مرافعة مُثيرة.. هل يُسيء “وهبي” للأبحاث القضائية ويُعاكس خطاب الملك؟
في “مـُرافعة” مـُثيرة بمجلس المستشارين، يوم أمس، دافع وزير العدل عبد اللّطيف وهبي بـ.”استماتة”، على “منع” جمعيات المجتمع المدني المهتمة بـ.”حماية مال المغاربة”، من تقديم الشكايات إلى “مؤسسة القضاء”، حول ملفات تتعلق بـ”الفساد”.
واستخدم عبد اللطيف وهبي، خلال الجلسة، كل ما يملك من “كلمات”، ومن أساليب “الخطابة”، ليقنع البرلمانيين، والمتابعين بـ.”سلامة أطروحته”، التي اعتبرها حماة المال العام شكلاً من أشكال “الدفاع عـ.ـن سرقة أموال المغاربة”.
عبد اللطيف وهبي الذي يشغل أيضا مهمة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، هاجـ.ـم “المجتمع المدني”، على الرغم من مكانته الدستورية المهمة فيما يتعلّق بالمشاركة فـ.ـي تدبير الشأن العام، مقللا من شأنه، وهو ما يضع وهبي أمام عدد من علامات الاستفهام.
الداخلية والقضاء
وقال وهبي: “سمح لي.. اللّي مسؤول على مراقبة المال “ديالو” هو وزير الداخلية.. حنا مايمكنش لينا نقبلو لشي واحد، إقدم شكاية ضد شي واحد، إلا إذا كان مصدر المال من عندو.. هو ماعاطي ريال، وكايتكلم.. كايقول بلّي عطا الضريبة.. سير تحاسب مع إدارة الضرائب”.
ويحمل هذا القول عدداً من المغالطات؛ أولها: أن “المال العام” ليس في ملكية وزير الداخلية، وإنما هو ملك مشترك لجميع المغاربة. ثانيا: أن تقديم الشكاية، لا يعني أن المشتكى به مـُفسد، وإنما مشتبه فيه فقط، ومن واجب المغاربة مراقبة المسؤولين العموميين. ثالثا: أن حديث وهبي على أن “المشتكين” بـ”معطاو والو”، هو تمويه للنقاش، وتضليل، لأن الأموال العامة، هي أموالهم.
وأضاف وهبي: “أنوصلو واحد الوقت، مانلقاوش اللّي يترشح لينا.. دابا غي كايترشح ليك شي واحد، كايديرو به شكاية.. وتُفتح الأبحاث”، وتابع: “يلا فتحتي ضدي بحث وأنا سياسي.. ودوزت عام وعاميين، وأنا غادي جاي المحاكم .. أشمن شرعية عندي باقي أمام الناس.. حبسو هاذشي راه متابعة أموال مؤسسات الدولة.. هو شغل الدولة”.
المسؤولية والمحاسبة
والغريب في خطاب وهبي، هو أنه وضع المرشحين/المنتخبين/المسؤولين في “خانة الخوّافة” الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، وأن “سلطات الداخلية” هي من ستحميهم، ومن جانب آخر أساء إلى استقلالية مؤسسة “القضاء”.
ولم يـُبيّن عبد اللطيف وهبي، أين المشكل إذا “فـُتح” البحث مع “مسؤول” اختار المشاركة في “تدبير الشأن-المال العام”؟ كما أنه غفل أن فتح البحث مع أي مسؤول، سيستفيد منه “سياسيا” إذا كان نظيفاً، ولن يـُسيء له كما يقول وهبي.
كما أنه أراد بهذا التوّجه، أن يقفز على مبدأ دستوري أساسي، هو “ربط المسؤولية بالمحاسبة”؛ فكل من قرّر المشاركة في تدبير الشأن، يجب أن يكون مستعداً للمحاسبة.
وبخصوص قوله إن: “أموال مؤسسات الدولة.. هو شغْل الدولة”، فهو ينطوي على مغالطة كبرى؛ حيث قدّم لنا الدولة، وكأنها “سلطة فقط”، بينما هي تتكوّن، حسب تعريفها القانوني، من مقومات، هي: “الإقليم، والشعب (المواطنون والمجتمع المدني..)، والسلطة”.
محاربة الفساد
وجدير بالأهمية، أن رئيس الدولة المغربية الملك محمّد السادس، كان قد شدّد في خطاب العرش لسنة 2016، على أن محاربة الفساد هي مسؤولية الدولة والمجتمع.
وأوضح الملك أن الدولة، يجب تحارب هذه الظاهرة الخطيرة، بمؤسساتها، من خلال تفعيل الآليات القانونية، وتجريم كل مظاهرها، والضرب بقوة على أيدي المفسدين.
وأضاف أن المجتمع يجب أن يحاربها، بكل مكوناته، من خلال رفضها، وفضح ممارسيها، والتربية على الابتعاد عنها، مع استحضار مبادئ ديننا الحنيف، والقيم المغربية الأصيلة، القائمة على العفة والنزاهة والكرامة.
انتكاسة حقوقية
وفي سيّاق متصل، كان رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي، إن “الشرط” الذي يـُدافع عنه عبد اللطيف وهبي، إذا تم إدخاله للقانون، سيعتبر “انتكاسة حقوقية”، موضحا أنـ.ـه سيجعل “السلطة القضائية تفقد أحد مقومات وجودها، وهو استقلاليتها عن باقي السلط ليجعلها”.
وأبرز الناشط الحقوقي أن “السيد الوزير المحترم” يريد أن يجعل سلطة القضاء “تحـ.ـت سلطة وزارة الداخلية”، لافتا أن ذلك “أمر لم يسبق لأي مسوؤل أن دافع عنه”.
ويعتقد الغلوسي أن “وزير العدل لم يكن يتحدث من تلقاء نفسه، بل إنـ.ـه يمثل رجع الصدى لبعض الأصوات التي تخشى المحاسبة والمتورطة في قضايا الفساد المالي والتـ.ـي يزعجها الدور الحيوي للمجتمع المدني الجاد”.
وهبي يهدر نحن نريد تولي المسؤوليات للشرفاء؛ اما محاولة إقصاء الشعب و ترك اللصوص يعتون فسادا في بلادنا فانها غير مقبولة البتة.