نبأ التعديل الحكومي “المزعوم”.. أخنوش يقدّم وهبي قربانا لـ”هاشتاغ الرحيل”


ليس من الغريب أن يلجأ المتضررون من هاشتاغ “ارحل” المدمر، وعلى رأسهم “المتهم الأول” رئيس الحكومة “المؤقت” الملياردير عزيز أخنوش، للترويج لتعديل حكومي مرتقب قد يطال فقط وزراء من خارج حزبه الأحرار، الذي يقود الحكومة بدعم من “جود”.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    كما أنه ليس غريبًا أن يلجأ هؤلاء للهروب إلى الأمام بتحديد وزراء من حزب الأصالة والمعاصرة بالخصوص، وأمينه العام بالأخص، والزعم بأنهم من سيطالهم التعديل الحكومي “المزعوم”، وليس الوزراء المتسببين في الأزمة، أو رئيس حكومتهم المستفيد منها.

    وليس غريبًا أيضًا أن يلجأ هؤلاء الذين أسرُّوا في أذن صحافي المجلة الفرنسية (Jeune Afrique)، التي نشرت خبر التعديل الحكومي، والتي حسب مصادرنا تُعرف بقربها من الملياردير كبير تجار المحروقات، إلى “الدّسّ”، في الخبر إياه، أن الملك محمد السادس هو من طلب “التعديل الحكومي” من رئيس الحكومة السي عزيز أخنوش “المسكين”.

    أي أن هناك من يُريد إفهامنا أن الملك محمد السادس لم يعد يُعجبه أداء وزيرين من البام، بما أن مجلة “جون أفريك” الفرنسية حرصت، في خبرها، على أن تذكر “بالاسم” كلا من وزير العدل عبد اللطيف وهبي الأمين العام الحالي لحزب الأصالة والمعاصرة، ووزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي عن الحزب ذاته، إذ إن صاحب “الخبر” زعم أن الملك هو من طلب التعديل الحكومي، ونسب هذا إلى مصدر “سري”، ادعى الصحافي أنه مقرب من القصر، وبمعنى مباشر، هناك سعي لجرّ القارئ إلى الاعتقاد أن الملك هو من أعطى الضوء الأخضر لتسريب الخبر…

    المثير، هنا، أن مجلة “جون أفريك” التي تروّج لهذا المعنى، هي نفسها التي كتبت خبرا، في الخامس من غشت الجاري، تحت عنوان: “محمد السادس مجدداً في فرنسا بجوار والدته”، يفيد أن العاهل المغربي، بعد تسجيله خطاب الذكرى الــ23 لتوليه العرش، سافر إلى فرنسا ليكون مع والدته المريضة الأميرة للالطيفة، أي أن انشغال الملك وأولويته في هذه الفترة لوالدته، التي نطلب لها الشفاء العاجل…

    هذا أولا.. وثانيا، إن ما نعلمه نحن عن الملك محمد السادس هو أنه لا يطلب التعديل الحكومي، فإذا تقاعس مسؤولون في أداء واجبهم، يبادر إلى طردهم كما فعل مع وزير المالية الأسبق محمد بوسعيد المنسق الجهوي الحالي للدارالبيضاء لحزب رئيس الحكومة، في مثل هذا الشهر بالذات من سنة 2018. وقبله سبق للملك محمد السادس أن طرد خمسة وزراء سابقين من حكومة سعد الدين العثماني.

    وبمعنى أوضح، إن خبر التعديل الحكومي، الذي حُدّد موعده في آخر الشهر، ما هو إلاّ مناورة مفضوحة يُحاول مُسرّبوها صرف الأنظار عن عزيز أخنوش، الذي يعيش هذه الفترة أحلك أيامه، من خلال تحريف النقاش نحو “التعديل الحكومي”، بزعم أن هذا “الجدل الجديد” سيخفّف الضغط الشعبي المستمر والمتنامي بحملة الهاشتاغ، الداعية لخفض أسعار المحروقات والمطالبة برحيل رئيس الحكومة.

    وفضلا عن ذلك، فإن ما يخاف منه اليوم السي أخنوش، الذي كان بطل البلوكاج حيث مازالت ذاكرته تحتفظ بصورة بنكيران المعفي وهو في حالة صدمة وانهيار، هو أن يُباغته الجالس على العرش بإعفائه لدوره من رئاسة الحكومة، لأي سبب من الأسباب الدستورية، لوقف النزيف والاحتقان، بما أن الملك محمد السادس ندد مباشرة، في خطابه الأخير، قبل أسبوعين، بالمضاربات والتلاعبات في الأسعار… والأخطر من ذلك، هو أن يتكلم الملك، في الخطاب ذاته، عن أناس يسعون وراء “أرباح شخصية، وخدمة مصالحهم الخاصة”، مما دعا إلى غضبة ملكية على هذه الوضع، الذي أكد أنه “هو ما يجب محاربته”…

    السي أخنوش وآخرون معه فهموا، من خلال ما قاله الملك محمد السادس في خطابه، أن “الدق تَمَّا” خصوصًا، أنهم ينتمون إلى “الحفنة التي اغتنت غنى فاحشا، فيما ازداد باقي المغاربة فقرًا مدقعًا”” كما سبق للملك نفسه أن قال في الخطاب الشهير الذي تساءل فيه عّمّن نهب ثروة المغرب والمغاربة، وقد اقترب جدًا أوان محاسبتهم بمجرد استكمال المغرب لرقمنة الإدارة، التي ستفضحهم، كما فعلت مجلة “فوربس” مع أخنوش.

    فأين عبد اللطيف وهبي “البئيس”، الذي ملأ الدنيا بالخرجات الإعلامية، فيما يملأ أخنوش جيوبه بالملايير من كل هذا!!؟.. أو عبد اللطيف ميراوي الذي دخل الحكومة “باقتراح” من شكيب بنموسي الرئيس السابق للجنة الخاصة بالنموذج التنموي، الذي كان ميراوي عضوا فيها، وجيئ بهما لتنزيل هذا المشروع الملكي على الأرض من داخل الحكومة.

    وحتى لا أطيل، فقد سبق أن قُلت لبرلمان حزب الأصالة والمعاصرة إن عزيز أخنوش، بعد أن “فض بكارة البام”، يريد أن “ينتقم” من حزب الأصالة والمعاصرة و”أصحابه” على كل تلك السنوات، التي ظلَّ فيها هو وحزبه، التجمّع الوطني للأحرار، ظِلًّا خافتا وتابعا للجرّار، فضلا عمّا تعرّض له من أمينه العام الحالي من ضربات واتهامات، ولذلك بدا مثيرا أن أخنوش اعتبر أن البام، ثاني قوة سياسة في المغرب، أقل من أن يشغل أمينه العام رئاسة مجلس النواب، فسلّمه وزارة العدل، التي سبق أن قال فيها عبد اللطيف وهبي الكثير حينما وجّه انتقادا لاذعا لوزير العدل السابق الاتحادي محمد بنعبد القادر، وقال له، ما معناه، إن وزارة العدل أصبحت خاوية على عروشها، بعد أن استقل عنها الجهاز القضائي. وبعد أقل من سنة، يخرج خبر التعديل، وإزاحة وهبي بالذات هو نوع من الاستعمال لتقديمه قربانا للمغاربة الغاضبين سعيا وراء إطفاء شعلة استمرار وامتداد هاشتاغ الرحيل…

    - إشهار -

    إنه ذلٌّ ما بعده ذل يتعرّض له حزب “الهمة سابقًا”، بعد تغييب حكمائه وهياكله، التي كانت معطلة خلال اتخاذ قرار المشاركة في الحكومة، ما جعل البام، بقيادة وهبي، ينحدر تِباعا نحو الهاوية…

    الوضعية المجتمعية العامة، بدورها ماضية في الانحدار، ما دعا أوسع فئات الشعب المغربي تنخرط في حملة الرحيل.. إذ بعد أن “تخلت” عنهم الأحزاب السياسية، خرج المغاربة بأنفسهم للمطالبة جهرا “بإزاحة” عزيز أخنوش من رئاسة الحكومة…

    طبعًا بارون المحروقات الملياردير عزيز أخنوش لن يترك “بقرة المغرب الحلوب”، التي يمتص حليبها ويبيع زُبدتها للشعب منذ 15 أكتوبر من سنة 2007، حين أصبح وزيرًا في حكومة الاستقلالي عباس الفاسي، فهو لن يستقيل من نفسه، بل تجب إقالته.

    والإقالة لا يجب أن تكون بُعبعا، فلا خوف على المغرب بتخويفنا بورقة الاستقرار، التي كان يُشهرها الإسلاميون، لقد استطاع المغرب أن يعيش مدة تجاوزت الثلاثة أشهر، بدون حكومة، ولم يتأثر طيلة هذه المدة السير العام لمؤسسات البلاد.

    وهو الشيء نفسه، الذي حصل حينما قام الملك محمد السادس بتسيير البلاد بنفسه طيلة مدة الجائحة أيضا بعدد قليل من الوزراء وبدون أحزاب سياسية.

    وإقالة أخنوش لن تتأتى سوى بتقديم طلب لحجب الثقة من حكومته وإسقاطها، غير أن المعارضة لا تقوى على ذلك، لا كمًا ولا كيفًا، بسبب “تغوُّل” عزيز أخنوش بالأغلبية العددية 86 مقعدا من أصل 269 مقعدا من مجموع 395، التي أهداه إياها حزب الأصالة والمعاصرة نفسه ليفعل ما يفعله اليوم في الشعب على مرأى ومسمع من مناضليه…

    إن “البلوكاج” قد يُعيد نفسه، “باش تقتل، باش تموت”.. ولِذا، فعلى حزب البام، خصوصًا أمينه العام عبد اللطيف وهبي، الذي يثيرون حوله الشبهات للفت الأنظار “بالإرث” وغيره، أن “يتغدى برئيس الحكومة عزيز أخنوش قبل أن يتعشى به”، ويدفع بحزب الأصالة والمعاصرة للخروج من حكومة “الذل”، ويضم صوته لصوت الشعب، ويتزعّم المعارضة بـ86 مقعدا، التي سيشكل بها أغلبية بـ212 صوتا يحجب بها الثقة على حكومة “بارون المحروقات”، ويوقف بذلك نهب جيوب المغاربة، وإحالة أخنوش ومن معه على مجلس الحسابات والمنافسة للمحاسبة.

    هذا هو ما كان سيقوم به فؤاد عالي الهمة ومن معه، الذين أعرفهم، والذين أسسوا حزب الأصالة والمعاصرة تحت شعار الاشتغال “الند بالند”، وهكذا كان حينما كاد الحزب سنة 2009 أن يُطيح بحكومة عباس الفاسي، لولا “المزاوگة”، كما أشهر فريقاه بمجلسي النواب والمستشارين الاستقالة الجماعية في وجه وزير الداخلية آنذاك شكيب بنموسى ورئيسه عباس الفاسي…! الحزب الذي حدّ من امتداد حزب الإسلاميين! ومفارقة اليوم أنه، إلى حدود الأمس القريب، كان حزب الأحرار يعتبر “التلميذ النجيب” لحزب البام! واليوم، أصبح الأحرار يقول للبام: “سيرْ تضيمْ”…

    الكاتب: مراد بورجى

    إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد