تقرير “مركز شمال إفريقيا”: الفراغ السياسي واستعادة دور المعارضة
في ظل الظرفية الدولية المعقدة وغياب اليقين الاستراتيجي الذي يواجهه المغرب، يبرز خطر الفراغ السياسي واستقالة المعارضة، بفعل ترهل البدائل التي تطرحها، وانزياحات عن ماهية النسق الدستوري الوطني، وهذا أكبر تهديد لتقوية المؤسسات وفعالية السياسات العمومية للحكومة.
إن هذا الموضوع غير العادي يفرض تفكيكًا عميقًا لفهم أسبابه وتداعياته على المجتمع ككل.
أولًا، الفراغ في المشهد السياسي:
من المسلم به أن الفراغ السياسي يحدث عندما تفشل القوى الحزبية في تشكيل حكومة فعالة أو عندما تتعطل آليات صنع القرار. هذا الوضع يمكن أن ينتج عنه:
– أزمات سياسية واجتماعية حادة، وتعطيل تنزيل الإصلاحات الضرورية مما يفتح المشهد على احتمالات عدة من بينها انفجار الشارع غير المؤطر بسبب التخبط في تنزيل المخططات الاجتماعية.
فهناك خطورة في الأزمة السياسية والاقتصادية التي نمر بها، في ظل عجز المعارضة عن التنسيق فيما بينها بسبب الانقسامات الشخصية بين قياداتها. مما ينعكس في عدم القدرة على التوافق حول كيفيات إرغام الحكومة على الإنصات لها.
ثانيًا، إشكالية المعارضة:
لا يختلف اثنان في كون هناك حالة تخبط داخل المعارضة البرلمانية، وعجز عن القيام بأدوارها الدستورية في العملية السياسية، الوضع الذي تسبب فيما نعاينه اليوم والمتجلي بالأساس في ضعف الرقابة على أداء الحكومة. في المقابل هناك مزايدات على بعضها البعض من خلال طرح ملتمس رقابة في الوقت الذي هي غير قادرة فيه على تفعيل باقي الأدوات الرقابية، الأمر الذي ينعكس على غياب طروحاتها وتأثيرها على السياسات العمومية، وخلل مؤسساتي في ترجمة التعددية السياسية.
هذا الأمر له تأثير مباشر على المؤسسات المنتخبة:
يتجلى ذلك في ضعف مشروعية المؤسسات المنتخبة مما يقوي شعور عدم ثقة المواطنين في هذه المؤسسات.
كما أن ذلك ينعكس على بطء وتيرة تنزيل الإصلاحات.
وساهم ذلك في سيطرة الأغلبية الحكومية على المؤسسات المنتخبة دون رقابة إدارية وسياسية كافية، مما يقوي الانطباع بأن هناك ضعفًا في ربط المسؤولية بالمحاسبة.
هذا التشخيص يلامس ضرورة تجاوزه من خلال التزام بين مختلف القوى السياسية بغية ملاءمة قانون الأحزاب مع الدستور.
طرح النقاش حول إصلاح المنظومة الانتخابية بغية تحقيق العدالة والنجاعة.
إعمال الديمقراطية التشاركية لتشجيع المشاركة المكثفة في العملية السياسية.
إن هذا الفراغ السياسي يقتضي ضرورة ملئه من خلال قيام المعارضة بأدوارها المؤسساتية، لأن في ذلك تقوية للمؤسسات وتوطيدًا للديمقراطية، وهذا الأمر يتطلب قيادات تتحلى بحس وطني لضمان التنزيل الأمثل للدولة الاجتماعية.
“تقرير مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية”