استمرار الانقسام داخل البرلمان حول “قانون الإضراب”
رغم المحاولات التي بذلها وزير التشغيل يونس السكوري، للوصول إلى “توافقات ضرورية” حول مشروع القانون التنظيمي للاضراب، ورغم الخطاب “التوافقي والمتفهم” الذي قدمه الوزير، لم تتمكن الحكومة من تجاوز حالة الإنقاسم حول هذا النص.
وفي وقت سابق، صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، يوم الأربعاء 4 دجنبر الجاري، على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. حيث وافق عليه 22 نائبا، فيما عارضه 7 نواب أخرين.
وعبرت فرق الأغلبية بالغرفة الأولى على دعمها لمشروع القانون، مؤكدة تصويتها عليه بالإيجاب، حيث أشاد اغلب المتدخلين بالمنهجية التي تم اعتمادها في مناقشته، وبالعمل الذي قامت به الحكومة ووزير التشغل.
ورغم انه ينتمي لمكونات المعارضة أشاد الفريق الحركي بالمشروع الجديد وبالمنهجية المعتمدة في انجازه، مذكرا “كنا رافضين للنص الأصلي المحال على المجلس نظرا للقيود التي حملها”. مؤكدا “تزكيتهم للصيغة المعروضة على مجلس النواب اليوم”.
وأفاد الفريق، في مداخلة باسمه خلال جلسة المناقشة، صباح اليوم الثلاثاء، أن “هذا المشروع تميز بمقاربة تشاركية” مثمنا “انفتاح الوزير على كل الأطياف وعلى رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الوطني لحقوق الانسان”.
من جهته ذكر الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، خلال جلسة المناقشة، أن هذا المشروع لم يحظ بالوقت الكافي للنقاش “حيث تم وضعه في نهاية الدورة البرلمانية الماضية، ومناقشته تزامنا مع مناقشة قانون المالية”، مشددا على ضرورة “تقديم قانون النقابات قبل مشروع قانون الإضراب وداخل نفس اللجنة”.
ويري الفريق الاشتراكي، ان “الحكومة لم تستوعب ضرورة انضاج شروط تمرير القانون، نظرا للأهمية التي يحظى بها”.
وقالت عضوة فريق التقدم والاشتراكية، نادية تهامي، “لايزال حرصنا شديدا، بشكل بناء، على أن يكلل هذا المجهود الجماعي بنص متقدم يسهم في التقدم في بناء مسارنا الديمقراطي” وحيّت ما أسمته “المقاربة التشاركية للوزير وحسه السياسي”.
واضافت تهامي، “لقد تقدم ولايزال فريق التقدم والاشتراكية بتعديلات جوهرية لتجويد المشروع”، مشيدة بالتفاعل الإيجابي مع عدد من المقترحات، “لكن دون ان يرقى ذلك إلى مستوى كل الانتظارات والتطلعات” وفق البرلمانية.
وطالبت تهامي الوزير السكورة بالقطع “بشجاعة سياسية مع التردد الذي جعلنا امام صيغة وقفت في منتصف الطريق وغلّبت في عدد من المقتضيات منطقا محافظا”، وأكدت على ضرورة تجاوز النقط التي جعلتهم يرفضون الصيغة بأكملها.
واشاد عضو المجموعة النيابة للعدالة والتنمية، مصطفى ابراهيمي، بالمجهود الذي قام به الوزير السكوري، خلال فترة المناقشة داخل البرلمان وخارجه، وبالإتصالات التي قام بها في سبيل تيسير النقش.
وعاب إبراهيمي على الوزير السكوري تأخره في النقاش مع النقابات، مذكرا ان الوزير لم يجلس مع النقابات إلا في الأيام الأخيرة قبل مناقشة المشروع في اللجنة، مشددا على أن “الحكومة لم تأخذ بتعديلات النقابات رغم انها توصلت بها”.
واوضح ابراهيمي، “نحن اضطررنا اضطرارا لعدم التوافق بسب ان عددا من الأمور التي نعتبرها جوهرية لم يتم قبولها، ولعل الوقفة التي نظمت امام البرلمان من طرف نقابات واحزاب محترمة دليل على عدم حصول التوافق”.
وتأكيدا لمواقفها السابقة، شددت برلمانية فدرالية اليسار الديمراقي، فاطمة التامني، أن “المشروع في صيغته الجديدة والمنهجية التي تم اعتمادها وتجاوز الحوار الإجتماعي يعكس مقاربة ضيقة في معالجة حق أساسي ودستوري تنص عليه المواثيق الدولية”.
وقالت التامني، “رغم اهمية تنظيم هذا الحق إلا ان الصيغة المطروحة جاءت منحازة لصالح ارباب العمل على حساب العمال عبر فرض قيود غير معقولة واجراءت إدارية مطولة وعقوبات صارمة وشروط تعجيزية مما يفرغ الإضراب من مضمونه”.
وأضافت البرلمانية، “إذا كان الهدف هو تحقيق التنمية فيجب تمكين الشغيلة من حقها لأن الحقوق ليست مجرد خطاب، فتنظيم الإضراب يجب ان يعكش روح العدالة والإنصاف وليس التسلط والتضييق”.
وترى التامني أن “المشروع ليس انحيازا لصالح أرباب العمل وفقط، لكنه يكشف ما يقع داخل الحكومة نفسها”، وتساءلت “كيف يمكن لحكومة تضم في صفوفها ممثلين لأرباب العمل ان تصيغ قانونا ينظم حقا جوهريا للشغيلة”.