الضريبة هاهي والمواطنة فين هي ؟


منذ غادرت أسوار الإقامة الإجبارية في السجن وانا لا أسمع لا موسيقى ولا غناء ولا موشحات ولا حتى نكت/ كل ما اسمعه هو شكاوى الناس من كثرة الضرائب، ومن الأساليب غير الودية التي تلجأ اليها وزارة المالية اتجاه المواطنين، بالحجز على ممتلكاتهم وحساباتهم وسياراتهم، دون ان تتوفر الوزارة البهية على حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به .

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    اي دون ان تتوفر مديرية الضرائب على حكم قضائي نهائي ضد المواطنين الذين ينازعون في قيمة الضرائب المفروضة عليهم / إذن وزيرة المالية وزميلها لقجع يجمعان ثلاث سلط في يد واحدة/

    سلطة تنفيذية هي سلطتهم الأصلية/ وسلطة تشريعية لان الأغلبية في / إذن وزيرة المالية وزميلها لقجع يجمعان ثلاث سلط في يد واحدة/ البرلمان مثل العجينة في ايديهما يصنعان بها ما يشاءان/ وثالث سلطة ضموها إلى سلطتهم هي السلطة القضائية المكلف حصرا بالحجز على الممتلكات وتجميد الحسابات وإلزام المواطنين بدفع ما عليهم واحيانا ما ليس عليهم ….

    لاأحد في العالم يحب الضرائب سوى شعوب البلاد الاسكندينافية التي تعطي 50% من دخلها للدولة وهي تضحك /لانها تعرف ان هذه الأموال يتخرج من باب بيتهم وترجع من النافذة/

    نافذة المدرسة العمومية المجانية والمتطورة/ نافذة المستشفى الذي يوفر العلاج والدواء والوقاية من المرض/ نافذة الحدائق والمتنزهات الجميلة/ نافذة المساعدات الاجتماعية للفقراء الذين لا يشبهون فقراءنا/

    إلى غير ذلك من الطرق التي تعود على دافعي الضرائب بالخير والبركات وموفور السعادة والرفاه ما الاعتذار لزميلينا مصطفى العلوي من زنقة البريهي على استعمال قاموسه الخاص في تطريز الدعاية الرسمية …

    يقولون في بلاد العم سام: «لا تقل ماذا أعطتني أمريكا بل قل ماذا أعطيت أنا لأمريكا»، وهذا عين العقل وقلب المواطنة .

    لكن دعونا نفحص هذه الحكمة الأمريكية في المغرب، ولو مؤقتا، لنعرف درجة الاختلالات التي تطبع علاقة المواطنين بالدولة… وإليكم هذه القصة الواقعية التي حكاها لي مواطن من لحم ودم ومعاناة /ولولا أنه فضل ان يبقى مجهولا لذكرت اسمه/ يقول بلسان ملايين مثله …

    «أنا مواطن عمري 40 سنة متزوج وأب لطفلين، أعمل في بنك، وأتقاضى أجرا شهريا قدره 12222 درهما ، أؤدي منها 30% كضريبة على الدخل، و يذهب إلى صندوق الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية AMO حوالي 530 درهم ،

    ويدخل جيبي أقل من 7800 درهم. أشتري مواد غذائية لأسرتي الصغيرة بقيمة 3000 درهم شهريا ، وأدفع ما بين 10% إلى 20% من الضريبة على القيمة المضافة «TVA» للدولة عن هذه القفة/ وحتى عن الأدوية ومصاريف العلاج/ (الدولة تربح معك في الصحة والمرض)

    ثم أدفع أقساط قرض المنزل 2700 درهم، وأؤدي عنها الضريبة هي الأخرى/، ثم أمر إلى المدرسة الخاصة التي يدرس بها ابني وابنتي، وأضع 1200 درهم عن كل واحد منهما، أي 2400 درهم،

    ثم أدفع أقساط سيارة اقتصادية عمرها سنتان حوالي 1000 درهم شهريا ، أؤدي عنها الضريبة هي الأخرى. الباقي من الراتب يذهب إلى فاتورة الماء والكهرباء والهاتف والانترنيت والمازوت واللباس والقهوة وسندويشات الأطفال يوم الأحد والأحد فقط/ وكل هذا عليه ضرائب/

    ادفعها مثلي مثل عزيز اخنوش وأنس الصفروي وعثمان بنجلون ومولاي حفيظ العلمي ….كلنا سواسية !

    آه، نسيت أن أخبركم بأن لدي أخا وأختا لا يعملان، أي في «الشوماج»، رغم أنهما درسا وحصلا على شهادة جامعية ، فأضطر إلى مساعدتهما بين الفينة والأخرى… وهذه اسمها ضريبة التضامن الاجتماعي وهي ايضا تفيد الدولة وتفيد السلم الاجتماعي

    - إشهار -

    وهكذا ترون أن أجري يعتبر من الأجور المعتبرة نظريا في هذه البلاد، فأقل من 10 % من المغاربة من يزيد أجرهم الشهري على 10 آلاف درهم، ومع ذلك فإني أعيش بالقروض المؤجل دفعها/ ولا اعرف كيف (الاگي الشهر) بتعبير إدريس البصري/

    كما لا اعرف في اي طبقة اجتماعية أنا/ هل في طبقة الفقراء/ او الطبقة الوسطى/ او في طبقة معلقة في الهواء/ لا هي وسطى ولا هي كادحة…

    المهم أخبركم أنا العبد لله الذي تمر من أمام أعيني الملايين كل يوم في البنك/ إني لا أدخر شيئا على الإطلاق/، بل بالعكس أعيش على «قروض» مؤجلة الدفع…

    ليس هذا هو موضوعنا.. الموضوع هو: ماذا آخذ من هذه الدولة مقابل كل الضرائب التي أؤديها كل يوم وكل أسبوع وكل شهر وطيلة السنة ؟

    المستشفى والدواء أدفع فاتورتهما وفوقها الضرائب، ومدرسة الأبناء أتحمل تكلفتها العالية هربا من المدرسة العمومية التي تعرفون جميعا أحوالها/ ولا داعي للتفصيل الممل.

    جل الطرق التي أعبرها كل صباح بين البيت ومقر العمل «محفرة»، وكأن قصفا حربيا أخطأ هدفه وأصابها. الحي المتوسط الذي أسكن فيه ليست به شجرة واحدة ولا حديقة صغيرة واحدة، ولا إنارة كافية، ولا مكان لحرق السعرات الحرارية، أو مساحة للعب الأطفال الذين أعتقلهم في شقة من 70 مترا مربعا طيلة أيام الأسبوع.

    عندما أذهب إلى المقاطعة للحصول على وثيقة إدارية تافهة، أضيع ساعتين في المعدل، وأضطر إلى دفع 50 درهما في الغالب، أي أن هناك ضريبة أخرى غير معلنة يدفعها المواطن من جيبه وأعصابه.

    وعندما صدر حكم قضائي لصالحي العام الماضي، بعد أن انتظرت خمس سنوات من التقاضي البطيء أمام العدالة ضد شركة تامين ، لم أجد من ينفذ الحكم على الشركة التي في ذمتها 50 ألف درهم قضت بها المحكمة لعائلتي عن عاهة أصيب بها ابني في حادثة سير وقعت أمام المنزل…

    للإشارة والعلم أنا لا اشاهد تلفزات الدولة التي يديرها العرايشي منذ اكثر من ربع قرن/ فلا تضنون أني أستفيد من الميزانية المرصودة للإعلام الرسمي وليس العمومي فهناك فرق / فأنا منخرط في إذاعات وتلفازات وقنوات درب غلف IPTV المقرصنة/ لا حرمنا الله منها.

    ووالدتي المحرومة من اي دخل لا تتقاضى معاونة 500درهم لان السجل الاجتماعي لم يقبلها/ فقط لان لها تلفزة واشتراك في نجمة 3 / لا نعرف هل هذا سجل اجتماعي ام سجل راسمالي …

    إذن اخوك في الله وفي الوطن لا يستفيد من جل خدمات الدولة لا مدرسة ولا مستشفى ولا محكمة ولا حديقة ولا طريق معبدة ولا تكوين مستمر ربما أستفيد من الأمن والجيش الذي يحرس الحدود ولا شيء آخر …

    ومع كل هذا فأنا مواطن راض بقضاء الله وقدره، لا انتمي لحزب يساري ولا يميني/ ولا أتوفر على بطاقة نقابة /ولا أخرج في تظاهرة/ احلم بالتغيير لكن في صمت/، كل أملي أن أعرف ماذا تقدم لي الدولة مقابل الضرائب التي أدفعها، عن نفسي وعائلتي وعن البيت والسيارة والقفة والماء الكهرباء والراتب والهاتف.

    وحتى القطة الموجودة في البيت اودي عنها ضريبة لان أكلها عليه ضريبة القيمة المضافة لا اعرف ماذا تضيف؟ ماذا يصنعون في الرباط بهذه الأموال إذا لم يكونوا يصرفونها على المواطن؟ آه، نسيت، لقد قرأت في الجريدة أن الضريبة عنوان المواطنة. أنا أعرف الضريبة، فمن يدلني على المواطنة؟».

    أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد