لزرق: التحول الديمقراطي في الجزائر هو المدخل لحل قضية الصحراء المغربية
لازالت تداعيات بلاغ وزارة الخارجية الجزائرية بخصوص دعم باريس لمقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية الذي تقدمت به الرباط مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصا بعد إقدام هذه الأخيرة على سحبه من التداول، وعقب رفض الجهات الرسمية في المغرب وفرنسا التعليق على فحوى البلاغ وتأكيد أو نفي مضمونه.
ويوم الخميس 25 يوليوز الجاري، أعلنت وزارة الخارجية أن الحكومة الجزائرية أخذت علما، بـ”أسف كبير واستنكار شديد، بالقرار غير المنتظر وغير الموفق وغير المجدي الذي اتخذته الحكومة الفرنسية بتقديم دعم صريح لا يشوبه أي لبس لمخطط الحكم الذاتي المغربي بالصحراء”.
وأضاف بلاغ لوزارة الخارجية الجزائرية أن “السلطات الفرنسية أبلغت نظيرتها الجزائرية بفحوى هذا القرار”.
ومعلوم أن قضية الصحراء المغربية هي واحدة من الملفات “المشتعلة” بين المغرب وحكام قصر المرادية، ويعمل النظام الجزائري، الذي يسيطر عليه العسكر، بكل قوته لتقويض أي محاولة لوضع حل نهائي لهذه الأزمة التي عمرت لعقود، حيث يعتبر الكثيرون أن إدامتها يوفر “الاوكسجين” الضروري لاستمرار قادة الجيش في التحكم في مفاصل الحكم.
وفي نفس السياق أكد رئيس مركز شمال افريقيا للدراسات والابحاث رشيد لزرق، أن “التحول الديمقراطي في الجزائر هو المدخل لحل قضية الصحراء المغربية في ظل تحولات جيوسياسية عميقة تشهدها المنطقة”.
وأوضح لزرق، ضمن تصريح لموقع “بديل”، أن “هذه القضية، التي عمّرت طويلاً، بدأت تشهد تحولات جديدة في ظل المتغيرات السياسية الداخلية في الجزائر”.
واعتبر الخبير والأستاذ الجامعي أن “العسكر في الجزائر، بنخبته الشائخة، من خلال تمسكه بالبقاء يرفض التغيير وإعادة تقييم السياسات وبناء مرحلة التنمية عبر تقييم السياسات، ومن بينها السياسة الخارجية”.
وشدد على أن “تغيير الموقف من قضية الصحراء المغربية قد يفتح آفاقاً جديدة للحوار والتفاوض مع المغرب، واعتماد مقاربات تنموية لحل النزاع”.
وفي وقت سابق، أشارت بعض التقارير الاقتصادية على أن تكلفة “سوء التفاهم” بين المغرب والجزائر تتراوح بين 1.5٪ و 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد على حدة.
ويرى لزرق أن “تحسن العلاقات بين الجزائر والمغرب، كنتيجة محتملة للانتقال الديمقراطي، قد يساهم في خلق مناخ إقليمي أكثر استقراراً وانفتاحاً للحلول الدبلوماسية، مما قد يؤدي إلى التوصل لحل توافقي لقضية الصحراء المغربية”.
وتابع، “صحيح أن التحول الديمقراطي في الجزائر يبقى عملية معقدة وطويلة الأمد، وتأثيرها على القضايا الخارجية قد لا يكون فورياً أو مباشراً”. موضحا إن “أي تغيير في الموقف الجزائري تجاه قضية الصحراء المغربية سيحتاج إلى موازنة دقيقة بين المصالح الوطنية والالتزامات الإقليمية والدولية”.
واعتبر لزرق، ضمن التصريح ذاته، أن “التحول الديمقراطي في الجزائر قد يفتح فرصاً جديدة لمعالجة قضية الصحراء المغربية”. مستدركا، “مع ذلك، فإن النتيجة النهائية ستعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك طبيعة وعمق التحول الديمقراطي، والديناميكيات الإقليمية، والضغوط الدولية”. مؤكدا أن “هذا قد يعزز فرص السلام والاستقرار في المنطقة ككل”.
وتشهد علاقات البلدين أزمة دبلوماسية متواصلة، تعمقت بعد قطع الجزائر علاقاتها مع الرباط صيف العام 2021، متهمة الأخيرة باقتراف “أعمال عدائية” ضدها، الأمر الذي نفته الرباط بشدة معربة عن أسفها للقرار الجزائري ورفض “مبرراته الزائفة”.