ميغَالُومَانْيَا فَوزِي لَصْكَعْ .. مَتَى تَنْتَهِي؟!


عبد المجيد موميروس 

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    يؤكد المختصون و الباحثون على أن المِيغَالُومَانيا: تَلَفٌ نفسي ينتمي إلى خانة الاضطرابات الهَوَسِيَّة. و يتأسَّس وسواس التَّعَاظُمِ على اعتقاد مُتَعَالٍ بالتميز الفائق مقارنة بالآخرين. كما اعتبر المختصون و الباحثون أن المصاب بوسواس التعاظُم قد يصل إلى درجة الإعتقاد أنه إلهٌ أو نبيٌّ أو زعيمٌ سياسيٌّ عظيم أو مُسَيّرٍ رياضيّ كبير. و ذا راجع بالأساس إلى أن المصاب بالمِيغَالُومَانْيَا لا يَتَقَبَّلُ حقيقة نفسه، لذا يعمل على إختلاق عالم وهميٍّ يدعي فيه القدرة على فعل المعجزات و الإنجازات الكبيرة.

    فأنَّهَا أعراض التوصيف الطبي التي تنطبق بشكل واضح و جَلِّيٍّ على تسيير جامعة كرة القدم بالمغرب. فالجميع تابع تَمَظْهُرَات وسواس التَّعَاظُمِ في سلوكيات و تصريحات الوزير فوزي لَصْكَع رئيس الجامعة الكروية. حيث تمادى في العَنْجَهِيَّة اللاَّرياضية بعد أن تلاعب به مَكْرُ القدر التاريخي. ثم إنتهى مَصْفُوعًا مثل قُطَيِّطٍ ينظر إلى إسقاطاته على المرآة، و هو يعتقد نفسَه أسداً.
    و حيث أن الكرة منفوخة بالهواء المضغوط، فإن فوزي لَصْكَعْ بالغ كثيراً في الضغط علينا بالهواء المُنْبَعِثِ من فَمِه، كما نَثَرَ   رَذَاذَ الأوهام على الجماهير الضَّمْآنَة. حتى كان الإنجاز الموعود سرابًا تَسبَّبَ في نكسة شعبية لن يجد وزير الجمع بين الميزانيات أمام فَظاعَتِها سوى الإستعانة بقاموس الخرافة لتبرير الخسارات المُذِلَّة.
    و بعيدا عن بْلاطُوهَات التحليل الكروي، و عن تفاسير النقاد لضعف الخطط التقنية و هشاشة الاختيارات التكتيكية، و غياب الإنضباط الرياضي و الإلتزام الوطني. يمكنُنا الجزم بأن حالة التَّعَاظم النفسي التي أصابت فوزي لَصْكَعْ، قد انتقلت عدواها إلى أقدامِ اللاعبين التي تَعالَتْ على عشب الملاعب و اعتقدَت أن الألقاب ستدخل خزانة جامعة كرة القدم بالنَّفْخِ الإعلامي و الانْتِفَاخ النَّرْجِسِي.
    بل .. لَعَلَّنَا في مسيس الحاجة إلى التحليل الملموس للواقع المنحوس. إذ لابد من العودة إلى مسار بَيْطَرَة النَّفْخِ و الإِنْتِفَاخ  الذي انطلق بِثِقَةٍ زائدة في قدرة المُتَوَهِّم على تَحزيبِ جامعة كرة القدم. حينها عمل بعقدة سياسوية ضيقة على احتكار أقدام و أقلام الكرة و ترويضِها بأرباح الإشهار خدمة لأهداف حزبية غير رياضية. نعم ..  هكذا كان و اعتقد الوزير فوزي لَصْكَعْ أنه سيصنع مجدًا سياسيًّا بتوظيف جمهور كرة القدم التي تعتبر الرياضة الأكثر شعبية في المغرب، و تحويل الولع الشعبي نحو التحصيل الإنتخابي لفائدة تكتل سياسي معين.

    - إشهار -

    فَمثلما تغلغل رُوَيْبِضَاتُ التدين الحاكمي، و تمكنوا من غزواتِهم السياسوية بإستعمال رخيص للدين. قد سارعت بَيْطرة فوزي لَصْكَعْ إلى توظيف كرة الهواء في السياسة بغرض كسب عاطفة جمهورها في الصراع الانتخابي. ثم تَجَلَّت له النتيجة فشلاً ذريعًا على جميع المستويات من تدبير شأن الحكومة إلى تسيير جامعة كرة القدم بالمغرب، دون أن يعترف بواجب تَحَمُّلِ المسؤولية في هذا الفشل الحضاري المُتَوَسِّع.
    هكذا بسذاجة البؤساء، تناسى الوزير فوزي لَصْكَع أن  الوعي العقلاني و الإنجاز الميداني سيظلان وحدهما المعيار القمين بِحَسْمِ المباريات السياسية القانونية. بما أن دغدغة العواطف بالدين أو بِكُرة القدم لا و لن تَصْمُد طويلاً أمام مَطَبَّات السياسة و مطالب الشعب و متطلبات المحيط العام. بل إن هذه التوظيفات الشعبوية و الإنتهازية قد تقود المجتمع المغربي إلى صراع عقيم يأتي على الأخضر و اليابس.
    إن المجد الإنتخابي الذي يُبْنَى على توظيف الدين لا  يجعل كل من يَدَّعي “التَّقوى” رَجُلَ سياسةٍ حفيظٍ عليمٍ مُنْتِجٍ للتغيير الديمقراطي المطلوب. و كذلك توظيف البَيْطَرَة الكروية و الركوب على مزاج هوائِها المُتَقَلِّب لا يمكن أن يمنح للوَطن الجريح رجل دولةٍ قادر على الإنجاز المرغوب.
    و عليه .. يبقى لكل مجال ضَوابِطه و آلِيَّاته، بحكم طبيعَتِه و الغايات المرجُوة منه. كما أنها السياسة ميدان النسبية الديمقراطية في  تَدبير الشأن العام  حتى نحَقِّق ما نستطيع إنجازه على أرض الواقع المحسوس، و أعني بذلك القدرة على تسجيل أكبر عدد من أهداف الديمقراطية و التنمية و الألقاب الرياضية.
    على سبيل الختم .. نهمس في وعي الجميع، كيْ نَفِرّ من قدر الله إلى قدر الله. حتى إذا هم نسبوا الفشل إلى فعل القضاء و القدر، فَإِنَّا نُسَائٍلُهُم عن النجاحِ : لِمَ سيكون منسوبا إلى فعل البشر؟!. فَحَقًّا أنَّه الهُزال القيمي لم يعد صالحا في زمن الذكاء الإصطناعي، وَ لوْ كان للفاشل تبريرٌ قانوني لما أَلْفَيْنَا ضمن أحكام الميثاق الأسمى للأمة المغربية مبادئ الحكامة الجيدة و ربط المسؤولية بالمحاسبة و المساءلة و المراقبة.
    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد