هل المغرب جاهز لاستضافة كأس العالم 2030؟


سعى المغرب منذ تسعينات القرن الماضي لاستضافة كأس العالم، ولم يتحقق الحلم على مدار خمس ترشيحات لكن المحاولة السادسة كانت “ثابتة” لتبدأ اللمسات الأخيرة بوتيرة سريعة لاستضافة أكبر حدث كروي بنهاية العقد الجاري.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    “المغرب جاهزٌ لاستضافة الحدث الرياضي الأبرز في العالم من جانب جميع البنيات التحتية المطلوبة”، بحسب عبد المالك أبرون، رئيس لجنة البنيات التحتية في الاتحاد المغربي لكرة القدم، في تصريح نقله موقع “اقصاد الشرق مع بلومبرغ”.

    يأتي التصريح عقب اجتماع ترأسه الملك محمد السادس قبل أيام دعا فيه الحكومة إلى تسريع إنجاز المشاريع المطلوبة التي تشمل توسعة وتجديد المطارات، وتطوير البنية التحتية الفندقية وتعزيز شبكات النقل وزيادة جودة خدمات الاتصالات.

    أول أمس أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” رسمياً فوز ملف المغرب والبرتغال وإسبانيا بحق استضافة كأس العالم 2030، لتكون المرة الأولى التي تتم فيها استضافة مونديال للرجال عبر قارّتين خلال تاريخه المُمتد على مدى قرن من الزمن، والمرة الثانية على تراب القارة الأفريقية.

    خصوصيات هذه النسخة من المونديال متعددة، فالبلدان الثلاثة متقاربون جداً، وهو ما سيوفر تجربة متنوعة للمتفرجين، كما أن توزيع المباريات من شأنه أن يقلل من التكلفة، ناهيك عن التوقيت الزمني المناسب والمناخ المعتدل وما تتميز به البلدان من شهرة سياحية وبنية تحتية متطورة.

    بناء ملعب واحد فقط

    عكس عدة نسخ سابقة تطلبت استثمارات ضخمة في البنية التحتية للملاعب، لن يحتاج المغرب لإنجاز الكثير، فقد رشح ستة ملاعب لاستضافة مباريات كأس العالم، خمسة منها تحتاج للتجديد، وواحد فقط سيتم تشييده ويرشح أن يكون الأكبر في العالم بطاقة استيعابية تبلغ 115 ألف شخص.

    الملعب الجديد سيحمل اسم الملك الراحل “الحسن الثاني” نواحي مدينة الدار البيضاء، باستثمار يبلغ 5 مليارات درهم، وقد بدأت الأشغال الأولية لتشييده هذا العام على أن يكون جاهزاً في 2028. ويتوقع أن يستضيف إما مباراة الافتتاح أو النهاية، ولم يتم الحسم في الموضوع في ظل السباق المستمر مع ملعبي “سانتياغو بيرنابيو” بمدريد و”كامب نو” ببرشلونة.

    يحتاج المغرب لاستثمار ما يناهز 5 مليارات دولار (52 مليار درهم) لتنظيم كأس العالم 2030، بحسب تقرير صدر عن شركة إدارة الأصول “صوجي كابيتال جستيون”.

    تتوقع الحكومة أن تبلغ تكلفة تجديد الملاعب لتكون مستجيبةً لمعايير الاتحاد الأفريقي لكرة القدم والاتحاد الدولي لكرة القدم نحو 15.5 مليار درهم، وقد بدأت معظم الأشغال هذا العام بالنظر لاستضافة المملكة لكأس ‏أفريقيا للأمم 2025 التي ستكون مقياساً على جهوزية البنية التحتية.

    لن تضيف الاستثمارات التي يعتزم المغرب ضخها لاستضافة مباريات كأس العالم أعباء على ميزانية المملكة إذ إنها تأتي ضمن مخطط تنموي مرصود بالفعل، كما أن المملكة تعمل على تطوير بنياتها منذ تسعينات القرن الماضي، وفق تصريحات فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية في المملكة ورئيس لجنة كأس العالم 2030.

    مسيرة ملحمية

    يَعتبر المغرب الفوز بتنظيم كأس العالم تتويجاً لمسيرة كرة القدم التي انطلقت منذ أكثر من قرن بممارسات منظمة، حيث أصبحت الأندية المغربية اليوم مراكز مهمة لتطوير المواهب وصقلها، ونجاح ذلك ينعكس على عدد من المواهب التي انتقلت إلى نوادي كروية في البلدان الأوروبية والخليجية.

    يمثل مونديال 2030 أيضاً تتويجاً لمسيرة حافلة من الإنجازات للمنتخب المغربي آخرها وصوله لأول مرة إلى نصف نهائي كأس العالم في قطر في إنجاز ملحمي كبير صفق له العالم، كما أن المنتخب يُصنف حالياً كأفضل منتخب في أفريقيا، ويحتل المركز 13 على الصعيد العالمي.

    وليكون عند الموعد، حرص المغرب هذه المرة على تجهيز ملاعب تستجيب للمعايير الدولية، حيث تبلغ السعة الإجمالية للملاعب الستة أكثر من 400 ألف متفرج:

    الملعب الكبير الحسن الثاني بمدينة الدار البيضاء: 115 ألف متفرج (قيد الإنشاء).

    الملعب الكبير بمدينة طنجة: 75600 متفرج.

    ملعب فاس: 55800 متفرج.

    ملعب الرباط: 68700 متفرج.

    ملعب مراكش: 45860 متفرجاً.

    - إشهار -

    ملعب أكادير: 46000 متفرج.

    ترتبط أغلب المدن الستة بخط سككي فائق السرعة يُصنف الأول في القارة الأفريقية، إضافة إلى خطوط جوية داخلية وخارجية بشكل يومي، وهو ما سيجعل التنقل بين المدن مسألة سهلةً لكل من يرغب في متابعة أكثر من مباراة مبرمجة لكي لا يفوت أي فرصة.

    يرى أبرون أن “المغرب على موعد مع حدث مهم في تاريخه والجميع يحدوه الحماس لإنجاح هذه النسخة”، وتوقع أن يكون لكل المشاريع التي بدأتها المملكة أثر إيجابي على كل الجوانب الاقتصادية والرياضية والاجتماعية للبلاد.

    في السنوات الأخيرة، استثمرت البلاد بكثافة في تطوير كرة القدم، حيث تم تأسيس “أكاديمية محمد السادس لكرة القدم” التي أصبحت النواة الأولى للاعبين المحترفين في النوادي الأوروبية. وقد أتت كل الجهود التي قام بها المغرب ثمارها بوصول منتخبات الرجال والسيدات إلى الدور نصف النهائي ودور الـ16 على التوالي في آخر بطولات كأس العالم لكرة القدم وذلك لأول مرة في تاريخ المملكة.

    يعتمد ملف البلدان الثلاثة على تقاربهما الجغرافي وتوفر بنية تحتية سياحية عالية وثقافة متوسطية متنوعة وتاريخ مشترك، ومناطق زمنية مثالية لجذب المشجعين من جميع أنحاء العالم، وظروف مناخية مثالية حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة 25 درجة مئوية في البلدان الثلاثة، وهي شروط مساعدة لتنظيم نسخة استثنائية من المونديال.

    الكلفة والتمويل

    من الصعوبة بمكان تقدير الكلفة المطلوبة لتنظيم كأس العالم، لكن بناءً على النسخ السابقة، تشير التقديرات أن المغرب يحتاج لاستثمار ما يناهز 5 مليارات دولار بحسب تقرير صدر عن “صوجي كابيتال جستيون” (SogeCapital Gestion)، وهي شركة إدارة الأصول التابعة لبنك “الشركة العامة” المغربي.

    تتراوح تقديرات التكلفة الإجمالية لتنظيم كأس العالم المقبل في البلدان الثلاثة ما بين 15 مليار دولار إلى 20 مليار دولار، بحسب التوقعات، أخذاً بعين الاعتبار متوسط تكلفة النسخ السابقة. كانت نسخة كأس العالم 2022 التي نظمتها قطر هي الأعلى من حيث التكلفة، إذ بلغت نحو 220 مليار دولار، مقابل 11.6 مليار دولار لنسخة روسيا 2018، و15 مليار دولار في بطولة 2014 التي أقيمت في البرازيل.

    بالإضافة إلى بناء وتشييد وإصلاح الملاعب، سيكون على البلاد أيضاً الإنفاق على تطوير خدمات النقل والطرق وتوفير مراكز التدريب، والجوانب التنظيمية واللوجستية، وتجديد الفنادق وتوفير عروض سياحية ترفيهية متنوعة في المدن المستضيفة.

    يشير تقرير شركة إدارة الأصول إلى أن “المغرب قادر على تأمين نصف الكلفة المطلوبة من ميزانيته موزعة على السنوات”، في حين سيتم تمويل جزء آخر من خلال القروض المصرفية أو اللجوء إلى سوق الدين الخاص من طرف الشركات الحكومية، بالإضافة إلى قروض خارجية، وهو ما بدأ بالفعل حيث يستعد البنك الأفريقي للتنمية لتوفير تمويل يناهز 650 مليون يورو.

    عوائد متوقعة

    على مستوى العوائد، يتوقع أن تضخ استضافة المغرب لهذا الحدث الكروي نحو 1.2 مليار دولار في شرايين اقتصاد المملكة، بحسب تقرير أصدرته شركة “فالوريس سكيوريتي” المختصة بالتحليلات المالية والوساطة في البورصة المغربية.

    أخذاً بعين الاعتبار احتضان المغرب ثلث إجمالي المباريات (عددها 104) فإن ذلك سيضيف لاقتصاده ما بين 850 مليون إلى 1.2 مليار دولار، بمعدل يتراوح ما بين 25 إلى 37.5 مليون دولار للمباراة الواحدة، لكن يبقى ذلك مجرد تقديرات، فتجربة المتفرج لا تتوقف عند نهاية المباراة بل قد تمتد إلى أيام.

    لمواكبة تدفق المتفرجين والسياح، تخطط البلاد لرفع السعة الإجمالية للقطاع السياحي بـ40 ألف غرفة ليصل الإجمالي إلى 330 ألف غرفة فندقية، وفقاً لمخطط عمل الشركة الحكومية للهندسة السياحية للاستجابة للطلب المتوقع.

    يرى المغرب، الذي اشتهر منذ فترة طويلة بمنتجعاته الشاطئية ومدنه القديمة، أن المشاركة في استضافة كأس العالم 2030 ستساعد في زيادة عدد السياح 80% نهاية العقد.

    وقد بدأت السياحة في تسجيل أرقام قياسية بالفعل، فقد قفزت أعداد السياح 20% خلال أول 11 شهراً من العام الجاري إلى 15.9 مليون سائح. ويعول المغرب على كأس العالم لزيادة عدد السياح 80% بنهاية العقد ليصل العدد الإجمالي إلى 26 مليوناً مقارنةً بـ14.5 مليون في العام الماضي.

    تعتمد المملكة على تعزيز الربط الجوي لتحقيق هذه الأهداف، حيث فتحت المجالات لشركات طيران جديدة للتحليق في سماء البلاد وحفزت الاستثمار الخاص في هذا المجال، كما تعتزم الخطوط الملكية المغربية المملوكة للدولة رفع أسطولها بأكثر من 200 طائرة جديدة مقابل 50 حالياً، لمواكبة الطلب المتوقع.

    المصدر: “اقصاد الشرق مع بلومبرغ”.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد