حرب أوكرانيا والجفاف والتضخم.. تحديات تربك الحكومة المغربية
شكل التضخم والجفاف وتداعيات حرب أوكرانيا، تحديات كبيرة للحكومة المغربية، التي تواجه حتى اليوم ارتفاعات مشطّة في الأسعار، وأثرت على قدرة المستهلكين الشرائية.
وأعلنت الحكومة المغربية، في 18 مايو الجاري، عزمها إقرار اعتمادات مالية إضافية بموازنة 2023 (ملحق موازنة)، لدعم قطاعات السياحة والماء وتأمين دعم أسعار الكهرباء ومواجهة التضخم.
وقال الوزير المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أمام أعضاء لجنة المالية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي): “نسجل منحى إيجابيا في تدبير مداخيل 2023، مما يسمح لنا بمواجهة مجموعة من الاختلالات، من خلال إقرار اعتمادات إضافية هذا العام، تصل 10 مليارات درهم (نحو مليار دولار)”.
وأطلق المغرب في 10 مايو الجاري، خطة عمل لمكافحة آثار الجفاف، بالنظر إلى الوضع المناخي والمائي الذي أثر هذه السنة بشكل سلبي على سير موسم الفلاحة وتوفر المراعي.
وأعطى العاهل المغربي، تعليماته للحكومة لتفعيل الإجراءات العاجلة لبرنامج مكافحة آثار الجفاف، وفق بيان للديوان الملكي صدر آنذاك.
ووفق البيان، فقد تم تخصيص اعتمادات إضافية لرفع إجمالي ميزانية البرنامج الوطني إلى 143 مليار درهم (15 مليار دولار)”.
وتمت المصادقة على تدشين سدود جديدة، ومعاينة تكاليف حوالي 20 سدا يتوقع إنجازها، والتي ستتمكن من رفع قدرة التخزين إلى 6.6 مليارات متر مكعب من المياه العذبة”.
واقع اقتصادي صعب
وقال خبير اقتصادي مغربي للأناضول، إن بلده “يعيش حاليا وضعا اقتصاديا صعبا لم يشهده منذ 20 سنة”.
وأوضح رشيد أوراز، وهو باحث رئيسي في المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن “هناك ثلاث أزمات مركبة ومتداخلة خلفت وضعا اقتصاديا صعبا بالمغرب”.
وقال أوراز: إن الأزمة الأولى التي يعرفها بلده، “ترتبط بسنة جفاف، والثانية بالتضخم، وهي موجة عالمية وليست مغربية 100 بالمئة”.
بينما تتعلق الأزمة الثالثة بـ”تأثيرات أزمة كورونا على سلاسل الإنتاج المحلية”.
ويعتقد الخبير المغربي أن “موارد الدولة لا تكفي نسبيا لمواجهة كل التحديات، وهناك بطالة مرتفعة بفعل تراجع الاستثمار منذ 2020، وتراجع القدرة الشرائية لمختلف الشرائح الاجتماعية”.
وزاد: “نعرف معدلات تضخم غير مسبوقة أثرت على سوق الاستثمار، وبالتالي هناك بطالة مرتفعة يصاحبها تدني مستوى النمو الاقتصادي”.
ارتفاع الأسعار
وتباطأ معدل التضخم السنوي في المغرب إلى 7.8 بالمئة خلال أبريل 2023، مقارنة مع 8.2 بالمئة في مارس السابق له، إلا أنها تبقى نسبة تفوق مستهدف البنك المركزي البالغ 2 بالمئة.
واعتبر الخبير المغربي أن “التضخم أدى إلى تأثيرات متباينة على الأسعار والخدمات المختلفة، وللأسف الشديد كان تأثيره كبيرا على أسعار المواد الغذائية”.
“التضخم يشكل مشكلة حقيقة، لأنه أثر على مختلف الفئات الاجتماعية المغربية، وخاصة الطبقات الوسطى ومحدودي الدخل، ومن يشتغلون في القطاع غير المنظم، وأيضا المقاولات الصغرى”.
وبلغت نسب التضخم مستويات قياسية في العديد من الدول، ففي الولايات المتحدة الأمريكية، سجلت أسعار المستهلك قمة 4 عقود في يونيو/حزيران 2022 عند 9.1 بالمئة، قبل أن تتباطأ قرب 5 بالمئة في أبريل الماضي.
مستورد أو محلي
واختلفت آراء الحكومة المغربية والبنك المركزي، بخصوص مصدر التضخم الذي يعرفه البلد.
ويعتقد أوراز: أن “التضخم كان مستوردا في البداية، لكن ساهم في تسريعه التضخم المحلي، لوجود سياسات سابقة كانت تدفع في اتجاه خفض معدلات الفائدة والرفع من الكتلة النقدية من أجل تشجيع الاستثمار”.
وزاد: “بنك المغرب يقول إنه يجب أن يحافظ على حقوق المستثمرين الأجانب، الذين يستثمرون أموالهم في المغرب، في ظل وضعية تعرف تحكما في نسب التضخم، وأي تسامح مع ظاهرة التضخم يهدد مصالحهم”.
وتابع: “في نفس الوقت هناك رأي للحكومة يقول بأن رفع نسب الفائدة، سيؤدي إلى فرملة عجلة الاستثمار وخلق نسبة البطالة”.
معدل الفائدة
وخلال مارس الماضي قرر البنك المركزي المغربي رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 3 بالمئة صعودا من 2.5 بالمئة، في محاولة لفرملة التضخم المرتفع.
وكان البنك المركزي خفض سعر الفائدة مرتين في 2020، الأولى في مارس بمقدار 100 نقطة أساس إلى 2 بالمئة، والثانية في يوليو من العام نفسه بمقدار 50 نقطة أساس إلى 1.5 بالمئة.
وفي 27 شتنبر الماضي، رفع المركزي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، ثم رفع مجدد خلال دجنبر الماضي بمقدار 50 نقطة أساس.
وأردف أوراز: “الحكومة تعتقد أن رفع معدل الفائدة سيؤدي إلى عرقلة الاستثمار وخلق البطالة، لكن واقع الحال يؤكد أن الاستثمار محدود والبطالة موجودة”.
وتابع الخبير الاقتصادي: “تأثير السياسة النقدية في المغرب يكون طفيفا وهامشيا، وفي نهاية المطاف البنك المركزي يتمتع بالاستقلالية وله قراءته للوضعية النقدية”.
الأناضول