ملاحظات حول الحكم على ثلاث مغتصبين لطفلة قاصر


أثار الحكم الجد مخفف على ثلاث رجال تناوبوا بكل وحشية وسادية على اغتصاب طفلة قاصر، عمرها 11 سنة، -اغتصاب نتج عنه حمل والأكيد أضرار مادية جسدية ونفسية ستبقى مرسومة في ذاكرتها وجسدها للأبد-، موجة من الاستنكار وردود الفعل المتفاوتة، وأود أن أشير باعتباري مدافع عن حقوق الإنسان ومتابع للعديد من قضايا البيدوفيليا إلى ما يلي:

  • أنه في هذه النازلة، فالأمر يتعلق بتكوين عصابة إجرامية وجب متابعتها بجناية في هذا الشق طبقا للقانون الجنائي.
  • أن القانون الجنائي المغربي لازال متخلفا مقارنة بالمواثيق الدولية لحقوق الانسان؛ ذلك أنه لازال ينص في فصوله على الاغتصاب المقرون بالعنف، والاغتصاب بدون عنف، في حين أن الاستغلال الجنسي والاستعمال الاستغلالي الجنسي للقاصر واغتصابهم يعد عنفا بينا، فاتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الملحق بها المتعلق بحظر الاستغلال الجنسي يقران بذلك. وأن الاجتهاد القضائي وفق القانون المقارن يعتبر كل اغتصاب عنف، وبالتالي فالحديث عن الاغتصاب بدون عنف قد يفهم التوجه نحو التخفيف في الأحكام.
  • أن البحث والتحقيق في قضايا الاستغلال الجنسي للقاصرات والقاصرين، وحتى جلسات المحاكمة يتم دون حضور اخصائيين في علم النفس، والمساعدات الاجتماعيات، وشرطة وقضاء مكون لهذه الغاية.
  • للأسف لازال بعض القضاة يطرحون إمكانية زواج القاصر من مغتصبها، خاصة إذا كان عمرها بين 15 سنة و18 سنة، مما يجعلنا نتساءل عن مصير تعديل الفصل 475 من القانون الجنائي المتعلق بذلك وبزواج القاصرات، وتحضرني هنا قضية أمينة الفيلالي من العرائش واستشهادها رفضا لإعادة اغتصابها مرات وذلك برفضها الزواج من مغتصبها.
  • للأسف الشديد لازال بعض القضاة يتعاملون بالعقلية السائدة داخل المجتمع ولا يحترمون القانون المحلي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فبعض القضاة للأسف ينظرون للقاصرة، خاصة إذا كانت فتاة عمرها 15 سنة فما فوق مشاركة في الفعل وأنها قبلت برضاها الاغتصاب.
  • ضعف سلطة الردع القانوني بإصدار أحكام مخففة، مما يشجع حالات العود والتمادي في استغلال القاصرات والقاصرين جنسيا.
  • إصدار بعض الأحكام بالبراءة في حق المشتبه فيهم بدعوى عدم توفر الأدلة. ولنفترض أن المشتبه فيه الذي مثل أمام القضاء بريء، فأين الحقيقة وأين الفاعل المحتمل خاصة إذا توفرت أدلة الاغتصاب العلمية من شواهد وخبرة طبية تؤكد وجود الفعل المادي للاغتصاب.
  • هناك أشكال آخر يتعلق بتنازل الطرف المدني خاصة أسرة الضحية، وقد وقفنا على حالات فيها المشتكى فيه أما مواطن مغربي أو مواطنين أجانب، مما يدفع القضاء لإصدار حكم مخفف جدا. مما يتوجب معه وضع القاصر قانونيا تحت مسؤولية قاضي القاصرين إلى حين انتهاك الدعوى العمومية.
  • ضعف الحماية القانونية للضحايا، وهذا يتطلب تنصيص القانون على البيدوفيليا، كجناية لها عقوبة ترقى لمستوى الفعل، واعتبار كل اغتصاب أو استغلال أو استعمال استغلالي جنسي للطفلات والأطفال عنفا يستوجب العقاب وتصليبه.
  • اعتماد الوسائل العلمية من طب وخبرات طبية والتحليلات الجينية وتقارير الطب النفسي كوسائل للإثبات أو النفي أما الاقتصار على الشهود، فليس هناك مغتصب أو متحرش يقوم بفعله دون تخطيط ليفلت من أعين الآخرين والشهود المحتملين.
  • لا يمكن وضع حد للظاهرة، بما فيها الاستغلال الجنسي للقاصرين من طرف الأجانب، ما لم يتم إصلاح منظومة العادلة، وتقوية دور الخلايا المعنية بالعنف ضد الأطفال والنساء سواء المتواجدة بالمحاكم او مفوضيات الشرطة، والعمل على انفتاحها على المكونات الحقوقية وكل المجالات المعنية بحقوق الطفل في شموليته، والارتقاء بحقوق الطفل وجعل مصلحته الفضلى فوق كل اعتبار ممارسة وتشريعا باعتماد سياسات عمومية واضحة، والقضاء على مسببات الظاهرة واجتثاثها من جذورها الثقافية والاجتماعية، والتوجه رأسا نحو إعادة النظر في مفاهيم التربية باعتماد التربية على القيم الكونية والثقافة والقيم الحقوقية كما هي متعارف عليها عالميا في كونيتها وشموليتها.

عمر أربيب

- إشهار -

إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد