بوغنبور يُطالب رئيس الحكومة بالجرأة والاعتراف بـ”أن اللقاحات في طور التجريب” (حوار)


طالبي المحفوظ – قال الناشط الحقوقي والمنسق السابق للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان عبد الرزّاق بوغنبور، إن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يجـ.ـب أن “تكون له الجرأة ويعترف أن اللقاحات لا زالت فـ.ـي طور التجارب السريرية، وعليه أن يسمح للإعلام العمومي الذي يُمول من دافعي الضرائب بأن ينقل آراء رافضي التلقيح وانتقاداتهم”.

وأضاف الناشط الحقوقي، في حوار مع موقع “بديل”، أن على رئيس الحكومة أن “يتجرأ ويسمح للأطباء ورجال الصحة الغيورين أن يضعوا التقييمَ الصحيح لهذه الجائحة المنفوخ فيها إعلاميا، وعليه أن يمتلك الشجاعة ويُعلن للمغاربة أن الأسعار المرتفعة في ظل الوضعية الحالية والصعبة، جريمة في حق الاقتصاد الوطني”.

وفيما يلي نص الحوار:

بداية.. ما تعليقك على التوجه الحكومي نحو فرض جواز التلقيح؟

بالطبع لا يُمكن لي إلا أن أُدين هذه الممارسة السياسية بامتياز والتي لا تستند على أي مرجعية قانونية، وإنما تندرج في مُسلسل “إعادة تربية المغاربة” التي أعلن عنها عزيز أخنوش قبل أن يُصبح رئيسا للحكومة، وهي مُمارسة تستهدف بالأساس تحقيق الاستعباد عبر التحكم في كل شيء بما فيه أجساد المغاربة.

وأجزم أن المغاربة الأحرار لن يقبلوا هذه الممارسة اللاقانونية مهما كان الأمر، فالانحناء أمام قرار خاطئ قد يُؤدي إلى مزيدٍ من التنازلات. إذا استمر الوضع هكذا فقد يصل الأمر بهم إلى أن يخرجوننا من منازلنا غدا، لأننا لا نُحب شرب القهوة بحليبهم، أو مقاطعتنا لمائهم ومنتجاتهم.

في رأيك.. لماذا لا يظهر المسؤولين وهم يتلقون جرعاتهم، لتحفيز المواطنين من أجل التلقيح، بدل اللجوء للفرض أو الاجبارية؟

علينا أن نكون صرحاء، فكما نرفض تحكمهم في أجسادنا، فنحن لا نهتم لأمرهم سواء لُقحوا أم لا، سواء ظهروا على وسائل الإعلام وهم يلقحون أو لا؟ فهم يُدركون في قرارة أنفسهم أنهم لن يُقنعوننا بجدوى هذا التلقيح.

مشكلة الحكومات في بلدنا أنها في الغالب تسعى إلى ضرب مكتسبات قد تكون حققتها عن طريق اعتماد الاختيارية في التنفيذ؛ كما هو الحال في الجرعتين الأولى والثانية اللتين تمتا بسلاسة ودون اللجوء إلى مُمارسات غير قانونية لفرضها، فالدولة لم تُحافظ على هذا الايقاع المرن بلجوئها لفرض الإجبارية.

إن الموظف المغربي في لحظة مفصلية في مساره المهني، فلو فُرض التلقيح على الموظفين، ومر دون ثورة حقيقية، سيتحول التلقيح لموعد دوري يفرض على الموظفين كل أربعة أشهر، وسيضعون نظاما معلوماتيا لتتبع تواريخ التلقيح، وسيذكرون الموظف بموعد الجرعة العاشرة والمئة بأسبوع قبل وقتها، وإذا لم يُلقح، سيُعتبر متغيبا عن العمل.

وهذا قد يكون مبررا في القطاع الخاص لطرد المستخدمين. بالأمس كان قرار العمل مقابل الأجر (مع تغييب مشروع قانون الإضراب منذ أول دستور)، واليوم التلقيح مقابل الأجر، وغدا قد تكون – لا قدر الله – قرارات أخطر تهدف إلى استعباد المغاربة بفعل القرارات الديكتاتورية التي صدرت وستصدر لاحقا في حق المغاربة.

طيب.. انطلاقا من تجربتك وتتبعك للشأن العام، هل تستطيع الحكومة تنفيذ قرارها على أرض الواقع؟

رغم التحكم الذي تبديه الدولة واستغلالها الجائحة لفرض المزيد من القوانين المجحفة في حق المغاربة، والمس الخطير بالحقوق والحريات، مُتأكد أنهم لن ينجحوا في تركيع المغاربة التاريخ الحقوقي في بلدنا يشهد أن مثل هذه القرارات اللاشعبية مصيرها مزبلة التاريخ، فقد مرّ قبل أخنوش غيره كثير، وقدموا خدمات شتى للنظام، وكان مصيرهم الإهمال والنسيان بل واستعملوا ككلينكس لمسح أخطاء النظام، وتم رميهم في سلة المهملات، بل فيهم من ظل يستجدي النظام ليمنحه جواز سفر من أجل التنقل بحثا عن لقمة العيش.

هذا من منظور اجتماعي، أما من خلال قراءتنا القانونية لهذا الإجراء، فهو لا يستند على أي سند قانوني وانطلاقا من منتصف شهر فبراير ستجد الدولة نفسها أمام طعون كثيرة تنتقد الإجراءات الحكومية الجديدة التي ينتظر تطبيقها ضد الموظفين والأجراء، وفي مقدمتها وعيد الحكومة بالاقتطاع من أجور الموظفين الممتنعين عن استكمال عملية التلقيح بتلقي ما يسمى بالجرعة المعززة.

وحول مدى قانونية هذه الإجراءات الحكومية المرتقبة ضد الموظفين من عدمها؟ وهل لها من مرتكزات في القانون؟ بقرارها هذا الواضح إنها “ستلجأ إلى الاقتطاع من الراتب تحت ذريعة غياب غير مبرر… أي أن العمل مقابل الأجر، كما هو الشأن بالنسبة للاقتطاعات التي تسري على أجور المضربين عن العمل… أو أن الحكومة ستلجأ أيضا إلى إصدار عقوبات في حق الغائبين عن العمل”.

فعلى مستوى المستخدمين ليس هناك ما يُعزز قرار الحكومة؛ فمدونة الشغل وبمقتضى المادة 39، تتحدث عن غياب الأجير لأكثر من 4 أيام بدون مبرر، يمكن أن يؤدي إلى فصل الأجير من العمل، هو مشروط بإجراء مسطرة الاستماع بمقتضى المادة 62 من مدونة الشغل”.

- إشهار -

وبالتالي فالمستخدم سيثبت عن طريق مفوض قضائي أنه لم يتغيب بدون مبرر، بل مُنع من الالتحاق بعمله بسبب فرض والزامية التلقيح، ومادام أن اللقاح اختياريا وليس إجباريا، فليس من حق الحكومة منع الموظف من ولوج مقر عمله، كما هو الشأن كذلك بالنسبة للمشغل، وإلا اعتبر “قرار المنع مُتسم بالتعسف، بعد إثبات هذا المنع عن طريق المفوض القضائي”، وسيطالب بإلغائه عبر المحاكم الإدارية التي لازلنا نعتبرها كحقوقيين هي الأنظف من بين مختلف المحاكم بالمغرب.

فيما يتعلق بموظفي القطاع العام، إن فرض قرار الإدلاء بجواز التلقيح للموظفين مع التهديد بالاقتطاع من الأجر، أي التلقيح مقابل الأجر، مع التوجه نحو عرضهم على المجالس التأديبية، واتخاذ قرارات تصل أحيانا إلى الاقتطاع من أجورهم، وترتيب عقوبات إدارية على رفضهم التلقيح، هو قرار مُناقض للدستور ومُخالف للمواثيق والعهود الدولية، نظرا لكون التلقيح لا يدخل ضمن الشروط التي ينبغي أن يتوفر عليها الخاضع للوظيفة العمومية، وبأن التلقيح إلى حد الآن، هو اختياري وليس إجباريا.

إن اشتراط الإدلاء بجواز التلقيح لولوج مكان الوظيفة أو العمل يتناقض مع اختيارية التلقيح، وأن المقصود بالإجراءات الوقائية والصحية في ظل قانون الطوارئ هي الكمامة والتعقيم والتباعد والحجر في حالة الإصابة بمرض كورونا طيلة مدة الحضانة.

لقد حدد الفصل 66 من الظهير رقم 1.58.008 المؤرخ في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية العقوبات التأديبية المطبقة على الموظف الرسمي. غير أن هذه العقوبات لا تكون في جميع الحالات قابلة للتنفيذ إلا إذا توفرت بعض الشروط. وطبعا اجبارية التلقيح مهما تم تكييفها عبر التحايل على القانون فلن يجدوا لها سندا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مفهوم المخالفات الإدارية كما تنص عليها القوانين والتي تم حصرها في التالي:

• التغيبات غير القانونية والانقطاعات المتكررة عن العمل؛
• الإكثار من الإدلاء بالشهادات الطبية للتنصل من العمل بعد إثبات ذلك بواسطة المراقبة الطبية أو المراقبة الإدارية
• الامتناع عن القيام بالعمل؛
• الاعتداء بالضرب والشتم تجاه المرتفقين والموظفين و الرؤساء؛
• إفشاء السر المهني؛
• عدم الالتزام بمواقيت العمل؛
• استغلال النفوذ؛
• التصرفات اللاأخلاقية؛
• إتلاف الممتلكات؛
• سوء التسيير المالي والمادي لمؤسسات التربية والتكوين (بناء على تقارير الجهات المختصة)؛

وبالتالي يصعب على الإدارة تكييف قرارها المجحف اتجاه الرافضين للتلقيح واجباريته.

لو كنت مكان رئيس الحكومة، اليوم، ما الذي يمكنك فعله؟

أعتقد أننا ألفنا الممارسة الحكومية في المغرب من خلال نسخ الإجراءات المتخذة في باقي دول العالم لاسيما أوروبا عامة، وفرنسا خاصة، وبالتالي على رئيس الحكومة استكمال هذه المهمة عن طريق المرونة في تطبيق مثل هذه القرارات التي يعرف أعضاء الحكومة أجمع أنها قرارات صعبة التنفيذ في ظل ظرفية اجتماعية واقتصادية صعبة، وبالتالي التراجع عن هذا القرار إذا كانت فعلا حكومة تمثل هذا الشعب وتخدم مصالحه، واستمرارها في تنفيذ هذه القرارات المجحفة في حق المغاربة، يعني ببساطة أنها لاحول ولا قوة لها، وأن هناك من يتحكم فيها لخدمة أجندات خاصة داخلية وخارجية .

في علاقة بالموضوع، كيف تقرأ اهتمام الحكومة بتلقيح المغاربة، لكن في المقابل هناك ضعف الخدمات الصحية الأخرى التي تُقدم للمواطنين؟

الواضح أن الدولة المغربية لديها أسرار وخبايا وراء اهتمامها بإجبارية التلقيح وتوفير كل أنواعه وكأننا في سوق الخضر، والحال أن لها اهتمامات أخرى أكبر سواء في المجال الصحي أو غيره، فأين إجبارية الحق في الشغل؟ والحق في السكن اللائق؟ والحق في التعليم، ولائحة الحقوق المستعجلة طويلة في هذا الوطن الجريح، هي مناسبة لأهمس في آذان الحاكمين والمتحكمين كفاكم تنكيلا بالمغاربة، فصبرهم قد ينفذ قريبا، ولن يثقوا فيكم مستقبلا مهما كان الأمر.

أخيرا، ماهي رسالتك للحكومة؟

على رئيس الحكومة أن يفهم أن صمتَ الملايين من المغاربة ليس جُبنا ولا خُضوعا للابتزاز العابر للقَارات، بل لعله حِكمَـة جماعية تُؤثر المصلحةَ الفُضلى للوطن، وإذا كنتَ حقا تُريد تحصين الصحة العامة للمواطنين فعليك أولا أن تتجرأ بإعلان تحقيق نزيه في أعراض اللقاحات، وتعويض المتضررين من مصائبها، وأن الناس ليسوا مجانين أو حمقَـى حتى يقبلوا جُرعات لا يعرفون طبيعتها.. وقد تابعوا آلام الآلاف من المتضررين منها طوالَ شهور.

على رئيس الحكومة أن تكون له الجرأة ويعترف أن اللقاحات لا زالت في طور التجارب السريرية، وعليه أن يسمح للإعلام العمومي الذي يُمول من دافعي الضرائب بأن ينقل آراء رافضي التلقيح وانتقاداتهم، وعليه أن يتجرأ ويسمح للأطباء ورجال الصحة الغيورين أن يضعوا التقييمَ الصحيح لهذه الجائحة المنفوخ فيها إعلاميا، وعليه أن يمتلك الشجاعة ويعلن للمغاربة أن الأسعار المرتفعة في ظل الوضعية الحالية والصعبة، جريمة في حق الاقتصاد الوطني، لا يستنفع منها إلا قلة قليلة من رجال الأعمال الذين لا نعرف لمن ولاؤُهم؟ هل هو للوطن ام للدولار؟

على رئيس الحكومة أن يعلن عن سبب ارتفاع أسعار المحروقات التي يُعتبر المستفيدَ الأول من ارتفاعها، وعليه أن يسمح بتداول المعلومات العلمية الصحيحة حول محتويات اللقاحات وأهدافها، وعليه أن يعترف أن تهديد الموظفين بالاقتطاع من أجورهم تحت طَائلة عدم التلقيح، هو ببساطة سلوكٌ استعبادي مُتعَجرف لا يستند إلى ذرة واحدة من الأسس الأخلاقية والقانونية والعلمية.

على رئيس الحكومة أن تكون لديه الجرأة والشجاعة ليوضح للمغاربة كيف ارتفعت ثروته بشكل كبير في ظل هذه الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، مقابل تفقير أغلبية المغاربة. غير ذلك هراء ما بعده هراء …

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد