ثمن “سمك الفقراء” يحلق عاليا
تشهد الأسماك في المغرب، وعلى رأسها السردين المعروف بـ”سمك الفقراء”، ارتفاعا في الأسعار أثار موجة استياء، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر كثيرون عن غضبهم من غلاء منتج ظل لسنوات الخيار الأرخص للزبائن.
ويأتي ارتفاع أسعار الأسماك في ظل أزمة غلاء العديد من المنتجات الغذائية بالبلاد، خاصة اللحوم الحمراء والدجاج، إذ وصلت أسعار السردين 20 درهما للكيلوغرام.
ولم تقتصر موجة غلاء الأسماك على السردين فقط، بل شملت أصنافا أخرى مثل “الكروفيت” (الروبيان) و “الباجو” (الدنيس)، مما أثار تساؤلات حول أسباب ارتفاع أسعار الأسماك في هذه الفترة.
المضاربة في الأسعار
وتعليقا على الموضوع، يقول عضو الكونفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة، محمد المنصوري، إن “ندرة الأسماك من أبرز العوامل المؤثرة في ارتفاع الأسعار”، مشيرا إلى “أن 70 في المئة من الإنتاج السمكي الوطني يأتي من الموانئ الجنوبية إلا أنها حاليا تعاني من تراجع حاد في مخزون السمك، وخصوصا السردين”.
ويتابع المنصوري موضحا أن الظروف المناخية تلعب دورا رئيسيا في ندرة الأسماك، حيث إن ارتفاع درجة حرارة المياه البحرية إلى مستويات تفوق الـ20 يُعدّ غير ملائم لنمو السردين وأسماك أخرى، مؤكدا أن هذه البيئة البحرية “غير مناسبة لتكاثر السردين مما يقلل من الكميات المتوفرة للصيد ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
ويعتبر المنصوري أن المضاربة في أسعار الأسماك تفاقم أزمة الغلاء، موضحا أن “قلة العرض وارتفاع الطلب على الأسماك شجعا المضاربين على رفع الأسعار ورغم أنها تباع في أسواق الجملة بأثمنة معقولة إلا أن غياب الرقابة يضاعف الأسعار عند وصولها إلى المستهلك”.
ويسجل المتحدث ذاته أن قطاع الصيد في المغرب “يعاني من تحكم بعض الأطراف التي تستغل الوضع لرفع الأسعار بشكل مفرط”، منتقدا “غياب التدخل الجاد من الجهات المختصة كمجلس المنافسة لضبط السوق وحماية المستهلكين من زيادات المضاربين”.
“تسونامي” الغلاء
وفي المقابل، يذكر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أن هناك “فوضى” في الصيد البحري عبر “استنزاف الثروات البحرية بكل حرية” باستثناء بعض المنتوجات كالتونة الحمراء والأخطبوط، منبها إلى “تسويق الأسماك الأقل قيمة محليا بينما تصدر الأنواع الجيدة إلى الخارج، مما جعل المستهلك المغربي غير قادر للوصول إلى البروتين البحري”.
ويضيف الخراطي: “لا يعقل أن تمتلك البلاد سواحل تمتد على 3500 كيلومتر وتباع الأسماك بأثمنة مرتفعة وهذه هي المعضلة”، مردفا أنه “حتى السردين المعروف بسمك الفقراء باتت أثمنته مرتفعة وغير متاحة لشرائح واسعة من المواطنين”.
وبخلاف المنصوري، يرى الخراطي أن “الأسواق المغربية تتوفر على المنتوجات البحرية ولا تعاني من النقص إلا أن القدرة الشرائية للمستهلكين لم تعد قادرة على مواجهة هذا الغلاء”، لافتا إلى أن ثمن السردين كان 5 دراهم سابقا حتى وصل اليوم مابين 20 و30 درهما.
وفي هذا الصدد، يقول الخراطي إن “المغرب أصابه تسونامي الغلاء حيث طالت موجة ارتفاع الأسعار المواد الغذائية من اللحوم الحمراء إلى الدجاج والأسماك، مما أثر على البروتينات التي يعتمد عليها المواطنون”، مضيفا أنه “رغم تدخل الحكومة لاستيراد اللحوم فإن الأسعار ما زالت مرتفعة، مما زاد الضغط على سوق الأسماك التي كانت ملاذا للفقراء”.
المصدر: “الحرة”