جهة درعة تافيلالت.. هل رفضت مصالح وزارة الداخلية فعلا برنامج التنمية الجهوي؟
تتناولت الفعاليات المهتمة بالشأن التنموي لجهة درعة تافيلالت أخبارا مفادها أن مصالح وزارة الداخلية لم توافق على برنامج التنمية الجهوي، كما تشير أنه سيتم تقليصه إلى حوالي الثلث، وهو الأمر الذي يستدعي توضيح عاجل من مسؤولي الجهة لطمأنة الرأي العام.
فتقليص البرنامج من 46 مليار درهم إلى 15 مليار درهم فقط ( إدا كان الخبر صحيحا ) معناه أن كل الاتفاقيات التي وقعتها الجهة مع مجموعة من الوزارات والجماعات والمؤسسات والمقاولات العمومية سيتم تقليصها لتتماشى مع حجم البرنامج الجديد، وهذا سينعكس حتما على مجموعة من البرامج والاتفاقيات التي يتم تداولها لعل آخرها: الاتفاقية الخاصة بالقطاع السياحي والبالغ حجمها 1,38 مليار درهم التي تم توقيعها سنة 2021، ويتم تداولها بشكل كبير مؤخرا في محاولة للتمويه. (سأعود إليها لاحقا بالتحليل الممل، نظرا لانشغالي حاليا بمشروع تنويع العرض السياحي لورزازات، والتي تم التوقيع على اتفاقية بشأنه كذلك في بداية 2021، ولكنه لم يراوح مكانه، وأظن أن الاتفاقية الجهوية هي نموذج ثان واضح للاستهتار يمكن الوقوف عليه من خلال فقرتين في بداية المقالات التي بدأت توزع مؤخرا والتي تقول :
“عملت الشركة المغربية للهندسة السياحية، بعد جهد متواصل للوصول إلى تحقيق وتنفيذ هذا البرنامج، وذلك من خلال إجراء الدراسات الهندسية (تشخيص الموارد، تحديد ثيمة التجارب السياحية، تحديد التصورات لتثمين الموارد، إعداد تكلفة الاستثمارات وهيكلة تمويل البرنامج)، من خلال إجراء مشاورات مع السلطات المحلية والشركاء الوزاريين للحصول على دعمهم لهذا البرنامج الهيكلي ولتحقيق إطار شراكة يضمن تنفيذه.”
وهنا يمكن إبداء ملاحضة أولى، وهو أن الشركة المغربية للهندسة السياحية، وحسب تعبيرها، لم تستشر المهنيين في برنامج قيمته 1,38 مليار درهم، واكتفت فقط برأي السلطات المحلية الشركاء الوزاريين…
كما يمكن أن نقرأ في هاته المقالات، والتي تجد مصدرها حتما في بلاغ للشركة أنه “لأجل ذلك، وتعزيزا لتجارب السياح وزائري المنطقة، وقّعت الشركة المغربية للهندسة السياحية (SMIT)، في عام 2021، اتفاقية مع عدد من الفاعلين المؤسساتيين والسلطات المحلية قصد تمويل برنامج طموح سياحي وثقافي بأكثر من 1,4 مليار درهم بجهة درعة تافيلالت.”
وهنا نسطر أن التوقيع على الاتفاقية، كان سنة 2021، وكان من الواجب، بعد سنتين أن نقف على مدى تقدم المشروع، والجواب أن المشروع لم يتحرك قيد أنملة، ما عدا الانفاق في اللقاءات والعلاقات العامة لتوزيع بلاغات التهدئة: وهذا البرنامج يتقاطع كثيرا مع برنامج جامع الفن بورزازات، والذي سمعنا عنه منذ 2018، ونشهد الآن على تحركات المسؤولين المحليين في الوقت بدل الضائع قصد التمويه أن البرنامج يمشي في طريقه الصحيح.
ولكي نكون على بينة مما يجري، لا بد أن نرحل بعيدا من جهة درعة تافيلالت ثم نعود لنقوم بالمقارنات الموضوعية.
يبلغ الحجم الاجمالي لبرنامج التنمية الجهوي لجهة درعة تافيلالت 46 مليار درهم، مقسمة على 113 برنامج تنموي يغطي الأقاليم الخمسة للجهة، بمساهمة ذاتية للجهة تقدر بـ 7 مليار درهم، علما أن قدرة التمويل الذاتي للجهة لا يتجاوز 4 مليار درهم، وهو ما يستوجب لجوء الجهة إلى الاقتراض من صندوق التجهيز الجماعي.
وفي المقابل يتراوح الغلاف المالي لبرنامج التنمية الجهوي، لجهة الدار البيضاء-سطات ما بين 48 و 50 مليار درهم، وتهم حوالي 70 برنامجا تنمويا.
تساهم جهة “الدار البيضاء-سطات” بـ (32,2%) من الناتج الداخلي الخام، فيما تساهم جهة درعة تافيلالت ب 2,6 % فقط.
كما يوضح التوزيع الجهوي لاستثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية أن جهة درعة تافيلالت، لا تزال تعاني نقصا في هذه الاستثمارات، بحصة تصل إلى 2 % من اجمالي الاستثمارات لسنة 2019 وذلك بمبلغ 2418 مليون درهم.
ملاحضة : من بين المشاريع المضمنة في برنامج التنمية السياحية : كولف في الصحراء بإقليم الراشيدية بمبلغ اجمالي يصل إلى 10 مليار.
سنعود للبرنامج فيما بعد، بعد الانتهاء من برنامج ورزازات (جامع الفن وووز)
الزوبير بوحوت
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.