قضية المهدوي.. فصل المقال في ما بين القانون الجنائي و قانون الصحافة والنشر من اتصال


شغل الحكم الذي صدر ضد الصحفي، مدير نشر موقع “بديل”، حميد المهدوي، الرأي العام الوطني الحقوقي والسياسي، بعد ان أدين بسنة ونصف حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها 150 مليون سنتيم لفائدة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، استنادا لمقتضيات القانون الجنائي.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وكان دفاع المهدوي، قد طالب خلال اطوار المحاكمة بمتابعته بناء على فصول قانون الصحافة والنشر، الأمر الذي رفضته ممثلة النيابة العامة آنذاك، لتستجيب لها هيئة الحكم.

    النيابة العامة “مصرة” على القانون الجنائي

    ويوم 13 نونبر الجاري، أي بعد يومين من النطق بالحكم، خرجت النيابة العامة لتدافع عن موقفها في قضية المهداوي، معتبرة أن ”ما يَصدُر في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الفضاءات المعلوماتية من منشورات رقمية سواء مصورة أو سمعية بصرية لا يدخل في إطار العمل الصحفي ولا تسري عليه أحكام قانون الصحافة”.

    وقال رئيس وحدة قضايا الصحافة برئاسة النيابة العامة، حسن فرحان، في حوار أجراه مع القناة الثانية، ان “العمل القضائي، سواء في محاكم الموضوع أو على مستوى محكمة النقض، دأب على اعتبار ما يُنشر في مواقع التواصل الاجتماعي والفضاءات المفتوحة بمثابة نشر شخصي يخضع لأحكام القانون الجنائي، إذا تضمن أفعالاً مجرّمة، ولا تسري عليه أحكام قانون الصحافة والنشر ما لم يستوفِ الشروط الواردة في هذا القانون”.

    المهدوي يرد على النيابة العامة

    وينص الفصل 6 من مجموعة القانون الجنائي الذي توبع المهدوي بناء على مقتضياته، على: “في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول، بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها، يتعين تطبيق القانون الأصلح للمتهم”.

    ورد المهدوي، خلال حلقة مصورة نشرت على قناته الخاصة وعلى قناة موقع “بديل”، على تصريحات ممثل النيابة العامة، من خلال استعراضه لمجموعة من الاحكام (8 أحكام) التي أصدرتها محاكم مغربية مؤخرا بناء على قانون الصحافة والنشر، والتي كانت في مواجهة مواطنين، أغلبهم مدونين على “فايسبوك” أو نشاطاء على “يوتيوب”.

    وذكّر المهدوي بقضية محمد التيجيني، الصحفي ومالك موقع “أشكاين”، الذي توبع بناء على مقتضيات قانون الصحافة والنشر، بناء على شكاية تقدم بها ضده حزب الأصالة والمعاصرة، بعد نشر “فيديو” على قناته الخاصة بموقع “يوتيوب”، وهي نفس حالة المهدوي، الذي نشر الفيديوهات موضوع شكاية وهبي على قناته الخاصة بالإضافة لقناة موقع “بديل” على نفس المنصة.

    كما ذكّر المهدوي بقضية السلفي، عبد الحميد أبو النعيم، الذي توبع أيضا استنادا لمقتضيات قانون الصحافة والنشر، بعد الشكاية التي تقدمت بها ضده قناة “ميدي 1 تي في”، بسبب إتهامات وجهها لها، عبر “فيديو” نشره على موقع “يوتيوب”.

    وفي نفس السياق، شارك المهدوي، مع متتبعيه، مجموعة من الأحكام القضائية، الصادرة عن محاكم مغربية مختلفة، ضد مدونين على موقع “الفايسبوك” استندت إلى مقتضيات قانون الصحافة والنشر، من ضمنها قرار صادر عن محكمة النقض، رقم 13 الصادر بتاريخ 5 يناير 2022 في الملف الجنحي رقم 3780/6/3/2020.

    المحامي آيت بلعربي يوضح

    وفي وقت سابق، قال المحامي بهيئة القنيطرة، رشيد آيت بلعربي، إن “السيد رئيس وحدة قضايا الصحافة مرر مغالطات خطيرة من قبيل أن القضاء حسم في هذا النوع من القضايا التي يختلط فيها العمل الصحفي مع الرأي الشخصي للصحفي في إطار حريته في التعبير”.

    وطالب بلعربي ممثل النيابة العامة بـ”تقديم نموذج لقضية واحدة وحكما واحدا شبيهين بقضية المهداوي التبس فيهما التمييز بين العمل الصحفي والرأي الشخصي للصحفي وأصدر فيها القضاء حكما حائزا لقوة الأمر المقضي به بالإدانة بالقانون الجنائي عوض الاكتفاء بالعموميات”.

    - إشهار -

    وأضاف بلعربي، ضمن مقال سابق منشور على موقع “بديل”، “كما أن السيد الرئيس مرر مغالطة أخطر عندما قال بأن ‘قانون الصحافة خاص بالمهنيين الصحفيين’ أي أنه لا يسري إلا على الصحفيين”.

    وزاد، “ألم يطلع السيد الرئيس على المواد 47، 48، 53، 58، 59، 60، 72، 73، 74، 75، 78، 95 و غيرها من مواد قانون الصحافة التي منها ما يطبق على الصحفيين و غير الصحفيين و منها ما لا يطبق إلا على غير الصحفيين الذين حددت المواد الذكورة صفاتهم بوضوح؟ “.

    وتابع، “أنا متأكد أن السيد الرئيس إذا عاد وقرأ هاته المواد مجرد قراءة سطحية فقط سيتأكد بأن قانون الصحافة يسري على الصحفي وغير الصحفي. كما أنه إذا اتصل بزملائه وزميلاته سواء في القضاء الجالس أو الواقف سيتأكد بأن كثيرا من المواطنين توبعوا بمقتضيات قانون الصحافة وأدينوا بمقتضياته رغم أنهم غير صحفيين”.

    النيابة العامة متهمة بمخافة مقتضيات القانون الجنائي

    من جهتها اعتبرت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين “هِمَمْ” أن النيابة العامة، في قضية محاكمة حميد المهدوي، تخالف مقتضيات القانون الجنائي عندما لا تطبق قانون الصحافة على قضايا الرأي والتعبير.

    وردت “همم”، ضمن بلاغ، على التصريحات التي أطلقتها رئاسة النيابة العامة، في شخص حسن فرحان، مؤكدة أن رئاسة النيابة العامة تصر على مخالفة مقتضيات الفصول 6 و 442 و 443 و 444 من القانون الجنائي، عند تعاملها مع القضايا التي يشتبه في أن مرتكبيها قد تجاوزوا حرية الرأي والتعبير إلى السب العلني والقذف في حق الأشخاص أو الهيئات.

    وذكرت الهيئة أن الفقرة الثانية من الفصل 28 من الدستور تنص على أن “للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.” وبالتالي، فإن حرية التعبير ونشر الأخبار والأفكار والآراء مكفولة للجميع دون استثناء، بما في ذلك الصحافيين والمدونين وكل المواطنين أصحاب الرأي. وأي تضييق على هذا الحق يُعد انتهاكًا صريحًا للدستور.

    وقالت “همم” إن أي متابعة من طرف النيابة العامة للمشتبه في ارتكابهم تجاوزات في ممارسة حرية الرأي والتعبير التي قد تصل إلى السب العلني والقذف ضد الأشخاص أو الهيئات، خارج إطار قانون الصحافة والنشر، تُعد مخالفة صريحة لمقتضيات الفصول 6 و 442 و 443 و 444 من القانون الجنائي.

    وأوضحت “همم” أن الفصل 6 من هذا القانون يلزم النيابة العامة بتطبيق القانون الأصلح للمتهم، كما ينص الفصل 444 على أن القذف والسب العلني يعاقب عليهما وفقا لقانون الصحافة. ومن هنا فإن النيابة العامة ملزمة بتطبيق قانون الصحافة والنشر على أي شكوى تتعلق بتجاوزات في حق حرية الرأي والتعبير.

    ودعت “همم” رئاسة النيابة العامة إلى احترام النصوص الدستورية والقانونية التي تحمي حرية التعبير، والالتزام بتطبيق مقتضيات قانون الصحافة والنشر حصرا في القضايا المتعلقة بالتجاوزات التي يشتبه في ارتكابها خلال ممارسة حرية الرأي والتعبير.

    وشددت على أن حرية التعبير ليست فقط حقًا دستوريًا، بل هي أيضًا التزام دولي، حيث ان المغرب صادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأي متابعة خارج إطار قانون الصحافة تُعد انتهاكًا لهذه الالتزامات. كما يجب أن تُعتبر النيابة العامة ضامنةً لفضاء عام يتيح تعدد الآراء والنقاش الديمقراطي الحر، وليس فقط جهة تتبع قضائي، فالواجب عليها أن تكون في صف حرية التعبير، لا أن تقيدها.

    وطالبت “همم” بالمراجعة الشاملة للإطار القانوني لضمان مواكبته لمقتضيات الدستور والتزامات المغرب الدولية، كما ينبغي تحديث قانون الصحافة والنشر لتعزيز الحماية القانونية للصحافيين والمدونين.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد