حوادث السير بإقليم تنغير.. تعددت الجرائم والموت واحد
تقول الحكمة المألوفة لدى عامة الناس، بأن الموت واحد، وأن الأسباب متعددة، وصار هذا المثل يُقال في كل حالة تعددت طرق بلوغها أو الوصول إليها.. بينما في شق، آخر يمكن القول بأن تعددت الجرائم والموت واحدة !!
إذا تعلق الأمر مثلا بحوادث في إقليم تنغير، الذي يعرف طرق وعرة ومهترئة وملتوية ومحفرة…
نحن نعي، ونعلم بأن الموت قضاء وقدر، وكتاب مسجل، إلا أننا عندما نحاول تحليل وتفسير أمر ما نطرح عدة تأويلات، ونقصد بتعدد الجرائم تلك الأسباب، التي كانت وراء هذه الجرائم الكارثية التي تحصد أرواح العديد من أبنائنا.
عدد كبير يتقاسمون معي الطرح، ويقولون بأن السبب الرئيسي في مجازر حوادث السير التي تودي بألاف الأرواح، يعود إلى تلك الطرق المهترئة والمحفرة، كونها قديمة أو أنها حديثة، لكنها عبدت بطرائق مغشوشة وعمياء، التي صارت لا تصلح حتى للحمير والبغال.
كثيرة هي المسالك الطرقية بإقليم تينغير، التي أنجزتها الجماعات الترابية (مجلس جماعي؛مجلس إقليمي؛ مجلس جهوي) بمعية الوزارة المعنية والشركاء… أغلبها لم تصمد أمام الأمطار إلا شهورا قليلة حتى تبدأ في التآكل والإنهيار، حيث جرفتها سيول الأمطار.
العديد من طرق إقليم تنغير، لا تتوفّر على علامات التشوير، وعلى الرغم من ذلك، فإن الجهات المعنية تكتفي بالتفرج عليها، دون أن تحرك أي ساكن لإصلاح الوضع. ناهيك عن وجود أشجار، في بعض الطرق، وتعيق وتحجب الرؤية، وهو ما يجعل العديد من مستعملي الطريق يتخوفون من استعمالهم اليومي للطريق، خاصة سائقي سيارة الأجرة والنقل المزدوج.
كل هذه الجرائم التي ترتكب في حقنا راجعة بالأساس إلى الفساد الإداري والمالي وعدم التقيد بالجودة والنزاهة، والصرامة، في مراقبة وتتبع أشغال الطرق، من أجل تفادي ضياع وتبديد المال العام، من طرف أصحاب المصالح الشخصية (رؤساء جماعات، مكاتب الدراسات، مهندسين…).
إضافة إلى رخص السياقة المغشوشة والتي يتم الحصول عليها بطريقة أو بأخرى ( الوساطة_ الرشوة…)، بيد أنها في الأصل هذه الجرائم، مشتركة وذات فروع متسلسلة تبدأ من صاحب مدرسة السياقة وتعليم قانون السير، إلى المهندس الذي يعطي الضوء الأخضر لرخصة السياقة…أي أنها جواز سفر نحو الموت المحقق!
وتحدث كل هذه الجرائم بالدرجة الأولى، نتيجة لغياب الضمائر وروح المسؤوليات.. فالإنسان في هذا العصر، لم تعد تهمه المبادئ، ولا النتائج، وهاجسه الوحيد والأوحد، هو المال، وبأية طريقة، لذلك تجده خالي الوفاض، مجردا من كثير من القيم التي تدعو للعمل بإخلاص ورصانة وعقلانية
ولهذا على الجهات المتصلة بهذه المصالح أن تتدخل عاجلا، لأجل وضع آليات جديدة بإمكانها، وضع حد لهذا الغش التاريخي والحضاري، والذي صار بمثابة الآلة الحادة التي تحصد عشرات الأرواح أسبوعيا.
كريم أمزال
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.