الحرب على جيوب المغاربة.. “أثرياء الأزمات”


في مثل هذا اليوم، قبل سنتين (6 أبريل 2020)، تم سن قانون إجبارية وضع الكمامات، وبدأت الحرب على جيوب المغاربة من طرف “تجّار المآسي” خلال الأشهر الأولى لاجتياح وباء كورونا، الذين كانوا يبيعون الكمامات بمبلغ 200 درهم، بعد أن جعلوها “مفقودة”. يبيعونها خفية في السوق السوداء لمدة تفوق الخمسة أشهر، ربح من ورائها لوبي معروف عشرات الملايين من الدراهم..

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وبعدها، دخلت شركات “بعينها”، دون غيرها، كان صـُنع كمامة يـُكلفها أقل من 15 سنتيما، في المقابل كانت تبيعها في شكل علب من 10 كمامات “متلاشية” بـ8 دراهم، وتستفيد من دعم الدولة لها بـ50 درهما.

    هناك من كان يصنع الملايين يوميا، كان يجني منها أكثر من 150 مليون سنتيم في اليوم.

    في نفس الوقت، كان اختبار الكشف عن فيروس كورونا يـُكلّف، عند بعض المختبرات، مبلغ 2000 درهم، لمدة شهور كاملة، وبعدها حـُدد الثمن في 700 درهم، ومازال هذا الثمن ساريا في معظم المختبرات، فيما المناطق، التي تكدست فيها المختبرات، ونبتت كالفطر، أصبح الثمن يتراوح بين 400 إلى 600 درهم.

    أمّا دخول مصحات الخواص على الخط، ومعها بعض الفنادق، التي تحولت إلى “مصحات” بدورها. فقد تحوّلت إلى تجارة، بعد أن تم الترخيص للبعض، ومنع البعض الآخر، حيث كانت معظم هذه المصحات والمكوث في تلك الفنادق، إن لم نقل كلها، تـُكلف مرضى كوفيد-19 أكثر من 7 ملايين سنتيم للشخص الواحد.

    تجار الحروب على جيوب المواطنين، يعرفون جيدا كل المداخل والمخارج لـ”أكل الكتف”، خصوصا عندما أصبح المغاربة المرضى والمصابون بالوباء ومـُخالطوهم يعدّون بمئات الآلاف.

    - إشهار -

    ففضلا عن الكمامات، والأدوية، والإقامات في المصحات والفنادق، هناك أيضا النقص في مكثّفات الأوكسيجين، الذي أودى بحياة الكثير من المغاربة، الأمر الذي فتح شهيّة تجار الأوبئة والأزمات، فظهر لوبي الأوكسيجين، الذي اشتعلت النار في أسعار بيعه وتأجيره، فضلا عن الأسعار الخيالية، التي رافقته، بالموازاة معه، في ترويج أجهزة تنفّس بدون ضمان، ولا متابعة أو تصليح، وذهاب البعض لمحاولة الترخيص لأجهزة تنفس اصطناعي محلية خارج المعايير الصحية..

    بحسب التجربة، ومن خلال الأحداث الكبرى في التاريخ الحديث، وكما سجّل ذلك العالم كله، بمؤرخيه وسوسيولوجييه وباحثيه، فإنه في كل أزمة أو حرب أو كارثة، هناك الاستغلاليين المتربّحون المستفيدون من حياة وآلام الناس، التي يحوّلونها إلى تجارة مربحة، تكشف عن أزمة قيم، وأزمة حكامة، وأزمة تدبير وتسيير وإدارة عند صـُنّاع القرار، فيتحوّل الاستغلاليون، من أرباب شركات ومصحات ومن رجال أعمال وسياسيين، إلى ما يمكن أن نسميهم “أثرياء الأزمات”..

    لابد أن إدارة الضرائب، ستدخل على خط مراجعة وتدقيق الحسابات مع هذه المصحات والفنادق والمختبرات وشركات صنع الكمامات.

    وأكيد هناك تقارير وتحقيقات في هذا الشأن مع من رخّص لاستفادة البعض ومنع الآخرين، ومع كل من شن الحرب أو ساهم في شنِّها على جيوب المغاربة، في استغلال الحاجة والهشاشة، ومع كل من تاجر بالمغاربة في زمن الأزمة، تقارير وتحقيقات ستظهر نتائجها في الأيام المقبلة، بالموازاة مع التحقيقات الجارية مع المتهمين في ملف التلاعبات في “صفقات وزارة الصحة”، والذين يشغلُ بعضهم العديد من المناصب الإدارية في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، فيما الآخرون من أرباب أو مسيري شركات خاصة، ما يعني أنه آن الأوان لموعد الحساب بعدما قطعت الدولة أشواط مهمة في رقمت الإدارة… فهل هي معالم “حملة تطهير” جديدة تظهر في الأفق؟ ذلك ما سنتعرض له في مقال قادم…

    إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا.
    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد