النقيب الجامعي يراسل عبد النباوي بسبب “التطبيع”
السيد الرئيس المنتدب، والرئيس الأول لمحكمة النقض.. اطلع الرأي العام على ما نشرته بعض الصحافة من كون وفد من قضاة أعضاء بالودادية الحسنية ، يشارك ابتداء من اليوم في المؤتمر الدولي للقضاة الذي ينعقد بالكيان الصهيوني إلى غاية 22 شتنبر.
وأمام هذا الخبر المؤلم الصادم ، أتوجه إليكم بما لديكم من مسؤولية مهنية وأخلاقية وقضائية على السلطة القضائية، وعلى سمعة القضاء بالمغرب وعلى كرامة قضاة المغرب، لكي لا تسمحوا بارتماء بعض قضاة المغرب، حتى لو كانوا لا يمثلون إلا أنفسهم، بين أحضان كيان استعماري عنصري مجرم وهو الكيان الصهيونى الإسرائيلي، وان تقفوا دون هوادة ولا تردد درعا منيعا ضد كل أشكال التغلغل الصهيونى في الجسم القضائي الوطني، لكي يظل جسما نقيا سليما لا تلحقه الاهانة والاحتقار بزيارة البعض ممن استهتر بقيمته القضائية، لكيان العدوان، وأن تقاوموا كل محاولة تأثير السلطة السياسية الحكومية على السلطة القضائية وعلى القضاة أو محاولة فرض مواقفها السياسية عليهم، فالقضاة اليوم في العديد من الدول يتعرضون للضربات المهينة والقاسية من بعض الحكام مثل ما يقع في مصر وفي تونس…، و بالتالي عليكم ان تنتبهوا لكي لا تصل العدوى لقضاة المغرب، فكل تفريط سيكون له ثمن باهض على الوطن حاضرا واستقبالا، وليس على القضاة فقط.
أتوجه إليكم من أجل أن تعرضوا أمر المشاركين في الالتحام بالصهاينة وبقضاة الكيان على المجلس الأعلى للسلطة القضائية للبث في اختيارهم السياسي المتطرف، فكيف يقال بأنهم سيتبادلون التجارب القضائية معه قضاة الكيان، وما ذا عسى لنفر معدود من قضاتنا ممن قرروا الحضور أن يتعلم من القضاة الصهاينة الذين ينتهكون كل القيم القضائية العالمية وبالأساس يمارسون التمييز ضد الفلسطينيين، وينتهكون مبادئ الاستقلال والحياد والمساواة ضدهم، ويناهضون حريات وحقوق الشعب الفلسطيني سواء في المتابعات والملاحقات التي يقررونها أو في المحاكمات التي ينظمونها أوفي الأحكام التي يصدرونها، ويباركون تعذيب المعتقلين بالسجون دون محاسبة، فالعالم يدرك وانتم لا شك تدركون، بأن قضاة الكيان لصهيوني ليس لديهم ما يعلمونه للقضاة المغاربة المشاركين سوى العنصرية وانتهاك حقوق الإنسان، وليست لديهم تجارب ينقلها منهم قضاتنا سوى تجارب في حماية مافيا السلاح ومجرمي الحرب وضرب الشرعية الدولية وانتهاك قانونهم والقانون الدولي، وسوى كيف يثقل الأبرياء من الأطفال والنساء والعجزة ببرودة وأمام العالم وبعيدا عن أية محاسبة أو عقاب.
أتوجه إليكم كذلك من أجل أن تعلنوا كمسؤول بتجربته ومكانته الدستورية وبكل حياد وتجرد، أنه لا مكان لقضاة المغرب بالكيان الصهيوني ولا محل لسفرهم وحضورهم وسط ومع قضاة الأبرتايد، متسترين تحت غطاء المؤتمر الدولي، فأنتم تدركون بأن المؤتمر لا يمنحهم الشرعية في التطبيع مع الصهاينة ولا يبرر لهم هذه الخطيئة الفاضحة التي ستظل فوق جبينهم، فضلا أن التحاقهم ولو بأسمائهم يشكل تهديدا لعدالتنا لأنه سيزيل عن القضاة المشاركين كل حرمة و استقلال وكل حياد وكل كرامة وهبة ووقار واحترام، وسيشكل سفرهم باسم جمعيتهم أسبابا مشروعة لتجريحهم والتشكك فيهم وفي أحقيتهم إصدار الأحكام خصوصا إن هم اعتمدوا على الاجتهاد القضائي الصهيوني.
إن مشاركتهم تعتبر مشاركة سياسية ولا علاقة لها لا بالمهنة ولا بالبحث ولا بالتكوين والاستفادة والتعاون، إنهم بسفرهم قرروا الانحياز لأعداء القضاة والشعب الفلسطينيين، وأن سعيهم ليس وراءه سوى الأطماع والمصالح والبحث عن الشهرة، ويبقى التساؤل هو هل كانت هذه الخطوة تلقائية من هؤلاء القضاة، وكيف قرروا تجاوز المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي لا أعتقد أنه سمح لهم بالسقوط في المستنقع الصهيوني وفي موقف انتهازي لا يليق بمكانتهم ولا بمهنتهم القضائية.
هُبوا بصفتكم الرئيس الأول والرئيس المنتدب، لحماية قضاتنا من الانزلاق في فخ الكيان المغتصب الفاسد، و ارفضوا التطبيع ولا تقبلوا أن يطبع من ينتمي للسلك القضائي المغربي مع قضاة العدوان ومع وزيرهم في العدل جدعون ساعر – فحتى لو فسد الناس جميعهم وفسدت كل السلطات، فعليكم أنتم كقضاة أن تقاوموا الفساد وتحرمونه على أنفسكم وعلى الآخرين من القضاة مثلكم.
أتمنى أن تعلنوا للراي العام القضائي والقانوني المغربي موقفكم القضائي المشرف، وهو رفض القضاة الشرفاء من المغرب الجلوس تحت ألوان العَلَم الصهيوني، فللقضاة بالمغرب ككل المغاربة عَلَمَ بلدهم فعليهم احترامه واحترام مشاعر المغاربة إن أرادوا أن يظلوا مُحتَرَمِين .
أتمنى لكم التوفيق في إعلان قراركم المسؤول والتاريخي والعاجل.
النقيب عبد الرحيم الجامعي
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.