بينها العلاقات مع المغرب… ملفات دقيقة تنتظر الرئيس الإسباني الجديد
يرتقب أن يصطدم زعيم “الحزب الشعبي” اليميني ألبرتو نونيز فيخو بملفات ثقيلة الوزن وبالغة الحساسية في حال ظفره بالانتخابات التشريعية المبكرة التي تجري اليوم الأحد 23 يوليوز الجاري.
وعلى رأس تلك القضايا التي تستأثر باهتمام نخبوي وشعبي مكانة مدريد داخل الاتحاد الأوروبي والحفاظ على التوازن في علاقاتها مع البلدان المغاربية، خاصة المغرب والجزائر.
ومع اقتراب الانتخابات الأوروبية المقررة في 2024، سيشكل فوز اليمين في رابع أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، بعد انتصاره في إيطاليا العام الماضي، ضربة قاسية لأحزاب اليسار الأوروبية.
من جانب آخر، سيتوجب على زعيم “الحزب الشعبي” الذي رجحت استطلاعات الرأي فوزره بانتخابات الأحد تثبيت نفسه على الساحة الدولية خصوصا أنه لا يتقن الإنكليزية وليس لديه خبرة كافية في السياسة الدولية وفق خبراء.
لا يتمتع فيخو البالغ من العمر 61 عاما، والذي يتزعم حزبه منذ عام، “بخبرة طويلة في السياسة الدولية”، حسب ما قال كبير المحللين في معهد “ريال إلكانو” للشؤون الدولية والدراسات الاستراتيجية إيغناثيو مولينا.
توحي حملة فيخو الانتخابية، وفق المحلل، بأنه “يريد بث رسالة مفادها أنه لن يجري تغييرات في السياسة الخارجية، سواء على صعيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي أو الدفاع عن مصالح إسبانيا”.
يؤكد برنامج “الحزب الشعبي” أن حكومة فيخو ستحافظ على “الدعم العسكري والاقتصادي والإنساني” لأوكرانيا “طالما كان ذلك ضروريا”، بالإضافة إلى “تأييد العقوبات ضد روسيا”.
ويؤكد “الحزب الشعبي” أيضا عزمه على زيادة الميزانية العسكرية للبلاد إلى 2% من إجمالي الناتج المحلي.
“تعزيز مكانة إسبانيا داخل الاتحاد الأوروبي”
لكن الملف الأساسي بالنسبة لفيخو، وفق مولينا، سيكون “تعزيز مكانة إسبانيا داخل الاتحاد الأوروبي” أي “تعزيز نفوذ إسبانيا” الذي زاد مع رئيس الوزراء الاشتراكي المنتهية ولايته بيدرو سانشيز، خصوصا أن مدريد نشطت أكثر على الساحة الأوروبية في السنوات الأخيرة.
وقالت وزيرة الاقتصاد الإسبانية ناديا كالفينيو في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الشهر الماضي “رفعنا صوت إسبانيا إلى مستوى يختلف عما كان عليه في الماضي”. وأضافت “تحتل إسبانيا حاليا مكانة رابع اقتصاد أوروبي، ولم يكن ربما الحال كذلك في الماضي”.
سيتوجب على فيخو في حال فوزه في الانتخابات الذي من شأنه أن يجعله رئيسا لمجلس الاتحاد الأوروبي، طمأنة بروكسل بشأن الملفات البيئية أو الاجتماعية، فيما حليفه المحتمل حزب “فوكس” (الصوت) اليميني المتشدد معروف بمواقفه المتشككة في مسؤولية الإنسان في التغير المناخي.
بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، سيتوجب على حكومة فيخو أن تولي اهتماما كبيرا لملف العلاقات مع الجزائر والمغرب.
تحسنت العلاقات بين إسبانيا والمغرب مذ قررت مدريد في مارس 2022، تأييد موقف الرباط من الصحراء المغربية، ما وضع حدا لأزمة دبلوماسية بين البلدين امتدت عاما.
ولقيت هذه الخطوة التي أنهت عقودا من الحياد في مدريد بشأن وضع المستعمرة الإسبانية السابقة، انتقادات من مكونات سياسية محلية مختلفة، باستثناء المعسكر الاشتراكي الذي ينتمي إليه سانشيز.
“وسائل ضغط”
أدى هذا الانعكاس في الموقف إلى تجميد العلاقات بين مدريد والجزائر، وهي الداعمة الرئيسية للبوليساريو، لا سيما على الصعيد التجاري.
انتقد “الحزب الشعبي” قرار سانشيز في مارس 2022 بشدة. ويتعهد الحزب اليميني في برنامجه الانتخابي بـ “الدفع نحو علاقة متوازنة مع دول المغرب العربي”.
في مقابلة مع صحيفة “لا فانغارديا”، اتهم وزير الخارجية المنتهية ولايته خوسيه مانويل ألباريس “الحزب الشعبي” بالرغبة في “عودة مقلقة إلى مواقف معادية للمغرب”.
وسيكون “من الصعب جدا” بالنسبة لفيخو “تغيير” سياسة مدريد الحالية، لأن “المغرب لديه وسائل ضغط تفسر جزئيا تغير موقف سانشيز”، بحسب مولينا الذي أشار إلى تراجع الهجرة غير النظامية إلى إسبانيا منذ قرار مدريد تأييد موقف الرباط العام الماضي.
ويعتبر مولينا أن حكومة فيخو “ستهذب ما قاله سانشيز”، لكنه لا يعتقد “أنه سيحدث تصحيحا علنيا للموقف، لأن المغرب سينظر إلى ذلك على أنه استفزاز”.
مع ذلك، سيكون التحدي الأكبر بالنسبة لفيخو الذي أمضى الجزء الأكبر من مسيرته السياسية في منطقة غاليسيا شمال غرب البلاد، تحديا على المستوى الشخصي، إذ لم يسبق أن اهتم بالسياسة الدولية بشكل خاص ولا يجيد الإنكليزية.
ويقول مولينا “سيشكل هذا الفوز تحديا سياسيا وشخصيا مهما جدا” بالنسبة لفيخو، مضيفا “سيتوجب عليه أن يتعلم ويقرر ما إذا كان يريد إدارة السياسة الخارجية بنفسه” كما فعل سانشيز.