ملاحقة قضائية وطلب تعويض مبالغ فيه يسعيان إلى طرد المهدوي من البلاد من خلال حملة تشهير ممنهجة
تُعتبر قضية الصحفي حميد المهدوي واحدة من أبرز الأمثلة على الاستهداف المنظم للصحفيين في المغرب. إذ يتعرض المهدوي، المعروف بشجاعته في الدفاع عن حرية التعبير، لحملة تشهير وقضائية يقودها وزير العدل عبد اللطيف وهبي. فهل يُعقل أن يصبح وزير العدل بيدقًا في لعبة استهداف الصحافة ؟.
يبدو أن وهبي يظن أنه يمكنه استخدام القضاء كأداة لإسكات الأصوات الحرة، بينما هو في الحقيقة يعزز من مكانة المهداوي في قلوب المغاربة الذين يعشقون الحق والحقيقة.
إن الملاحقات القضائية، التي تطالب بتعويض يصل إلى مليار سنتيم، تعكس محاولة السلطة للسيطرة على الإعلام وكبح الأصوات التي تسعى لنقل الحقيقة. ومن المفارقات أن هذه الحملة تتزامن مع محاولات استهداف سابقة للمهداوي، مما يُظهر أن القائمين على الأمور لا يملكون أي عذر سوى محاولة قمع الصحافة الحرة. ولكن في واقع الأمر، كلما حاولوا الضغط عليه، زادت شعبيته ورغبة الجمهور في دعم قضيته.
إن الحملة الممنهجة ضد المهدوي لا تقتصر فقط على الدعوى القضائية، بل تشمل أيضًا هجومًا شرسًا عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُصوَّر كأنه مجرم بدلًا من أن يكون صحفيًا يسعى لكشف الفساد والتجاوزات. ربما لا يدرك وزير العدل أن هذه الألاعيب لن تنجح في إخفاء الحقيقة، بل ستسلط الضوء على عجزه وفشله في مواجهة الحقائق التي يُبديها المهداوي.
تُظهر هذه الظروف أن وهبي يحاول السيطرة على الإعلام، بينما يتحول إلى شخصية تثير السخرية في عيون المتابعين. فهو يظهر كمن يسعى لإسكات الصحفيين من خلال تقويض عملهم وخلق بيئة غير آمنة لهم. وما محاولته لاستخدام القضاء كوسيلة للضغط على الصحفيين إلا دليل آخر على عدم قدرته على التفاعل مع انتقاداتهم.
يمثل حميد المهداوي رمزًا للصحافة المستقلة والمقاومة في وجه الضغوط. فقضيته اليوم ليست قضية شخصية، بل هي معركة من أجل حرية التعبير وحق المجتمع في معرفة الحقيقة. وبينما يسعى وزير العدل للعب دور “المدافع عن الأخلاق”، يُظهر المهداوي للجميع ما تعنيه الشجاعة الحقيقية في مواجهة القمع.
إن ما يتعرض له المهداوي يتطلب تضافر جهود المجتمع المدني، الصحفيين، والحقوقيين للتصدي لهذه الانتهاكات. فلا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام هذه الممارسات التي تهدف إلى تكميم الأفواه. ويجب أن نقف معًا لحماية حقوق المهداوي وكل من يسعى وراء الحقيقة، لأن حماية حرية الصحافة ليست مجرد واجب أخلاقي، بل هي ضرورة أساسية لضمان ديمقراطية حقيقية.
وعلى ما يبدو، فإن مسألة طرد حميد المهداوي من البلاد تعد جزءًا من المخطط الأوسع لقمع حرية التعبير في المغرب. فعبر تقديم دعاوى قضائية مبالغ فيها ووسائل التشهير، تهدف عناصر من السلطة إلى دفع المهداوي إلى مغادرة بلده، مما يتيح لهم تحقيق أهدافهم في إسكات صوت الصحافة المستقلة.
إن محاولة طرد صحفي مثل المهداوي أو نفيه اختياريا ليست مجرد اعتداء على فرد، بل هي اعتداء على الحق في المعرفة وحرية الرأي في المجتمع المغربي بأسره. إذ تسعى هذه الممارسات إلى خلق مناخ من الخوف والرعب بين الصحفيين، حيث تُصبح العودة إلى الوطن محفوفة بالمخاطر. لذا، يتوجب على المجتمع المدني أن يتصدى لهذه المحاولات التي تهدف إلى طرد المهداوي، ليس فقط كحالة فردية، بل كخطوة نحو إرساء تقاليد قوية للدفاع عن حرية الصحافة في المغرب.
إن قضية حميد المهداوي تمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام المغرب بحقوق الإنسان وحرية التعبير. فكلما زادت محاولات التضييق، زادت الحاجة إلى تسليط الضوء على أولئك الذين يقفون في صف العدالة. وبدلاً من أن يكون وزير العدل مصدر القلق للصحفيين، يجب أن يكون هو نفسه في موضع المحاسبة على أفعاله. فحرية الصحافة تعني حرية المجتمع في معرفة الحقيقة، وهذا ما يجب أن يُدافع عنه الجميع بلا استثناء.
المصدر: “alanbaapost”