عبد النباوي: الاعتقال الاحتياطي معضلة


أكد محمّد عبد النباوي، رئيس منتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس أول لمحكمة النقض، يوم أمس الجمعة، على أن بحث ترشيد معضلة الاعتقال الاحتياطي ظل، ولا يزال، الانشغال الأهم لمنظومة القضاء.

وقال عبد النباوي، في كلمة تلاها نيابة عنه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف مصطفى لغزال بمناسبة انعقاد يوم دراسي حول الاعتقال الاحتياطي بالمغرب، إن هذا الاعتقال هو تدبير استثنائي، تتحقق معه مصلحة المجتمع في حمايته من مخاطر الجرائم.

وتابع: لكنه يتماس مع “قرينة البراءة” التي أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما كرستها دساتير الدول الديمقراطية، ومن بينها دستور المغرب.

وأبرز أن المشرع المغربي (القانون) حرص على تنظيم هذا الاعتقال بما يضمن التوفيق بين الحق في الحرية وضرورات حسن سير العدالة وحماية المجتمع من الجريمة.

قرينة البراءة

وينص البند الثاني من المادة 14، من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسيّاسية الذي صادق عليه المغرب سنة 1979، على أن “من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يُعتبر بريئا إلى أن يُثبت عليه الجرم قانونا”.

ويؤكد الدستور المغربي الصادر سنة 2011، باعتباره أسمى وثيقة قانونية بالبلاد، من خلال الفقرة الرابعة من الفصل الـ23، على أن قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان.

وتشدّد المادة الأولى من المسطرة الجنائية، على أن “كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يُعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناءً على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية”.

ومن أبرز الضمانات القانونية للمتهم أو المشتبه فيه، هي عدم تقييد حريته، إلا في حالة ما إذا كان تركه حرا يُشكل خطرا على المجتمع أو يُمكّنه من تغيير معالم الفعل الذي يُتابع على خلفيته.

- إشهار -

بدائل الاعتقال

وفيما سجل عبد النباوي، في كلمته، أن الاعتقال الاحتياطي كان وما يزال من بين أكبر انشغالات السياسة الجنائية بالمغرب بسبب صلته باكتظاظ السجون، فقد أشار إلى أن تتبع الموضوع يؤكد أن العلاقة بين الموضوعين ليست دائما مؤشرا على ذلك، حيث إن 2 في المئة فقط من المعتقلين الاحتياطيين يحكمون بالبراءة، و حوالي 90 في المئة تمت إدانتهم بعقوبات سالبة للحرية.

ولفت رئيس النيابة العامة السابق، أن قرارات الاعتقال الاحتياطي تتأثر أحيانا بالضغط الاجتماعي، فضلا عن عدم وجود بدائل كافية للاعتقال الاحتياطي تتيح تدبير قضايا المعتقلين بما يحقق التوازن بين حماية حرية المشتبه فيهم والمتهمين وحماية الأمن العام، مستعرضا الإجراءات المتخذة لتصفية القضايا في آجال معقولة وترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي.

وحث على ضرورة الاطلاع القبلي على ملفات المعتقلين ومباشرة الإجراءات في إبانها، وتحرير الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة في قضايا المعتقلين في أجل معقول، وتوجيه القضايا المطعون فيها بالسرعة المطلوبة، والتعجيل بتنفيذ الإنابات القضائية، والتحسيس بأهمية تفعيل بدائل الاعتقال الممكنة، وتكوين خلايا موضوعاتية لتصفية قضايا المعتقلين الاحتياطيين.

وأشار المسؤول القضائي إلى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية حثّ الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية على التنسيق مع المسؤولين القضائيين بالنيابات العامة لاتخاذ كافة التدابير اللازمة لتصريف قضايا المعتقلين الاحتياطيين، مستعرضا سلسلة الدوريات الصادرة في هذا الصدد.

ونبّه إلى أن هناك إكراهات، خارجة عن اختصاص القضاء، تحول دون النزول إلى المعدلات والنسب المئوية للاعتقال المعتمدة دوليا وتحد من المجهودات المبذولة لترشيد الاعتقال الاحتياطي.

وفي هذا الصدد، أشار أساسا إلى المفهوم الواسع للمعتقل الاحتياطي في التشريع المغربي مقارنة مع باقي القوانين المقارنة، وتزايد الظاهرة الإجرامية مع ما صاحبه من تزايد في عدد قضايا المعتقلين، وتأخر سن خيارات تشريعية جديدة أو بديلة لعدد من الإجراءات بما يتلاءم مع صيانة الحقوق والحريات.

يذكر أن هذا اليوم الدراسي بتطوان، جرى بحضور، على الخصوص، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، ونقيب هيئة المحامين بتطوان، ورئيس المرصد المغربي للسجون، وعدد من المسؤولين القضائيين والمحامين وممثلي المهن المساعدة للعدالة.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد