لهيب الأسعار يكوي.. تجدد جدل قروض رمضان


يبدو أن لهيب الأسعار أحرق جيوب المغاربة خصوصا في ظل ارتفاع وتيرة المصاريف خلال شهر رمضان الذي يعتبر ذروة الاستهلاك خلال السنة.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وهكذا وجدت العديد من الأسر نفسها مضطرة إلى الاقتراض حتى تتمكن من مسايرة تلك الوتيرة، خصوصا أن تخفيض النفقات أصبح مهمة شبه مستحيلة.

    وبهذا الصدد كشف مصدر موثوق من قلب إحدى مؤسسات القروض، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الإقبال على قروض الاستهلاك ارتفع بوتيرة كبيرة منذ بداية رمضان.

    كما أضاف في اتصال مع “العربية.نت” أن “فريق العمل تفاجأ بارتفاع إيقاع طلبات القروض ما فرض عليه ساعات عمل طويلة”. وتابع قائلا “يحدث أن ترتفع الطلبات خلال مواسم محددة من السنة، كالدخول المدرسي، وعيد الأضحى أو بالتزامن مع العطل المدرسية، وأحيانا خلال رمضان، لكن الملاحظ هذه السنة أن الإقبال كبير جدا على قروض الاستهلاك بالمقارنة مع مواسم سابقة”.

    “تقليل الاستهلاك”

    أما عن رأي الدين في الاقتراض من البنوك لتغطية نفقات الشهر الفضيل، فقال رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة لحسن بن إبرهيم سكنفل إن “رمضان هو شهر الصيام وهو مناسبة للتقليل من الاستهلاك وليس لزيادته”.

    كما رأى أن “العادات المرتبطة بالإفطار فيها نوع من الإسراف، وهذا مجانب للغاية من الصيام”.

    إلى ذلك، اعتبر المتحدث أن الاقتراض لهذه الغاية أمر مجانب للصواب، إلا إذا كان للأمور الضرورية خصوصا مع ارتفاع الأسعار وقلة ذات اليد.

    في المقابل أجاز رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة” اللجوء للقروض في حالة لم يجد المؤمن ما ينفقه على نفسه وعلى أسرته من الأمور الضرورية وليس الكمالية، ولا يجد من يستدين منه لقضاء تلك الحاجات الضرورية من الأكل والشرب فيجوز له الأخذ من هذه القروض الاستهلاكية بالقدر الذي يدفع عنه الحاجة”.

    بين الحاجة والتباهي

    من جهتها، قالت “عفاف ب” وهي موظفة وأم لثلاثة أطفال، إنها اضطرت لطلب قرض من البنك لأنها لم تتمكن من تأمين جميع النفقات التي تفرض نفسها خلال الشهر الفضيل”. وأوضحت في تصريح نقلته “العربية.نت” أن ارتفاع وتيرة الاستهلاك التي تتزامن مع الزيارات العائلية والصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي جعلتها تشعر بالتقصير في الانفاق على أسرتها.

    إلا أنها أكدت في الوقت عينه أنها لم ترغب في إثقال كاهل زوجها بمصاريف إضافية لتحضير مائدة إفطار تليق بشهر رمضان فكان لا بد لها من الاستدانة، خصوصا أنه لا يمكنها أن تطلب من معارفها هذا المعروف، وفق قولها.

    - إشهار -

    كما أشارت إلى أن أغلب من تعرفهم لجأوا كذلك لطلب قروض الاستهلاك.

    ولتفسير انتشار هذه الظاهرة، أوضح الدكتور جواد مبروكي، وهو طبيب نفسني وخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي، أنها ظاهرة جديدة على المجتمع المغربي، لم تكن موجودة قبل عشر أو عشرين سنة، حيث كان رمضان شهرا روحانيا ينقطع خلاله الناس شيئا ما عن المأكولات، ويستهلكون ما هو بسيط ومتواضع.

    تغيير في السلوك والعادات

    وقال “لاحظنا تغيرا في السلوك الاستهلاكي للفرد المغربي من سنة إلى أخرى بالنسبة للاحتفاء برمضان حيث لم يعد روحانيا فقط وإنما أصبح احتفاء اجتماعيا جديدا على المجتمع يتجلى من خلال تبادل الزيارات وتنظيم موائد الإفطار”.

    كما أضاف “في الماضي كانت زيارة العائلة في رمضان سلوكا مخجلا ومعيبا، وكان معروفا أن استقبال الزوار خلال هذا الشهر يقتضي مجهودا كبيرا إلا للضرورة، أما اليوم فقد أصبحت الدعوات متبادلة حول مائدة الإفطار ومناسبة اجتماعية إجبارية بالنسبة للعلاقات، ولكنها في نفس الوقت تتطلب مصاريف كبيرة تجعل الشخص يتجاوز ميزانيته مما يضطره لطلب سلفة أو قرض.

    وعزا مبروك أسباب الإقبال بكثرة على قروض الاستهلاك خلال الشهر الفضيل إلى التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعج بالصور المثيرة والجميع يود التباهي بمائدته، ودعوات الإفطار الباذخة فيها ما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات، حتى أصبحنا نرى أن هناك نوعا من المنافسة حول غنى وتنوع موائد الإفطار.

    إلى ذلك رأى أن “الأطفال هم المتحكمون اليوم في مضمون المائدة حيث صاروا متطلبين جدا فيما يشتهون”، معتبرا “أننا نعيش اليوم عصر الطفل الملك، وبالتالي كل طلباته مستجابة، خصوصا أن الوالدين لا يودون أن يعيش أطفالهم نفس الحرمان الذي عاشوه”. وأردف قائلا: “هذا هو الفخ الذي يقعون فيه ويدفعهم إلى تجاوز مقدراتهم المادية في سبيل تحقيق مائدة إفطار مثالية، مما يؤدي الى ارتفاع النفقات ومن ثمة السلف والاقتراض من البنوك التي تفرض نسبة فائدة مرتفعة جدا”.

    جدير بالذكر أن بنك المغرب أفاد في تقرير سابق، أن مؤشرات الوضعية المالية للأسر تواصل تراجعها إلى منحنيات خطيرة، إذ قفزت قيمة القروض معلقة الأداء بذمتها لفائدة البنوك إلى 38.7 مليار درهم، أي 3870 مليار سنتيم.

    وعلى الرغم من ارتفاع معدلات الفائدة البنكية على القروض، خصوصا الاستهلاكية، في علاقة مع زيادة معدل الفائدة الرئيسي من قبل بنك المغرب؛ فإن الأسر ما زالت في مسار تصاعدي ضمن مسلسل الاقتراض من أجل تمويل الاستهلاك، إذ قفزت قيمة القروض التي حصلت عليها بنهاية السنة الماضية إلى 57.4 مليار درهم، أي 5740 مليار سنتيم، بزيادة سنوية نسبتها 0.5 في المائة مقارنة مع 2022.

    في حين كشفت إحصائيات صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط أن 59.8 في المائة من الأسر اعترفت بتدهور وضعيتها المالية خلال الـ12 شهرا الماضية.

    المصدر: “العربية.نت”

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد