صحفي يكتب: خلايا ترهيبية وخلايا إرهابية


وجه الزميل الصحافي حسن المولوع رسالة مفتوحة الى المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي بخصوص ظاهرة الترهيب الإلكتروني، التي أصبحت تسيئ إلى المغرب وإلى الكثير من النشطاء والحقوقيين والصحفيين والاسر.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وفيما يلي نص الرسالة كاملة:

    رسالة مفتوحة إلى الأستاذ عبد اللطيف حموشي بخصوص ظاهرة الترهيب الإلكتروني

    من الصحافي حسن المولوع

    إلى الأستاذ عبد اللطيف حموشي
    بصفته رجلًا أكاديميًا ومديرًا عامًا للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني

    الموضوع: خلايا ترهيبية إلكترونية لا تقل خطورة عن الخلايا الإرهابية

    سلام مشفوع بالمحبة والود والتقدير والاحترام، وبعد:

    حضرة الأستاذ عبد اللطيف حموشي،

    اسمحوا لي أن أخاطبكم بكل محبة واحترام، وأرجو أن تعذروني على جرأتي في مكاتبتكم برسالة مفتوحة، متجاوزًا بذلك القواعد البروتوكولية المتعارف عليها. لكن هذا التجاوز لا ولن يعني القفز على ضوابط الاحترام والتقدير الذي نكنه لكم، وهو ما يمنحني الجرأة على الكتابة دون خوف أو تردد، ملتزمًا بالتعاليم التي نحترمها جميعًا في إسداء النصيحة والتعبير عن الرأي. هذه التعاليم استقيناها من الشريعة السمحة والسنة المطهرة، وهي مبادئ تلقاها كل مسلم في بيئته أو مدرسته، وتحثنا على احترام وتوقير الكبير، فالناس كما هو معلوم مقامات.

    ولأن مقامكم كبير، سأحاول جاهدًا أن تكون كلماتي بمستوى مقامكم، وإن كنت أعترف بأن قاموسي اللغوي قد لا يرقى إلى مستواكم الرفيع.

    اسمحوا لي أيضًا، أستاذ عبد اللطيف حموشي، أن أخاطبكم بلقبكم الأكاديمي قبل الوظيفي، ما دام نقاشي معكم سيأخذ طابع التحليل. ذلك لأنكم خريج إحدى أعرق الجامعات في المغرب، ولأن لديكم مستوى أكاديمي رفيع. وهنا، لست في مقام الإشادة بكفاءتكم المهنية، لأنني لست مؤهلًا لتقييم الكفاءات الوطنية. فما أعلمه هو أن كفاءتكم تتحدث عنكم ولا تحتاج إلى حديث أو تقييم، فقد بلغت الآفاق، وأصبحت خبرتكم في ميدان الأمن تُدرَّس في جامعات العالم. وهذا أمر يثلج الصدر ويزيدنا فخرًا بكم وبمنجزاتكم.

    الأستاذ عبد اللطيف حموشي،

    إن الأسباب التي تدفعني إلى فتح النقاش معكم حول الموضوع المشار إليه أعلاه متنوّعة بقدر ما هي متعددة، لكن السبب الرئيسي والجوهري هو غيرتي الوطنية وواجب الضمير الذي ينبع من واجب الشهادة، امتثالًا لقوله تعالى: “ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه”.

    لقد استلهمت اللجوء إلى هذه الطريقة في الكتابة المباشرة للمسؤول من أستاذي الراحل، الرجل الوطني الغيور على وطنه، خالد الجامعي، الذي بدوره استلهم هذا النهج من العالم الكبير لحسن اليوسي. فهذا الأخير وجه رسالة مباشرة في القرن السابع عشر الميلادي إلى المولى إسماعيل، وما أدراك ما المولى إسماعيل. تلك الرسالة، التي كانت مزلزلة، حملت عتابًا شديدًا ولومًا قاسيًا إلى سلطان حكم المغرب بيد من حديد لمدة 55 عامًا متتالية. وقد صيغت تلك الرسالة بصدق عميق وشجاعة نادرة، وبكلمات قوية ونفاذة، خالية من المجاملة والمداهنة.

    وفي نوفمبر من العام 1993، كتب أستاذي خالد الجامعي، رحمه الله، أولى رسائله المفتوحة إلى وزير الداخلية إدريس البصري، الذي كان حينها في عنفوان سلطته. تلك الرسالة، التي حملت عنوان “شكون نت؟”، اخترقت قلعة الرعب التي كان يحصنها ذلك الذي وُصف بنائب الملك. وبفضل رجال وطنيين أمثال أستاذي خالد الجامعي، وُلد لنا فضاء مريح من الحرية وأُسست أرضية للنقاش تُتيح لنا مخاطبتكم، أستاذ حموشي، بدون خشية على أنفسنا من أن تذبح كلماتنا قربانًا للآلهة أو تمزق جلودنا بعصا الخطوط الحمراء.

    وبفضل جهودكم، أُسس في العهد الجديد مبدأ حقوق الإنسان واحترام حرية التعبير، ولهذا أكتب إليكم بكل ثقة. لكن لا أخفيكم سرًا، أننا لم نعد نخشى شيئًا ونحن ننتقدكم بالقدر الذي أصبحنا نخشى فيه آلة التشهير التي أضحت تُشكّل رعبًا حقيقيًا وترهيبًا نفسيًا، يشبه ذلك الذي كانت تُخلقه الخلايا النائمة للجماعات الإرهابية.

    الأستاذ عبد اللطيف حموشي،

    إن بلادنا لم تكن يومًا بلاد الميوعة والتفاهة وقلة الحياء والطعن في الأعراض، بل كانت، وما زالت، بلادًا تزخر بالعلماء الأفذاذ من طينة علال الفاسي، عبد العزيز بن إدريس، الفقيه الغازي، مولاي العربي العلوي، إبراهيم الكتاني، والمختار السوسي، وغيرهم من خريجي جامعة القرويين. فهؤلاء العلماء، وغيرهم، شكّلوا أرضية صلبة للحركة الوطنية، التي يعود لها الفضل الكبير في انعتاق بلدنا من قبضة المستعمر الفرنسي.

    لكن، وللأسف، دار الزمان دورته، وأضحينا نرى، بعدما كان العلماء يعتلون المنابر، أن كل من هب ودب اعتلى اليوم منصات اليوتيوب. فهناك، من يتوعد ويهدد، يشهر ويطعن في أعراض الناس، أمام مرأى ومسمع العدالة في بلادنا، دون أن تتحرك أي جهة من الجهات تلقائيًا لوقف هذه الممارسات. لقد أصبح هؤلاء يشكلون رعبًا حقيقيًا في النفوس، ويتجمعون في إطار خلايا إلكترونية تتقوى يومًا بعد يوم.

    هذا الرعب لا يعني بالضرورة أن من في “كرشه العجينة” هو من عليه أن يخشى ويخاف، بل الخوف ينبع من الإشاعة التي يتقن هؤلاء ترويجها، والتي تؤثر على محيط المشهَّر بهم. وكما تعلمون، أستاذ عبد اللطيف، فإن الإشاعة قد تقتل أحيانًا.

    إنني هنا أتحدث عن ظاهرة خطيرة تستلزم دق ناقوس الخطر. ظاهرة تحتاج إلى الدراسة والتحليل العميق، مع التدخل العاجل لوقف تداعياتها. حتى لا تتم زعزعة استقرار المملكة من طرف هؤلاء .

    الأستاذ عبد اللطيف حموشي،

    إن ما أؤسف له اليوم، هو أن جرأة هؤلاء، إن لم أقل وقاحتهم، ساهمت في بروز أقاويل مفادها أنهم يتمتعون بحماية خاصة، وأن هناك عناصر من مؤسستكم السيادية هي من تحتضنهم، توجههم، وتزكي أفعالهم. وبطبيعة الحال، وبحسب علمي المتواضع، فإن مؤسستكم منزهة عن هذا العبث، وبريئة براءة الذئب من دم يوسف. إذ أن إدارتكم الموقرة حسب علمي لا تحمي شخصا بعينه بل هي ادارة جميع المغاربة وتحمي جميع المغاربة وتوفر لهم الأمن في اطار ما ينسجم مع الدستور والقانون، وما يقع حاليًا لا يعدو كونه اجتهادات احتيالية تهدف إلى شرعنة عمل إجرامي وسط المجتمع، يهدد الأمن القومي للبلاد، على اعتبار أن هذا المجتمع هو مجتمع الفكر والنقاش، وليس مجتمع البلطجة الإلكترونية التي تسيء إلى تاريخ المغرب الحبيب؛ مغرب العلماء، الذي لن يكون أبدًا بلد الرويبضة الذين يتطاولون على كل شيء وفي كل شيء.

    وفي هذا السياق، دعنا، أستاذ حموشي، نتفق على وضع إطار لنقاش هذه الجزئية بالتفصيل. ففي أغلب البلدان المتقدمة، تستعين مخابراتها بالإعلام، وأحيانًا تنشئ منابر إعلامية خاصة بها، في إطار التصدي للحروب الإعلامية الخارجية بشتى أنواعها. كما تشن هذه المخابرات حروبًا على بلدان أخرى عبر عمليات التضليل والتضليل المضاد. فهذا أمر طبيعي جدًا ومحمود، حفاظًا على الأمن القومي.

    لكن يصبح هذا الأمر مذمومًا إذا حدث خلل في اختيار من تُوكل لهم هذه المهام. فمثلًا، إذا أُسندت المهمة لأشخاص لم يدرسوا الإعلام قط، أو ممن ينتمون للحقل الإعلامي لكن تعوزهم الخبرة والبصيرة الإعلامية والسياسية، أو يفتقرون للأدوات الأساسية التي تعد مدخلًا أساسيًا للإعلام، مثل الزاد المعرفي، والثقافة الواسعة، والنضج الفكري والأخلاقي الذي يضفي مصداقية ويحبب المتلقي. بالإضافة إلى إتقان فن الكتابة، الذي لن يحسنه إلا من له فكر واطلاع عميق. فدون ذلك، يتحول المكلف بهذه المهمة إلى مجرد بلطجي، يستخدم موقعه لتصفية حساباته الشخصية مع خصومه، وبدلًا من خوض نقاش فكري يعتمد على الحجة والمنطق، يتحول إلى خوض حرب بالوكالة، تشبه في أسلوبها ما يُعرف بـ”الفاغنر”. وهذا يؤدي إلى الإساءة لمؤسسة بأكملها، وهنا يكمن الخلل في الموظِّف وليس الموظَّف، الذي قد يصاب بالغرور ويشعر أنه فوق القانون، فيطغى ويتجبر، وينسى نفسه.

    وفي هذا السياق، وحتى تتضح الصورة أكثر، أود أن أسوق لكم مثالًا يتعلق بواحدة من المنتسبات إلى مهنتنا الشريفة والنبيلة، إذ تعمد هذه المرأة الخمسينية إلى استهداف الصحافيين ولا تتقن شيئا سوى ملاحقتهم حتى إنها قامت بإعداد برنامج خاص على صحافي حظي بالعفو الملكي ، وحولته كما غيره الى محتوى رقمي يومي ، واضحت توهم الناس أنها مكلفة بمهمة، بل اضحت تنسق مع شخص مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية الذي بدوره يستهدف الصحافيين والسياسيين والحقوقيين .

    وهنا، أتساءل، كما يتساءل غيري من الزملاء والزميلات: هل هذه المنتسبة إلى مهنتنا مكلفة بمهمة ما؟ ومن كلفها؟ وهل تخصصها هو النيل من الزملاء والزميلات صباح مساء؟ ولماذا ؟

    هذا التساؤل يستدعي تحقيقًا شفافًا، لكشف كل الخيوط المتعلقة بهذا الأمر. خاصة أن هذه المعنية أضحت تشيد، عبر صفحتها، ببعض العناصر “اليوتيوبر”، تمامًا كما تفعل الممارسات المرتبطة بـ”جهاد النكاح”. وكأنها تستقوي بهم لتولي أمر من تريد تصفية حساباتها معهم أو إيصال رسائل ما إلى من يهمهم الأمر.

    للإشارة، هذه المنتسبة لمهنتنا طالما رددت عبارات مثل: “انتهت صلاحيتك” و”ستدفع ثمن وقاحتك”. وهاتان العبارتان، كما يبدو، تحملان تهديدًا صريحًا لزميل وزميلة، ويمكن الرجوع إلى فيديوهاتها لتحليل مضامينها التي لا علاقة لها بالإعلام، لا من قريب ولا من بعيد.

    - إشهار -

    أنا هنا لا أركز على هذه المنتسبة تحديدًا، بل اتخذتها مثالًا لإيصال الفكرة، مع دق ناقوس الخطر حول هذه الظاهرة.

    أعلم، أستاذ عبد اللطيف حموشي، أنه عندما طرحت هذا المثال الحي وفتحت هذا النقاش المسكوت عنه، فإنني سأتعرض لعملية اغتيال إلكتروني تهدف إلى قتلي معنويًا. فكما أسلفتُ بالذكر، هذه الشبكة أضحت تتقوى يومًا بعد يوم، وترهيبها بات يضاهي الإرهاب الذي تمارسه الخلايا المتطرفة.

    وهنا يبرز السؤال: من يحركهم يا ترى؟ ولماذا؟ وما غايته؟

    سؤال لن أتمكن من الإجابة عنه، لكن تحقيقاتكم، سيدي الفاضل، ستكشف كل الخيوط.

    مع التأكيد على أنني لا أستطيع أن أتصور أن هناك مسؤول سيكلف مثل هؤلاء بهدف خلق الفتنة وإحداث الفُرقة، وممارسة التشهير الذي يسيء لصورة هذا البلد الجميل.

    أستاذ عبد اللطيف حموشي،

    لا شك أن الأصداء تصلكم حول شخص مغربي مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يظهر يوميًا على قناته على يوتيوب. هذا الشخص أصبح يُمارس التهديد والابتزاز علنًا، واتخذ من منصة يوتيوب فضاءً للتشهير، الطعن في الأعراض، وتشويه السمعة.

    المثير للقلق أن تهجماته لم تستثنِ حتى شخصكم الكريم، إذ طالتكم الإساءات بشكل مباشر. والأسوأ من ذلك، ورغم تعدد الشكايات الموجهة ضده، لا يزال يدخل ويخرج من المغرب بحرية، دون حسيب أو رقيب. الأمر الذي جعله يتمادى في أفعاله، مستغلًا ذلك للاستقواء على الآخرين.

    لقد بدأنا نشعر كأننا غرباء في وطننا، في ظل غياب تطبيق القانون الذي يُفترض أن يحمينا. ففي مثل هذه الحالات، من المفترض أن تتحرك الجهات المسؤولة تلقائيًا لتمحيص المحتوى الذي يتضمن التشهير والإساءة.

    كما لا نعلم مدى صحة ادعاءاته بأنه “محمي”، أو ما إذا كان مجرد انتحال صفة يستخدمه كحيلة لإرهاب الآخرين.

    نرجو منكم التدخل العاجل لفتح تحقيق في هذا الأمر، ولإعادة الثقة في دولة القانون والمؤسسات.

    سيدي المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني،

    اسمح لي الآن بمخاطبتكم بصفتكم الوظيفية أو المهنية، حيث لاحظت أن هذه الخلايا الإلكترونية الترهيبية قد خرجت للعلن، وأصبحت تتفاخر بأميرها الذي يعد سندها وظهرها، ولا تتوانى عن الإشادة به. فتلك الخلايا، التي هي عبارة عن ذئاب إلكترونية منفردة، باتت تمارس “الجهاد في سبيل الأدسنس”، وهدفها هو التغلغل في مفاصل الدولة وتفجيرها من الداخل عبر خلق الفتنة وسط المؤسسات وإشعال الصراعات، إضافة إلى ترهيب القضاة والمحامين والصحافيين.

    إن خطاب هذه الخلايا الإلكترونية لا يختلف كثيرًا عن خطاب الجماعات الإرهابية المتطرفة؛ فالأخيرة تعتقد أنها الحريصة على الإسلام، وتكفر كل من خالفها، بينما تدّعي هذه الجماعات الإلكترونية أنها حريصة على حماية الوطن والدفاع عن مؤسساته. وفي خضم ذلك، وفي إطار تصفية حساباتها الخاصة، تقذف هذه الجماعات خصومها بالخيانة للوطن، وتطلق سيلاً من الشائعات حول الشخص المستهدف أو الأشخاص المستهدفين، بهدف القتل المعنوي، وكل ذلك يحدث أمام أعين المؤسسات الساهرة على تطبيق القانون.

    هذه العمليات يمكن أن نطلق عليها اسم “الفيء الإلكتروني”، وأنت تعلم، سيدي الفاضل، أكثر مني ما المقصود بالفيء، خاصة في فهم الجماعات المتطرفة.

    سيدي الفاضل عبد اللطيف حموشي،

    أود أن أقترح على سيادتكم، في ظل استفحال الجريمة الإلكترونية العابرة للحدود، إحداث قسم خاص على شاكلة البسيج، يضم عناصر أمنية متخصصة من المهندسين والخبراء في المجال.

    صحيح أن لدينا شرطة متخصصة في هذا الميدان، لكنني أعتقد أنها لا تساير بالشكل الكافي هذا التسونامي الذي يتزايد قوة يوماً بعد يوم. وهنا أود الإشارة إلى الأموال المتحصلة من الفيديوهات سواء على منصة اليوتيوب أو التيكتوك. أرى أنه قد حان الوقت لمصادرة ممتلكات أصحابها، لأن العائدات المالية من الفيديوهات المبنية على السب والقذف والتشهير وقلة الحياء تضاهي العائدات المتحصل عليها من المخدرات أو من طرق محظورة أخرى، وبالتالي فهي أموال غير مشروعة.

    أما بالنسبة لمعضلة التيكتوك، فأرى أنه قد آن الأوان للتنسيق مع والي بنك المغرب بخصوص الأموال المتحصلة في هذا الاتجاه من طرف التيكتوكَر. إذ يظهر هذا الأخير عبر فيديو ويتم تقديم هدايا له من طرف متابعيه، وهذه الهدايا تمثل قيمة مالية حقيقية. من الممكن أن تكون هذه الأموال المهداة قد أتت عن طريق اختراق بطاقات بنكية لأشخاص، ويتم استغلالها في هذا السياق، عبر منح هدية للتكتوكَر تصل قيمتها إلى 2000 درهم في اليوم. وبعد تحويلها من قبل شركة التيكتوك للمعني بالأمر، يتم اقتسامها بعد ذلك، وكل هذه الأموال تبقى بعيدة عن أعين بنك المغرب. ومن يدري، قد تكون هناك شبهات حول عمليات غسيل أموال!

    ولهذا الغرض، اقترحت عليكم، سيدي الفاضل، إنشاء قسم خاص لمعالجة هذه الظاهرة. أضف إلى ذلك أن منصة اليوتيوب أيضاً تشهد ظاهرة مشابهة من خلال خاصية تقديم هدايا تسمى “السوبر شات”. سأعمل في غضون الأيام المقبلة على كتابة مقال مفصل يضم معطيات دقيقة تساعد على الفهم.

    وطبعاً، لا يمكن لي أن أفهم أكثر منكم، سيدي.

    سيدي الأستاذ عبد اللطيف حموشي،

    وأنا أخطُّ إليكم هذه الكلمات، رجوت الله في نفسي ألا تُفهم في غير سياقها، وسياقها هو الإخلاص للضمير المهني والغيرة الوطنية. لا أدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، فكل ما ورد هو الحقيقة كما أراها أنا.

    “أليست الحقيقة مرآة سقطت في يد الله، ولما تشتت شظاياها، بادر كل واحد لالتقاط شظية منها زاعماً أن الحقيقة، كل الحقيقة، لا تكمن إلا في تلك الشظية بعينها؟”

    أضف إلى ذلك أنني لم أؤمن يوماً في حياتي بما يُسمى الموضوعية، لأنها بالنسبة لي مجرد حيلة يلجأ إليها الناس لإخفاء ما يفكرون فيه حقاً وما يودون التستر عليه. لذلك أقول لكم، سيدي، إنني من خلال هذه الكلمات والسطور حاولت جهد المستطاع أن أكون مخلصاً ونزيهاً. والنزاهة، عندي، تفوق الموضوعية وتلخص ما أرمي إليه.

    وفي الختام، تقبلوا مني، سيدي الأستاذ عبد اللطيف حموشي، أسمى عبارات تقديري المليئة بالمحبة الصافية وعظيم احترامي. أرجو قبول اعتذاري إن تفلتت مني كلمة في غير محلها أو تدخلت في ما لا يعنيني. فإن أصبت، فلي أجران، وإن أخطأت، فيكفيني شرف المحاولة طالما أنها تنبثق من إخلاصي وصفاء نيتي.

    والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد