“شغلو هذاك”.. وهبي يقع في المحظور
في تصريح مثير للجدل ، أثار وزير العدل عبد اللطيف وهبي موجة من ردود الفعل الواسعة في معرض حديثه عن صلاحية العفو الملكي المكفولة للملك ، حيث قال خلال استضافته في برنامج حواري بث على القناة الأولى: “جلالة الملك من عليهم بعفوه، هداك شغلو، هداك قراراتو، هداك سلطتو، ” فهذاك شغلو”. في إشارة منه للعفو الملكي الأخير على الصحفيين والصحفيات ؛ تصريح أقل ما يقال عنه أنه يفتقر للدقة واللباقة السياسية ، ويبدو أنه يعكس رؤية اختزالية لمؤسسة العفو الملكي، التي تعتبر أحد أركان النظام الدستوري والسياسي المغربي.
السيد الوزير المحترم؛ إن العفو الملكي ليس مجرد قرار شخصي يصدر عن الملك، بل هو آلية دستورية لها مسطرتها ولها سياقاتها القانونية والسياسية الدقيقة. المادة 58 من الدستور المغربي واضحة في تأطير هذا الحق، الذي يمارسه الملك في إطار مسؤوليته كرئيس للدولة وليس كشخص ، بهدف تحقيق الصالح العام وضمان العدالة والانصاف القضائي فضلا عن أجرأة هذا الحق وفق مشورة سياسية وقانونية داخل أروقة إدارة وزارة العدل . لكن وهبي، وحتى من موقعه كوزير للعدل، فشل في إبراز هذه الأبعاد كاملة بشكل مثير للاستغراب، وهو ما يضع تساؤلات جدية حول فهمه لدوره و مسؤوليته كوزير يفترض أن يقدم نمودجا للخطاب السياسي الرزين و المسؤول..
التصريح، الذي جاء عبر الإعلام العمومي الرسمي ، لم يُحرج وهبي فقط باعتباره وزيرا للعدل و “ولد القانون” ، بل وضع الحكومة بأكملها ورئيسها عزيز أخنوش في موقف لا يُحسد عليه.
فمن جهة، يبدو أن الحكومة فقدت السيطرة على خطاب وزرائها الذين يغردون خارج السرب ، حيث يُفترض أن يمثلون الدولة بلباقة ودقة في التعامل مع قضايا حساسة مثل العفو الملكي وحرية التعبير بالمغرب والتي تحضى بمثابعة واسعة .
ومن جهة أخرى، أحرج حزب الأصالة والمعاصرة، الذي ينتمي إليه وهبي، ووضعه في مواجهة مباشرة مع الانتقادات السياسية التي طالما لاحقت قياديه منذ ولادته الأولى .
حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يُعتبر أحد ركائز الأغلبية، بات مطالبًا بتوضيح موقفه من تصريحات أمينه العام السابق، وعضو مكتبه السياسي حاليا، عبد اللطيف وهبي، لا سيما أن هذه الكلمات لم تكن عفوية، بل جاءت في سياق رسمي يُفترض أن يعكس احتراماً كاملاً للمؤسسات الدستورية ولا يدخلها في سجالات سياسية ضيقة .
إن المسؤولية السياسية تفرض على رئيس الحكومة وحزب الأصالة والمعاصرة التفاعل بجدية مع هذه الهفوة السياسية “التي تسبب فيها وزير العدل عبد” اللطيف وهبي ؛ والتي من المرتقب أن تبعثر الكثير من الحسابات السياسية في الأيام القليلة المقبلة.