الادريسي: التعليم يعيش أزمة بنيوية والدولة تتجه نحو ”تسليعه” (حوار)


بديل.أنفو- خطف ملف التعليم الأضواء خلال  الفترة الأخيرة، بعد حوارات ماراطونية جمعت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، والتي توجت بتوقع محضر 18 يناير الجاري، بمباركة رئيس الحكومة عزيز أخنوش.

ويحتل ملف التعليم مكانة مهمة، سواء في خطاب الحكومة، التي جعلته أحد ”مرتكزات” برنامجها،  وبشكل خاص وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، المشرف المباشر على القطاع، والتي يقودها أحد رجالات الدولة الكبار،  شكيب بنموسى.

من أجل تسليط الضوء أكثر على هذا الملف الحساس حاور موقع “بديل” الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم ”FNE”، باعتباره زعيم إحدى النقابات الخمسة الأكثر تمثيلية، حيث شارك في الحوار مع وزارة التربية الوطنية؛ وبوصفه وجها نقابيا بارزا، ودائم الحضور في الملفات الحساسة التي تهم مختلف فئات هذه المنظومة.

وفيما يلي نص الحوار:

كيف هي أوضاع جامعتكم، وهل هناك تطور منذ التأسيس إلى الآن؟

نعتبر أن الجامعة الوطنية للتعليم FNE التوجه الديمقراطي موجودة كنقابة تعليمية أكثر تمثيلية في الرتبة السادسة على إثر الانتخابات المهنية ليونيو 2015، وفي الرتبة الرابعة من بين خمس نقابات على إثر الانتخابات المهنية ليونيو 2021، هاته الانتخابات الأخيرة التي نُظمت مع الأسف بالشكل الذي حاولت فيه عدة أطراف تقزيم قوتنا بشتى الوسائل، لكننا صَمدنا مرة أخرى في وجه الدسائس البئيسة وحصَلنا على التمثيلية، وهذا بفضل المجهودات الصادقة المبذولة من طرف مناضلاتنا ومناضلينا ومنخرطينا ومتعاطفينا في مختلف مناطق المغرب بِقُراه وجِباله ومُدُنه، كما أن الجامعة لم تبق لها مكانتها فقط وسط نساء ورجال التعليم، كمناضلين ومنخرطين ومتعاطفين ورأي عام تعليمي، من الأولي إلى العالي، بل حتى خارجهم ووصلت إلى الأسر والعائلات والتلاميذ والطلبة والمعطلين.. ووسائل الإعلام الحرة…، فلا يمكن الحديث عن الحركة النقابية بالمغرب الآن، دون استحضار الجامعة كنقابة تعليمية من التعليم الأولي إلى العالي في العمومي والخصوصي، حضور لا يمكن تجاهله، وهذا بفضل مواقفها التقدمية والواضحة والصريحة من مختلف قضايا شعبنا وعلى رأسها كل ما يتعلق بحق بنات وأبناء شعبنا في تعليم عمومي مجاني موحَّد وجيد من الأولي إلى العالي. كما أن الجامعة منخرطة في الجبهة الاجتماعية المغربية والجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع..، وعضوة في القيادة الدولية للاتحاد الدولي للنقابات التعليمية، ومتواجدة تنظيميا في كل جهات وأقاليم المغرب، بالطبع مع تفاوتات في مستوى التنظيم والنشاط، 12 مكتب جهوي على 12، و82 مكتب إقليمي على 82، دون الحديث على المكاتب المحلية المتواجدة بالأقاليم والنقابات الوطنية التابعة لها (النقابة الوطنية للعاملين بالتعليم العالي، النقابة الوطنية للأساتذة المبرزين، النقابة الوطنية للمساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين بالتربية الوطنية والتعليم العالي، الهيئة الوطنية لدكاترة التربية الوطنية، وعدد من اللجان الوطنية) كما أن هناك القطاعات الموازية التابعة للجامعة وهي: اتحاد نساء التعليم بالمغرب واتحاد شباب التعليم بالمغرب واتحاد متقاعدي التعليم بالمغرب، إضافة إلى كل هذا، هناك لجان وسكرتاريات وطنية تهم العديد من الفئات التعليمية كالسكرتارية الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي والسكرتارية الوطنية لعمال وعاملات الحراسة والنظافة والإطعام والسكرتارية الوطنية لمفتشي التعليم والمقصيين من خارج السلم والعرضيين.. إلخ،

لقد كان يراد لنا كنقابة، من عدة أطراف، كتجربة نقابية وكتوجه ديمقراطي أن نموت وأن نتنحى، من داخل الاتحاد المغربي للشغل منذ عشرات السنين، ووصل الهجوم المعادي علينا ذروته في الذكرى الأولى لانطلاق حركة 20 فبراير 2011، أي في فبراير – مارس 2012، وخصوصا بعد نشر مقال تحقيقي للصحفي المعتقل الريسوني سليمان  بجريدة المساء يوم 24 فبراير 2012 تحت عنوان: “الاتحاد المغربي للشغل.. عندما يتعايش النضال و”الاختلال” “… وتم طردنا من قيادة الاتحاد المغربي للشغل (الأمانة الوطنية واللجنة الإدارية..) وتم غلق مقر الاتحاد بالرباط بالحديد والنار (السودور) لمدة سنة كاملة (مارس 2012-2013).

واضطررنا إلى الاستمرار فيما سميناه “تدبير الصمود” لكي تبقى التجربة حية، وعقدنا مؤتمر الجامعة الوطنية للتعليم في ماي 2012، رغم محاولات المنع، ونظمنا مؤتمرا وطنيا ثان في ماي 2016، وكان من المفروض عقد المؤتمر الوطني في ماي 2020، وهي آخر ولاية لي ككاتب عام وطني للجامعة، لكن مع الجائحة والحجر الصحي والمنع.. اضطررنا إلى تأجيل المؤتمر، ونتمنى أن نتمكن من عقده في ماي – يونيو 2022 لتجديد القيادة الوطنية للجامعة وانتخاب كاتب/ة عام/ة وطني/ة جديد/ة.

الجامعة الوطنية للتعليم FNE عرفت تطورا ملموسا على عدة مستويات، ومع ذلك ما زلنا نؤكد أننا لم نصل بعد إلى ما نطمح إليه، وهذا يتطلب المزيد من العمل والعمل المتواصل والدؤوب لما فيه تعزيز العمل النقابي الديمقراطي ولِنكون في مستوى تحقيق انتظارات شعبنا والدفاع عن التعليم العمومي وقضايا ومصالح نساء ورجال التعليم وكل العاملات والعاملين بالتعليم.

 

كيف تنظرون الى الوضع العام للتعليم في المغرب؟

مع الأسف الكل يقر أن التعليم بالمغرب ليس بخير ونحن نعتبر أن التعليم بالمغرب يعيش أزمة بنيوية عامة بسبب الاختيارات اللاشعبية والسياسات المتعاقِبة في المجال منذ عقود، فالتقارير الرسمية المغربية تتميز بلازمتين: أولا، التأكيد على تنويع تمويل التعليم وعدم الاقتصار على التمويل العمومي والبحث عن تمويلات أخرى: الأسر والعائلات والجماعات الترابية والمجتمع المدني والقطاع الخاص،… والثانية، هي التشكي على عدم تحقيق أهداف خوصصة التعليم.

فمحاولات الدولة المتتالِية هي التخلص من الخدمات العمومية ومن تمويلها وعلى رأسها التعليم والصحة.. والتوجه نحو الخوصصة وتسليع التعليم من الأولي إلى العالي، ونحن في المقابل نناضل في الاتجاه المعاكس الهادف إلى الحفاظ وتطوير الخدمات العمومية، وفي مجال التعليم نناضل من أجل تعليم عمومي موحَّد ومجَّاني لجميع بنات وأبناء شعبنا من الأولي إلى العالي، وضد خوصصة التعليم وتسليعه، ونعتبر أنه إن استمرت الدولة في سياساتها وإن لم تبدل مجهودا استثنائيا ماليا أولا، فتخوفنا كبير أن نصل إلى 2030 نهاية الرؤية الاستراتيجية أو حتى إلى نهاية النموذج التنموي 2035 ونجد أنفسنا في نفس الإشكالات كترتيب المغرب من بين آخر الدول وتدني المستوى الدراسي والجامعي والبحث العلمي واستمرار سوء النمو والتنمية والنقص في البنيات والأطر وانتشار الأمية والجهل والبطالة…

فترتيب المغرب يأتي، حسب التقرير حول التنافسية العالمية منذ 2015/2016 للمنتدى الاقتصادي العالمي والمركز الدولي للتعليم “اليونيفيك”، التابع لمنظمة اليونيسكو، في التصنيف الخاص بعام 2017، وتقارير أخرى جعلت المغرب في آخر ترتيب جودة التعليم. حيث صُنفَ في الرتبة 101 من بين 140 دولة شملها مؤشر جودة التعليم، كما سبق لتقرير آخر أصدره صندوق النقد الدولي، أن أشار إلى أن نسبة جودة التعليم في المغرب، تصنف بين أدنى مستويات الجودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

فالجميع يجمع على أن النظام التعليمي بالمغرب يعد من بين أفشل الأنظمة حول العالم، فهو يعاني اختلالات بنيوية عميقة، على الرغم من توالي برامج إصلاحية عديدة، آخرها “الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المدرسة المغربية” في أفق 2030، حيث:

1)    التغييب الكلي للعنصر البشري داخل المنظومة،

2)    ارتفاع نسبة الهدر المدرسي،

3)    تخبط في تحديد اللغة التي يمكن اعتمادها في منظومتنا التربوية،

4)    فقدان الثقة للمغاربة في النظام التعليمي،

5)    تناسل مظاهر العنف التي يعرفها نظامنا التعليمي على كافة المستويات والأشكال؛

6)    ضعف تناسق التخصصات التعليمية وسوق الشغل، مما يعمق أزمة العطالة التي تشهدها البلاد؛

7)    تردي عام للمناهج التعليمية وعدم تجديد محتوياتها حتى تلائم العصر التحديات المستقبلية وتنمي القدرة على التفكير والنقد والابتكار عند المتعلم،

8)    تدني مستوى التلاميذ وضعف امتلاك المهارات الأساسية…

نحن بحاجة إلى نظام تعليمي جديد يتأسس على تلبية الحاجات الملحة للشعب المغربي في التنمية الحقيقية، ينمي لدي المتعلم(ة) القدرة على التفكير والنقد والإبداع، ويؤهل التلاميذ(ات) والطلبة(ات) الاعتماد على الذات والانخراط في التحديات المستقبلية للإنسانية.

 

ما هو تقييمكم للحوار الذي تجريه النقابات مع وزارة التربية الوطنية؟

- إشهار -

لقد طالبنا مرارا وفي كل المناسبات وعبر رسائلنا وبياناتنا وتصريحاتنا بضرورة توفير شروط التفاوض الحقيقي حول كل ملفات الشغيلة التعليمية وكل العاملين بالقطاع، وبالتعامل الجدي والمسؤول مع كل ملفات الشغيلة التعليمية المشتركة والجماعية والفئوية العادلة والمشروعة والوفاء بالالتزامات والاتفاقات المبرمة.

ومع الأسف بسبب ما ننعته نحن بالحوارات المغشوشة والعقيمة وغير المنتجة، وبسبب عدم الالتزام بالاتفاقات، وعلى رأسها اتفاقي 19 و26 أبريل 2011، تراكمت وتتراكم المشاكل والقضايا ولا تُحل، بسبب غياب الإرادة السياسية لحل المشاكل.. فمثلا تجربتنا مع أمزازي سعيد وزير التربية الأسبق كانت مريرة حيث لم يتحاور مع النقابات التعليمية وخصوصا معنا كجامعة لأكثر من سنتين. في التجربة الحالية مع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بنموسى شكيب، لنا لقاءات متتالية منذ 15 أكتوبر وتم يوم 18 يناير 2022 توقيع محضر اتفاق مرحلي حول بعض الملفات مع التزام الحكومة والوزير والنقابات بمتابعة الحوار المنظم والمنتظم حول ملف التعاقد والنظام الأساسي الموحد وباقي الملفات العالقة والتي تتطلب الحوار والتفاوض الجدي والمسؤول وبدون حسابات كيفما كان نوعها ومن أي طرف، يجب العمل على حل مشاكل التعليم ومشاكل العاملات والعاملين به.

ووجب الإشارة هنا أننا داخل قيادة الجامعة ناقشنا وكان ممكنا اتخاد قرار مقاطعة توقيع المحضر ولقاء الحكومة لكننا في الجامعة نعتبر أننا لدينا التزامات اتجاه التعليم ببلادنا واتجاه العاملات والعاملين بالتعليم وفي هذا المجال لا يمكن أن  نعتمد سياسة الكرسي الفارغ، كما أن محضر 18 يناير 2022 هو محضر مرحلي، ودفاعنا كان مستميتا كما العادة على مختلف مطالب الشغيلة، يصل في بعض الأحيان إلى إغضاب ممثلي الوزارة والإدارة، وتوقيعنا على المحضر ليس لكونه يستجيب لمطالب الشغيلة، أو أننا راضيين على كل ما جاء فيه، بل هو إلزام للوزارة والحكومة ولنا كنقابات بضرورة التعاطي مع كل الملف المطلبي في شموليته في الحوارات المقبلة، وأننا في الجامعة بتوقيعنا على الاتفاق المرحلي عبَّرنا عن حسن نيتنا في بداية هذا المشوار، وتشبَّثنا ونتشبثُ بمطالب الشغيلة كلها ونؤكد على الحلول المنصفة والعادلة، كما أن حوارنا وتفاوضنا مع الحكومة والوزارة والإدارة مفتوح على كل الاحتمالات.. ونتمنى كما نلح ونؤكد دائما أن يسود احتمال حل المشاكل كل المشاكل الحقة والحقيقية.

فمحضر الاتفاق المرحلي الموقع بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية، بحضور وإشراف رئيس الحكومة، ينص على:

1)    إحداث نظام أساسي محفز وموحد يشمل جميع فئات المنظومة التعليمية نبدأ الحوار حوله بداية فبراير 2022 وننهيه نهاية يوليوز 2022؛

2)    برمجة تدارس الملفات المطلبية الأخرى المطروحة من طرف النقابات الخمس الأكثر تمثيلية ومواصلة الحوار حولها بداية فبراير 2022؛

3)    تسوية 6 ملفات مطلبية بشكل جزئي أو كلي نهائيا أو مرحليا (الإدارة التربوية إسنادا ومسلكا، أطر التوجيه والتخطيط، حاملو الشهادات، موظفو الوزارة الدكاترة، المساعدون التقنيون والمساعدون الإداريون، أساتذة الابتدائي والاعدادي العاملين خارج سلكهم)؛

4)    مواصلة حوار الوزارة مع لجنة الحوار الوطنية للتنسيقية الوطنية للأساتذة المفروض عليهم التعاقد وتحديد لقاء يوم الاثنين 31 يناير 2022 بمشاركة النقابات التعليمية الخمس بعد لقاء 1 دجنبر 2021

5)    تفعيل المذكرة 103 في شأن العلاقة بين وزارة التربية والنقابات التعليمية الخمس مركزيا وجهويا وإقليميا.

 

ما هي نظرتكم للوضع النقابي في المغرب عموما، وفي قطاع التعليم بشكل خاص؟

مع الأسف الوضع النقابي بالمغرب يتميز بالتشتت والتشردم، وغياب الديمقراطية الداخلية وتسلط البيروقراطيات التي تعمل على رهن الحركة النقابية وتحييدها عن الصراع المجتمعي وتكريس ثقافة المرونة لخدمة الباطرونا والمقاولة على حساب الطبقة العاملة وعموم المأجورين، دون الحديث عن ما تواجهه النقابات الكفاحية من حصار وتضييق ومنع وقمع…، والهجوم المعادي على الحريات النقابية وبتردي أوضاع الطبقة العاملة التي ازدادت ترديا بسبب وبدعوى الجائحة والطرد من العمل والزيادات المتتالية في الأسعار وتجميد الأجور بل والتنقيص منها وفقدان مناصب الشغل.

وبالنسبة لقطاع التعليم فالعمل النقابي هو الآخر يعرف تشتتا بسبب الحسابات الضيقة، نعمل ونتمنى أن نغلب العمل المشترك الجاد ونتغلب على هذا التشتت، ويعرف العمل النقابي بالتعليم مشاكل بسبب غياب الحوار والتفاوض الجديين وعدم حل المشاكل التي تتراكم مما يشجع على التكتلات الفئوية داخل النقابة وخارجها، فغياب حل المشاكل يدفع وبشكل موضوعي إلى جعل الفئات تنظم نفسها بنفسها وتتوحد داخل تنسيقية نقابية أو مستقلة للقيام بالاحتجاجات اللازمة لفرض مطالبها… وفي هذا الإطار عرف قطاع التعليم حراكا تعليميا احتجاجيا ملحوظا، مع الأسف يواجه بالقمع والاعتقالات والمحاكمات والمتابعات وبلا مبالاة المسؤولين على مستوى الدولة والحكومة والوزارة، وكل ذلك يساهم في العزوف واليأس والإحباط وانفراط الثقة في أي عمل نقابي… وما لذلك من آثار سلبية خطيرة على منظومة التعليم وعلى نفوس ومعنويات العاملين والعاملات به، بل وعلى المجتمع بكامله..

إنه وضع يضعنا أمام مسؤولية إعادة الاعتبار للعمل النقابي الديمقراطي والكفاحي باعتباره الحصانة أمام كل محاولات التشكيك والتبخيس وتكريس النزعة المصلحية الضيقة وتفشي الاسترزاق والانتهازية إلى غير ذلك.

إن الأمر يتطلب بذل كل الجهد لإعادة الاعتبار للعمل النقابي الحقيقي وتعزيز قيم التضامن ونبذ الحلقية والفئوية الضيقة لمواجهة التحديات المصيرية، وهذا يتطلب من الغيورين والمناضلين الوعي باللحظة التاريخية الحاسمة والاقتناع بضرورة العمل المشترك الجاد والمسؤول والمصير المشترك لإنجاز المهام المطروحة وانتزاع الحقوق والمطالب العادلة والمشروعة وصيانة المكتسبات التاريخية التي يتم الإجهاز عليها في ظل غياب موازين القوى لصالح الحكومات والباطرونا.

 

ما تقيمكم لعمل وزارة التربية الوطنية في تدبيرها لملف التعليم في ظل جائحة كورونا؟

ألقت أزمة جائحة كورونا بظلالها على قطاع التعليم؛ إذ دفعت المدارسَ والجامعات والمؤسسات التعليمية إلى إغلاق أبوابها تقليلا من فرص انتشاره، في أزمة جائحة كورونا، وكان لرجال ونساء التعليم دور كبير في مشروع التعليم عن بعد، والذي أطلقته وزارة التربية الوطنية منذ مارس 2020، إثر فرض حالة الطوارئ، والحجر الصحي، لكن مع الأسف في المقابل ضعف الإمكانيات وضعف القرارات التي يمكن أن تخفف من الآثار السلبية للجائحة على قطاع التعليم، نذكر مثلا أننا كجامعة راسلنا في أبريل 2020 رئيس الحكومة الأسبق العثماني ووزير التربية الأسبق أمزازي وطالبنا بتوفير اللوحات الالكترونية والحواسيب والهواتف للتلاميذ والطلبة والمدرِّسين وبمراقبة وتوفير ونشر وتعميم وتجويد شبكات وصبيب الأنترنيت للجميع في مختلف مناطق المغرب وجعله مجانيا عندما يتعلق الأمر بالتعليم والتربية والبحث العلمي، لكن بقيت رسالتنا دون جواب ولا متابعة ولا حوار، وكانت النتيجة أن نسبة كبيرة من التلميذات والتلاميذ والطالبات والطلبة لم يستفيدوا من التعليم عن بعد بسبب وضعهم الاجتماعي والمجالي.. ورغم إقرار الوزارة بذلك استمرت نفس الإجراءات موسمي 2020-2021 و2021-2022.

وعندما منحت الوزارة صلاحية الاختيار بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد لأولياء الأمور، اختارت 80 بالمئة من الأسر التعليم الحضوري كصيغة أنسب لتعلم أبنائها، مما يؤكد، مرة أخرى مع الأسف، فشل التعليم عن بعد، الذي لا يمكن أن يعوض التعليم الحضوري. وتفضيل أولياء الأمور للتعليم الحضوري ينطلق من الوضيعة المادية الضعيفة لأغلب الأسر، التي تجد صعوبة في دفع ثمن خدمة الإنترنت، واقتناء حواسب أو هواتف ذكية تساعد أبنائهم على الدراسة من البيت أضف إلى ذلك المشاكل الناجمة عن ظروف السكن غير اللائقة، خاصة في المناطق الجبلية والقروية والمناطق المهمشة…

وبما أن التعليم الحضوري كان هو الخيار الصائب، فالأمر يتطلب توفير شروط السلامة الصحية داخل المؤسسات التعليمة باحترام بروتوكول السلامة والوقاية من الوباء، وهو ما كان متفاوتا بين مؤسسة وأخرى وبين المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية..

ولقد ساهم التوقف عن الدراسة في نقص التحصيل الدراسي لدى التلاميذ بنسبة 30 بالمئة، وكشف انتشار فيروس كورونا عن انعدام المساواة في الوصول إلى التعليم في المغرب. فبعد أن كان تلاميذ القرى والبوادي المغربية مرغمين على قطع كيلومترات من أجل الوصول إلى مدارسهم البعيدة، بالإضافة إلى افتقار هذه المدارس إلى أبسط شروط الاستقبال كالإنارة ودورات المياه والماء الصالح للشرب، وجد التلاميذ والطلبة أنفسهم أمام عائق آخر يتمثّل في غياب الإنترنت لمتابعة التعليم عن بُعد.

فالأهداف المنشودة من التعليم عن بُعد لا تتحقّق لعدم قدرة التلاميذ والطلبة على متابعة كامل البرنامج الدراسي اليومي بسبب ضعف الإنترنت. ويتسبب ذلك في ضعف الإقبال على الحصص الدراسية عن بُعد، خصوصاً من قبل التلاميذ والطلبة الذين يعانون من ضعف شبكة الإنترنت، ما يتسبّب في تفاوت وصول التلاميذ والطلبة إلى الحصص الدراسية.

وبما أن التعليم في زمن كورونا، يمثل منعطفاً تاريخياً مهماً جداً في تاريخ المغرب المعاصر، بحكم أنه أتاح فرصة إدماج التكنولوجيا في التعليم، وتحفيز التلاميذ والأساتذة على تجريب التقنيات الجديدة في ممارسة التدريس وتعلّم التعلم، فإن الأمر يتطلّب وقتاً وجهداً وتخطيطاً.

وحاضرا، إنّ التعليم عن بُعد لا يمكن أن يعوّض التعليم الحضوري نظراً للتفاوت في الموارد البشرية والموارد المادّية بين المناطق القروية والحضرية، ولكن، يمكنه أن يكون مكمّلاً ومعزّزاً للتعليم الحضوري.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. القاضي عياض يقول

    الحصيلة صفرية بالنسبة لملف أطر التوجيه والتخطيط الذي عمر اكثر من 16 سنة.. رغم ان سي الإدريسي كان خلال معا كنا الممركزة في كلماته تعاقد معنا على طرحه بقوة وإصدار مرس م المركز ومرسوم انصاف الزنزانة 10 الا فإنه لم يوف بالتزانه ووقع على الآفاق المشؤوم دون استشارة اهل الملف من القواعد..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد