تقرير: مقلع للرمال يُحول حياة مغاربة إلى جحيم
تعيش ساكنة دوار “أمشاض”، بجماعة دير القصيبة، التابعة إقليميا لنفوذ تراب عمالة بني ملال، أوضاعا كارثية، وجحيم يومي، سببه مقلع لاستخراج الرمال، يوجد على مشارف مدينة القصيبة.
المقلع بدأ الاشتغال بعقد منذ سنة 2006، ولا زال مستمرا حتى الآن، هذه المدة كانت كافية لتحويل حياة ساكنة “أمشاض” إلى جحيم، بفعل الأضرار الكبيرة التي تسبب فيها، بعدما سمم المياه وأضر بالغطاء النباتي للمنطقة، وقتل الحيوانات، جراء تأثرهم بالغبار والتلوث المنبعث من المقلع، إضافة إلى التصدعات التي باتت تعاني منها منازل الساكنة المحلية بفعل التشققات التي أحدتثها الانفجارات القوية للمقلع.
“السعيد” واحد من السكان المحليين، قال في تصريح لموقع “بديل”؛ إن الفلاحة بالمنطقة تضررت بشكل كبير، حيث أصيب شجر الزيتون والخروب بمرض خطير، وموت خلايا النحل بفعل كثرة الغبار، والضجيج العالي والفجائي الناتج عن تفجير ما يسمى بـ”المين” (متفجر عالي التردد، لتسهيل عملية الكسر والحفر على الجبل)
وفيما يخص الأضرار الصحية، قال العربي بن عبد السلام، “إن هذا المقلع تسبب في انتشار مجموعة من الأمراض المزمنة، كالحساسية بمختلف أنواعها، ضيق التنفس وقلة الأوكسجين بفعل الغبار وكذلك انتشار الأمراض المعدية في صفوق بعض أنواع الحيوانات الحساسة كالأبقار، والدجاج، وهذا يعود بالأضرار على صحة المستهلك.
أما على المستوى الاجتماعي، قال محمد أوعلي، وهو أب لثلاث أبناء، “هذا المقلع تسبب في هجرة أبنائي من الدوار إلى مدينة أخرى، بعدما ضاق بهم الحال، جراء الضجيج المستمر والتلوث.
واعتبر محمد في حديثه، أن هذه سياسة ممنهجة ضد تنمية المنطقة لترحيل سكانها، واحتوائها من طرف المستغلين لمقالع الرمال.
وزاد محمد قائلا: “سبق أن رفعنا شكايات إلى الجهات المسؤولة، بإقليم بني ملال منذ سنة 2017، دون تلقي أي استجابة، الشيء الذي أرق بَالَهم، وشكل لهم حسرة في ما قد يقع لهم ولأراضيهم ومنطقتهم من دمار وخراب.
وشدد أحد المتضررين من المقيمين، بالديار الفرنسية، في حديثه مع موقع “بديل “؛ أصبت بخيبة أمل لضياع ضيعتي الفلاحية بعد أن كانت جزء من تنمية الاقتصاد والمنتوج الفلاحي المحلي بالمنطقة بمختلف القطاعات: كغرس أشجار الزيتون وأشجار الخروب وبناء “الاسطبلات” لتربية الأبقار وتربية الدواجن، ما يشكل ورش صغيرة للعامليين بالمنطقة بمختلف فصول السنة الفلاحية، لكن تفاجأت بضياع كل شيء “.
وقال الفاعل الحقوقي المعطاوي في تصريح لموقع “بديل”، إن هذا المقلع بات يشكل شبح يطارد الساكنة المحلية ليل نهار، كيف يعقل أن يتم تفجير قنابل لتكسير الجبل بدون حضور السلطات المحلية والدرك الملكي، وبدون سابق إنذار أو إخطار الساكنة مسبقا، حتى لا يتسبب في هلع المواطنين، خصوصا إن النساء الحوامل”
وتساءل المعطاوي في حديثه “ماذا تستفيد خزينة الدولة من العائدات المالية الضريبية السنوية، وكيف يتم دفع أجور العمال، وهل هناك ضمانات العمل في شروط السلامة الصحية الجسدية للعمال؟ وهل سيتم تعويض المتضررين من هذا المقلع؟.
مسكوري رئيس جماعة دير القصيبة، أكد في تصريحه لموقع “بديل”، أن فرضية اشتغال المقلع بدون ترخيص غير موجودة، ونحن نعمل على مراقبة المقلع كل ثلاثة أشهر بمعية لجنة إقليمية.”
وأشار مسكوري إلى ضرورة تعويض الساكنة المتضررة من أشغال هذا المقلع، خصوصا بعد ظهور تشققات على مستوى المنازل.
ومن جهة أخرى، قال الفاعل الحقوقي “إبراهيم”: لا أعتقد أن بإمكان اللجنة الإقليمية أن تقوم بعمل الضابطة القضائية التي لها الإمكانيات والصلاحيات للتحقيق مع المخالفين وإحضار الملفات والمشتبه بهم والتحقيق معهم والوصول إلى الخلاصات الحقيقية، عكس اللجنة الإقليمية أو جماعة دير القصيبة التي يمكن القول إن عملها يبقى استطلاعيا فقط، ما يعني أن هذه الجهود تحتاج إلى أمور تقنية يضمنها فقط القانون الجنائي المغربي”.
ودعا الناشط الحقوقي إلى ضرورة اتخاذ قرار فوري وفتح تحقيق من طرف قضاة مجلس الحسابات ووزارة الداخلية وضباط الشرطة القضائية واللجان الخاصة في مدى احترام المقلع للشروط القانونية لاستخراج الرمال.
وتقول المادة 24 ، من ظهير شريف رقم 66.15.1 صادر في 21 من شعبان 1436)9 يونيو 2015 )بتنفيذ القانون رقم 13.27؛ إذا تبين أن استغلال أحد المقالع يشكل بالنسبة إلى العمال وسكينة الجوار والصحة والأمن والسلامة العامة والفلاحة والصيد البحري والموارد والحيوانات والنباتات البرية والمائية والغابة والوحيش ومختلف الأحياء والنباتات والمنابع المائية والبيئة والمواقع والآثار التاريخية، مخاطرا أو أضرار لم تكن معروفة عند الحصول على وصل التصريح، فإن الإدارة تأمر المستغل باتخاذ تدابير تكميلية أو إدخال التغييرات اللازمة لتفادي المخاطر أو الأضرارالمذكورة.