رسالة عاجلة إلى السيد وهبي “لهذه الأسباب ارحل”


السيد وزير العدل ارتأيت أن أرسل لك هذه الرسالة، على وجه الاستعجال، متمنية أن تقرأها بشيء من الإنصاف ونكران الذات، هذا إذا كنت تقرأ للذين ينتقدونك مثلما تقرأ للذين يطبلون لك، إن ما سأقوله يستوجب أن تسمعه اليوم قبل الغد مني أو من غيري، وقد كان الراحل الحسن الثاني يطلب من خاصته ومستشاريه أن ينتقدوا سياساته ورسالة بنجلون الشهيرة التي يشخص فيها أعطاب السياسة المغربية خير دليل على ذلك.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    السيد وزير العدل طاوعتك نفسك في التباهي أمام المغاربة بأنك تملك المال، ولذلك أرسلت نجلك للدراسة في موريال بكندا مرتكبا جملة من الزلات الفادحة التي يستحيل أن يقع فيها عوام الناس، ما علاقة ما يدرس بموريال بمحاكم المغرب لغة ومحتوى؟ هل سننتظر ممن درس بمونريال أن يترافع بلغة الضاد معتمدا على القوانين المغربية أمام محاكم المملكة؟

    دعك من هذه، هل قرأت يوما أن أول جامعة عرفتها البشرية، هي جامعة القرويين التي تأسست منذ ما يفوق ثمان مائة سنة، وليس مونريال ولا أوكسفورد، ولا جورج تاون، ومنها تخرج عباقرة الفكر والفلسفة والطب والرياضيات وغيرها من العلوم ممن يحق للمغاربة الافتخار بهم دعني أهمس في أذنك بالأسماء الآتية (ابن خلدون، ابن الطفيل، الآبلي، الونشريسي، ابن البناء..)، وردد بينك وبين نفسك اسم الونشريسي لتحفظه عن ظهر قلب، ستكتشف أنه جمع قرونا من الفقه المالكي في موسوعته (المعيار )، وصار مرجعا لا غنى عنه لفقهاء القانون في الغرب نفسه .
    إن ما صرحت به يشي أننا وصلنا إلى ذروة الانحطاط الحضاري والأخلاقي، فأن يتنكر وزير لتاريخ بلده العظيم جحود ما بعده حجود، ولعلك ستعترض على هذا الكلام، بأن أمجاد الماضي طويت وانتهى بريقها والحق، أننا ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تخلف في التعليم إلا بسبب زملاء لك تعاقبوا على ذبح المنظومة التعليمية في بلادنا، مثلما تحاول أنت اليوم ذبح منظومة العدل بإحياء قانون تكميم الأفواه في حلة جديدة بعدما اعترضت عليه قبل أن تذوق حلاوة السلطة.

    السيد وزير العدل أنصحك بأخذ دروس في فن التواصل مع المغاربة، فهم شعب ذكي يحسن قراءة ما وراء السطور ويحسن الرد ولشدما كان الملك الحسن الثاني ذكيا حين وصف الشعب المغربي، في أحد تصريحاته للصحافة الأجنبية بالأسد، فإما أن تكون مروضا فهذا، وإما أنك ستتعرض لعواقب وخيمة حين تقف أمامه، واسمح لي أن أقول لك دون مجاملة أنك بعيد كل البعد عن أن تلقب بالفذ في تواصلك مع الشعب لقد راكمت كل أشكال الفشل الذريع في خرجاتك الإعلامية غير الموفقة ويعلم الله وحده إن كان مرد الأمر لضعف في تكوينك في مجال التواصل والتعاطي مع وسائل الإعلام أم لضعف مستشاريك أم للسببين معا لو كنت قد تذكرت وزيرة( جوج فرنك)، لثانية واحدة لأحجمت عن ذلك التصريح المستفز إن المغاربة لا يقبلون أن تتباهى أمامهم بمال أو بغيره فهم شعب يحب المتواضعين ويرفعهم إلى أعلى مقام ويدوسون على كل من سولت له نفسه أن يمس كبريائهم.

    - إشهار -

    السيد الوزير قديما قيل لولا أبناء الفقراء لضاع العلم تدري لماذا؟ لأن أبناء الأثرياء كانوا يشغلون أنفسهم بالتجارة والأعمال ولا يتبقى لديهم من الوقت ما يصرفونه للتعلم والدراسة، وإن فعلوا فإنهم لا يتفرغون كلية للدرس والتحصيل أما أبناء الفقراء فالعلم بالنسبة إليهم قيمة عظمى كانوا يدركون أنه ليس مضمارا للتباهي، وأنه لا يعطيك بعضه، إلا إذا أعطيته كلك وظنك أن الدراهم تشتري العلم في موريال أو غيرها ظن خاطئ وحده القلب المشبع بحب المعرفة من يقود صاحبه للإبداع والتألق وقد ابتلينا منذ الاستقلال إلى اليوم بنخب تشتري العلم من الخارج كما تشترى البضائع والنتيجة كارثية بكل المقاييس ها أنتم عاجزون بسبب منطقكم الأعوج إلى اليوم عن بناء مدرسة أو جامعة تفتخرون بإرسال أولادكم إليها. كان عليك أن تتحدث بلغة أرقى لتبدو أقوى فمسارعتك للتهديد دليل ضعف وخوف ثم كيف تخلط بين اختصاصاتك واختصاصات رئيس النيابة العامة؟ ما علاقتك بمتابعة الناس حتى وإن أخطؤوا قضائيا ؟ يبدو جليا أنك ما زلت لم تستوعب أن النيابة العامة صارت مؤسسة مستقلة عن وزارة العدل. السيد وزير العدل يبدو أنني أطلت عليك بقي أن أقول لك كما يقول اليوم كل المغاربة ارحل فأنت تسيء إلى صورة الوطن تعي ثقل هذه الكلمة ” وطن” لو كنت تعي ذلك ما افتخرت بإرسال أبنائك للدراسة في الخارج ولما جازفت بالعبث باستقراره حين أغلقت باب الأمل في وجه ملايين المغاربة وأنت تؤكد على أن أصحاب المال وحدهم من يحق لهم التباري حول المناصب السيد الوزير رجاء ارحل وبكل لغات العالم ارحل.

    إيمان الفناسي

    إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد