع يخرق مبادئ منظمة العمل الدولية وتوصياتها وإعلاناتها المصادق عليها من طرف جميع الدول الأعضاء وآخرها إعلان الذكرى المئوية للمنظمة الصادر في مؤتمرها بجنيف يوم 21 يونيو 2019.
كما أن المشروع، وفق المصدر ذاته، لا يحترم روح الاتفاقية الدولية 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية الحق النقابي والتي لم يصادق عليها المغرب إلى حد الآن، علما أنها تعتبر إلزامية رغم عدم المصادقة عليها لأنها من الاتفاقيات الدولية الأساسية.
وشددت النقابة على أن المشروع مخالف لأصل دسترته المبني على ضمان هذا الحق وشرعيته التاريخية وضامن لحق ممارسته لكافة المواطنين، وكذلك يتنافي مع المهام الدستورية للنقابات.
وذكرت أن المشروع لم يتضمن ديباجة أو مذكرة تقديمية تؤكد على ضمان الحق في ممارسة الإضراب كحق مضمون دستوريا ومكفول بالتشريعات والمواثيق والاتفاقيات الدولية.
وفيما يلي باقي أسباب رفض المشروع من طرف الكونفرالية:
1. المشروع يعتمد على تعاريف ومفاهيم غير مكتملة وبلغة بعيدة عن البعد الحقوقي وعن تعاريف منظمة العمل الدولية، تسعى إلى منع أو تقييد ممارسة هذا الحق وإلى إضعاف العمل النقابي وتفتح المجال واسعا للتأويل.
2. المشروع يقتصر حق الإضراب في فئة الأجراء بالقطاعين العام والخاص ويقصي فئات عديدة داخل المجتمع مثل المهنيين و الطلبة و العمال المستقلين و غيرهم، و هو ما يتناقض مع ما ينص عليه الدستور في الفصل 29.
3. المشروع قيد بشكل كامل ممارسة حق الإضراب وقلص من مجالاته وجعله جد محدود وبدون تأثير بل منع العديد من أشكال الإضراب إما صراحة وقطعا أو بشكل ضمني وحسب منظمة العمل الدولية فكل أشكال الإضراب مشروعة بما فيها الإضراب السياسي والتضامني مادامت تحافظ على الطابع السلمي كما اعتبرت أن منع الإضراب أو عرقلته يعتبر منعا لحق ممارسة الإضراب ويقلل من الوسائل المتاحة للنقابة من أجل الدفاع عن مصالح أعضائها ومنخرطيها ويعد تقييدا لحقها في تنظيم أنشطتها وهو ما يخالف مبادئ الحرية النقابية.
4. يؤسس المشروع لمسطرة معقدة وتعجيزية لقرار الإعلان عن الإضراب ومسطرة التبليغ تجعل القيام بإضراب شرعي أمرا مستحيلا، ويعمل المشروع على فرض شروط مطولة وشاقة تسبق الإضراب للتفاوض والمصالحة والتحكيم بحيث يصعب الدعوة إلى إضراب قانوني.
5. إضافة إلى اعتماد المشروع على إجراءات تعقيدية إلى حد استحالة ممارسة الحق في الإضراب فقد ذهب بعيدا في ممارسة التخويف والترهيب وتهديد الأجراء بإضافة إجراءات تستهدفهم بشكل مباشر ماديا وقضائيا بالعقوبات الجنائية الأشد والتعويض عن الخسائر المادية، وتعتبر منظمة العمل الدولية هذه الإجراءات قيدا على إمكانية ممارسة النقابات مهامها في الدفاع عن حقوق الأجراء وقيدا على إحدى أهم الوسائل المتاحة للعمال في الدفاع عن مصالحهم وتؤكد على ضرورة حماية العمال من هذه الإجراءات التعسفية ( العقوبات، السجن، التعويض عن الخسائر- العمل القسري …) حيث لا يجوز إطلاقا تطبيق عقوبات جنائية على العمال الذين يشاركون في الإضراب.
6. ينحاز المشروع للمشغل حيث يجعله يملك السلطة الإدارية والتنفيذية بالمقاولة، كما يملك ويتحكم في السلطة التنظيمية والتشريعية ويملك في نفس الوقت السلطة التأديبية. وهكذا أعطى المشروع للمشغل كل هذه السلط في مجال ممارسة حق الإضراب ومن خلالها يتم الحد منه أو المنع أو إضعاف تأثيره، كما وضع السلطة العمومية والسلطة القضائية تحت تصرفه.
7. يفتح المشروع مجالا واسعا لتدخل السلطة العمومية في ممارسة حق الإضراب كتعليق الإضراب لمّا يتعلق الأمر بالخدمات الأساسية، وتؤكد منظمة العمل الدولية في هذا الصدد أنه لا يجوز أن تلجأ السلطات إلى هذه الإجراءات إلا في الحالات التي تهدد القانون تهديدا خطيرا ويعتبر استخدام أجهزة الأمن لإنهاء الإضراب انتهاكا للحقوق النقابية.
8. كما أن اعتماد السلطة العمومية الإكراه من أجل استمرار المرافق العمومية كما ورد في المشروع يدخل في نطاق العمل الجبري ويعتبر خرقا للاتفاقيتين الدوليتين 29 و105 الأساسيتين المصادق عليهما من طرف المغرب.
9. المشروع عمل على توسيع غير مبرر للفئات والقطاعات التي يحرمها ويمنعها من حق ممارسة الإضراب بشكل كلي مع العلم، حسب منظمة العمل الدولية، أن ممارستها الإضراب لا يهدد بشكل أساسي وآني الصحة والسلامة والأمن ومن جهة أخرى دون أن يكون هذا المنع مصحوبا بالضمانات التعويضية التي تمكنهم من الدفاع عن حقوقهم المهنية والاجتماعية بشكل فعال وسريع مع الجهات والسلطات المختصة.
10. يؤكد المشروع أن حرية العمل مضمونة للأجراء غير المضربين وبالمقابل يمنع المضربين من احتلال أماكن العمل خلال مدة سريان الإضراب لكن لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية تشير إلى مشروعية الاعتصام سلميا في أماكن العمل ودعوة العمال الآخرين للانضمام للإضراب، كما اعتبرت استخدام عمال من خارج المنشأة ليحلوا محل العمال المضربين اعتداء على حق الاضراب والحرية النقابية.
وطالبت النقابة، رؤساء الفرق بـ “إعطاء مشروع القانون التنظيمي للإضراب الأهمية التي يستحقها ومطالبة الحكومة بإعادته لطاولة الحوار الاجتماعي من أجل التوافق حول مضامينه بما يتلاءم مع الدستور والمواثيق الدولية. خاصة أن بلادنا تنتظرها تحديات كبرى في المجال الاجتماعي ذات أولوية قصوى مثل ارتفاع مستويات الفقر والبطالة وغلاء الأسعار والفساد، وعلى مستوى توسيع مجال الحريات وضمنها الحريات النقابية وفي قلبها الحق في الاضراب”.