لزرق: المفاوضات الأمريكية-الإيرانية تعكس التنافس الاستراتيجي مع الصين لإعادة رسم تحالفات الشرق الأوسط


تُعد العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران واحدة من أعقد القضايا الدولية، حيث ظلت لعقود ساحة لتبادل الاتهامات والتصعيد السياسي، وسط فترات متقطعة من الانفراج الحذر.

وشهدت هذه العلاقة مراحل متكررة من المواجهة، سواء بسبب التدخلات الأمربكية في الشأن الداخلي الإيراني أو بسبب الخلاف المتزايد حول الملف النووي وقضايا الشرق الأوسط، إضافة إلى تباين جذري في التوجهات الجيوسياسية والاقتصادية.

وفي أبريل الجاري، حدث أول تحرك تفاوضي جديد منذ سنوات، وذلك بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية، حيث نطلقت في العاصمة العُمانية مسقط جولة مباحثات بين الجانبين، تركزت حول الملف النووي، ما أثار آمالاً بتحقيق تقدم حقيقي.

وصرّح ترامب بأن المحادثات تسير بشكل إيجابي، بينما كشف كل من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف عن موعد الجولة التالية من المحادثات، والتي تقرر انطلاقها في 19 أبريل 2025.

ويرى رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، ان المفاوضات الأمريكية-الإيرانية الجديدة “تندرج ضمن سياق أوسع من التنافس الاستراتيجي بين واشنطن وبكين”، مشددا على انها “تتجاوز أهدافها الملف النووي لتشمل إعادة رسم خارطة التحالفات في منطقة الشرق الأوسط”.

وقال لزرق، ضمن تصريح لموقع “بديل”، “إدارة ترامب، بعد عودتها للبيت الأبيض، تنظر إلى إيران ليس فقط كمصدر تهديد إقليمي بل كقطعة محورية على رقعة الشطرنج العالمية التي تلعب عليها مع الصين”.

- إشهار -

وشدد لزرق على أن ما اسماها ب “المقاربة الترامبية البراغماتية”، “تكشف عن إدراك متزايد لفشل سياسة الضغط الأقصى في تحقيق أهدافها، وللتكلفة الاستراتيجية التي دفعتها واشنطن جراء دفع طهران نحو أحضان بكين وموسكو”.

وأكد الاستاذ بجامعة ابن طفيل على ان العروض الاقتصادية التي تلوح بها الإدارة الأمريكية “تكشف محاولة لتقديم بديل جذاب للشراكة الصينية-الإيرانية، خاصة في ظل تراجع قدرة بكين على الوفاء بالتزاماتها الاستثمارية بسبب أزماتها الاقتصادية الداخلية”.

وختم لزرق، “واشنطن تدرك أن نجاحها في استمالة إيران ولو جزئياً سيشكل ضربة موجعة للاستراتيجية الصينية في غرب آسيا، ويحرم بكين من منفذ حيوي على مسارات تجارة الطاقة العالمية”.

وجدير بالذكر أنه مع بداية ولاية دونالد ترامب الأولى، في يناير 2017، بادر بفرض قيود صارمة على دخول مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة، من بينها إيران، إلى الأراضي الأمريكية، كما قام فيما بعد بتكثيف العقوبات الأمريكية ضد ايران، دون ان يتمكن من انهاء الخلاف.

وفي عهد الرئيس جو بايدن، انطلقت محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران سنة 2021 في فيينا، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي، إلا أن هذه المفاوضات لم تُسفر عن نتائج ملموسة.

أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد