فرنسا.. خيارات ماكرون لتهدئة الوضع السياسي


رغم فشل أحزاب المعارضة، يوم الإثنين، في حجب الثقة عن حكومة إليزابيث بورن، بعد تمرير قانون إصلاح نظام التقاعد باستخدام المادة 49,3 من الدستور، إلا أن هذا لا يعني بأن المعركة الهادفة لإسقاط هذا القانون الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة قد انتهت.

وقرّرت نقابات العمال والمعارضة السياسية تنظيم يوم احتجاجي جديد، غدا الخميس 23 مارس الجاري، للضغط على إيمانويل ماكرون وحثه على سحب القانون المثير للجدل.

من جهته، سيتحدث الرئيس الفرنسي، أمام المواطنين، يوم الأربعاء، في لقاء تلفزيوني غداة إجرائه اتصالات تشاورية بغية إيجاد مخرج للأزمة السياسية والمؤسساتية التي دخلت فيها فرنسا منذ أن طرح مشروع إصلاح نظام التقاعد للمناقشة في بداية العام 2023.

التقى ماكرون، الذي يبدو معزولا في قصر الإليزيه، برئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفيه ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه للاستماع إليهما ومعرفة موقفيهما من الوضع السائد في البلاد قبل حديث الأربعاء.

كما أنه قرر تنظيم مأدبة عشاء لأعضاء الكتلة البرلمانية الداعمة لكي يحثهم على الصمود أمام العاصفة، خاصة وأن بعض النواب أصبحوا يشككون في نجاعة قانون إصلاح نظام التقاعد الذي تعارضه غالبية الفرنسيين، ويخشون أن يؤثر سلبا في الناخبين خلال الانتخابات المقبلة.

من جهتها، قررت إليزابيث بورن، التي نجت من اقتراحي حجب الثقة بالجمعية الوطنية بفارق تسعة أصوات فقط (278 مقابل 287) اللجوء “في أسرع وقت” للمجلس الدستوري للنظر في شرعية وقانونية قانون التقاعد الجديد الذي دافعت عنه بقوة. وهي نفس الخطوة بالذات التي قامت بها المعارضة التي تأمل أن يعارض المجلس الدستوري القانون الجديد أو على الأقل أن يشطب أكبر عدد من مواده بحجة أنها “غير دستورية”.

إلى ذلك، قررت النقابات العمالية، والتي اجتمعت للمرة الأولى منذ 12 عاما، في تكتل نقابي موحد تنظيم مظاهرة جديدة هي العاشرة من نوعها الخميس للمطالبة بسحب قانون التقاعد الجديد بحجة أنه غير “قانوني” ولم تتم المصادقة عليه من قبل البرلمان.

وصرح المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي في الجمعية الوطنية أرتور دولابورت أن “هناك مخرجين اثنين لإنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد: الأول يتمثل في اللجوء إلى المجلس الدستوري الذي سيحكم في نهاية المطاف على القانون. والثاني يمر عبر تنظيم استفتاء شعبي تشاركي لحسم هذه القضية”.

لكن هذا المخرج يتطلب الوفاء لبعض الشروط، أولها جمع حوالي خمسة ملايين توقيع شعبي و185 توقيعا من قبل أعضاء البرلمان (577 نائبا في الجمعية الوطنية و348 عضوا في مجلس الشيوخ) لكي يتم تنظيم هذا الاستفتاء.

- إشهار -

ودعا مسؤولو أحزاب اليسار، بينهم زعيم أقصى اليسار جان لوك ميلنشون الفرنسيين للمشاركة “بكثافة” في مظاهرات الخميس من أجل دفع ماكرون إلى سحب القانون الجديد.

من ناحيته، دعا حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان رئيسة الوزراء إليزابيث بورن إلى “التنحي من منصبها” أو إقالتها من قبل الرئيس ماكرون. لكن “الرئيس الفرنسي يرفض تغيير الحكومة أو سحب القانون أو تنظيم استفتاء شعبي”.

لكن بعض المتتبعين للسياسة الفرنسية يعتقدون أن في حال أراد ماكرون العودة إلى وسط اللعبة، فعليه قبل كل شيء أن يتخذ بعض القرارات الجريئة، كسحب القانون الجديد مثلا أو تعيين حكومة جديدة. وإلا، فإنه سيواجه مشاكل كثيرة في البرلمان من أجل تمرير قوانين أخرى كقانوني الهجرة والعمل اللذين سيطرحان للمناقشة في الأيام أو الأشهر القليلة المقبلة.

كما يخشى البعض الآخر من دخول فرنسا في دوامة عنف طويلة الأمد مثل ما حدث خلال مظاهرات “السترات الصفراء” والتي تركت ذكرى أليمة عند الفرنسيين ولدى الرئيس ماكرون نفسه.

على أية حال، الكرة الآن في ملعب الرئيس ماكرون الذي تراه المعارضة أنه المسؤول الأول عن نشوب الأزمة السياسية. فهي تطالبه بالتراجع عن القانون. فهل سيحتدم الصراع بينه وبين الفرنسيين، وهل هذا سيؤدي إلى “تعفن” الوضع الاجتماعي في البلاد وخروج مظاهرات تلقائية في المدن الفرنسية مثل ما وقع الإثنين إثر الإعلان عن فشل مشروع حجب الثقة.

فلقد خرج آلاف الشباب بشكل عفوي إلى الشارع للتعبير عن غضبهم، وقاموا بإضرام النيران في حاويات القمامة، ما أدى إلى توقيف العديد منهم. ففي باريس ألقت الشرطة القبض على 230 شخصا. فيما نشبت أعمال عنف في مدن أخرى على غرار رين (غرب) وستراسبورغ (شرق) وليون (وسط) وليل (شمال). فهل سيتراجع إيمانويل ماكرون عن قراره؟.

وكالات

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد