“رسالة اليوم العالمي للمسرح”: لا تطفئوا الضوء.. فالركح ينتظركم


إلى عشاق الركح إلى حراس الضوء إلى من لا يزال المسرح يسكن أرواحهم كما تسكن الأرواح الجسد

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    يا مسرح الأمس هل تذكر حين كنا

    نزدحم أمام شبابيك العروض

    تحت قناديل البياض

    نحمل دروب الشوق في كف

    وفي الأخرى تذاكر العمر

    كانت الأبواب تفتح على الدهشة

    والستائر تزيح عن أعيننا أحلامًا

    تنطق فوق الخشبة

    كأن النص حروفه من نار ونور

     

    المسرح فن بدأ مع الإنسان

     

    منذ أن وقف الإنسان الأول أمام جماعته يروي قصصه بالإيماء والصوت ولد المسرح ومن طقوس الإغريق المقدسة إلى مسارح روما المفتوحة ومن ظل الخيال في الشرق إلى الكوميديا دي لارتي في أوروبا ظل المسرح مرآة للحياة ونافذة على الإنسان ومشاعره في كل عصر وفي كل أمة ظهر المسرح كصرخة ضد الظلم وكغناء للحب وكمنبر للحكمة والجنون معًا

    أما في المغرب فقد عرفت الأرض المسرح منذ قرون بدءًا من الحكاية الشعبية والأسطورة ومن عروض الحلقة في ساحات المدن العتيقة حيث كان الحكواتي ممثلًا ومخرجًا في آن واحد ومع بداية القرن العشرين بدأ المسرح المغربي يتبلور في صيغته الحديثة متأثرًا بالمسارح الغربية لكنه ظل يحمل روح المغرب بلغته ولهجته وقضاياه جاءت فرق مثل المعمورة ومسرح البدوي والمسرح البلدي في الدار البيضاء الذي كان منارة قدمت فوقها روائع خالدات

    كان المسرح زمنًا من النور وكانت الخشبة ميدانًا لاختبار الحياة وكانت القاعات تمتلئ بالتصفيق وكانت الأرواح تخرج من العروض محملة بالأسئلة والجمال والدهشة

    لكن المسرح لا يكتب له الخلود إلا إذا ظل جمهوره حيًا معه

    فلماذا انطفأ الضوء

    لماذا صار المسرح حزينًا

    في ركن الانتظار

    هل استبدل الجمهور الطيف بالشاشات

    أم صارت الهواتف الذكية

    أسرع من إيقاع الركح

    أم أننا لم نعلم الأجيال

    كيف يكون المسرح قلب المدينة

    - إشهار -

    هل ضعف الشغف أم ضعف الدعم أم تراجع الوهج الذي كان يشعل المسارح بالحب والحياة هل المسرح اليوم يبحث عن جمهوره أم أن الجمهور هو من صار يبحث عن مسرحه الضائع

    في السبعينات كنا نقف طوابير أمام المسارح ننتظر الدخول كنا نعرف الفرق بالاسم والممثلين بالوجه والصوت كنا نعيش المسرح لا كمجرد فرجة بل كحياة كنا نحفظ أسماء العمالقة كنا نردد الحوارات كنا نخرج من العرض ونحن نفكر ونحلم ونبتسم ونبكي

    لكننا لم نعد نرى تلك الطوابير ولم نعد نسمع عن عروض تملأ القاعات حتى آخر مقعد

    اليوم العالمي للمسرح 2025

    يحتفل العالم في سبعة وعشرين مارس كل عام بيوم المسرح العالمي اليوم الذي أطلقته الهيئة الدولية للمسرح عام واحد وستين ليكون مناسبة يحتفي فيها المسرحيون عبر القارات بهذا الفن الخالد في ألفين وخمسة وعشرين يواجه المسرح تحديات جديدة في عالم تزداد فيه العزلة الرقمية لكنه يظل الملاذ الحي حيث يلتقي الإنسان بالإنسان حيث لا شاشة تفصلنا ولا ذكاء اصطناعي يحل محل العاطفة الحقيقية

    المسرح لم يكن يومًا مجرد عرض ينتهي المسرح ذاكرة الشعوب وهوية المدن وروح الأزمنة التي مرت المسرح هو المكان الوحيد الذي لا يكذب فيه الضوء ولا تتصنع فيه الدموع المسرح هو حيث يتجلى الإنسان بكل ضعفه وقوته بكل شكوكه ويقينه بكل سعادته وحزنه

    رسالتي لكم

    إلى من لا يزالون يستنشقون

    هواء القاعات المسرحية

    إلى من لم ينس نشوة الضربات القبلية

    قبل أن ترفع الستارة

    أقول لكم

    المسرح أكسجين نقي

    لا تتركوه يختنق

    بين صمت المقاعد

    وفوضى النسيان

    لا تتركوا الركح فارغًا لا تتركوا الخشبة صامتة لا تجعلوا الستارة تسدل إلى الأبد المسرح لا يموت لكنه يضعف حين يهجره جمهوره المسرح هو أنتم وأنتم صوته وروحه وكيانه

    كل عام والمسرح نابض بالحياة

    كل عام وأنتم الحراس على بوابته

    لا تطفئوا الضوء

    فالركح ينتظركم

    من إعداد المؤلف المسرحي: سعيد ودغيري حسني

     

    أعجبتك المقالة؟ شاركها على منصتك المفضلة
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد