رئيس “هيئة النزاهة” يدق ناقوس الخطر ويرد على الحكومة
دق رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، البشير الراشدي، ناقوس الخطر، معبرا عن إحباطه وقلقه الكبيرين “وسط رياح عاتية تحاصره من كل زاوية”، بعد إصدار التقرير الأخير والذي حمل الكثير من المعطيات الخطيرة التي تشير لتفشي الفساد المالي في المغرب بشكل كبير، وبعد الرد “القوي والرافض” من حكومة عزيز أخنوش.
وكشفت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، أن المغرب بحصوله على درجة 100/38 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2023، يكون قد تراجع بخمس نقط خلال السنوات الخمس الأخيرة، مُكرسا مسلسل التراجع في هذا المؤشر، مُلفتا إلى أن هذا التراجع انعكس على ترتيب المغرب، حيث انتقل من الرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 إلى الرتبة 97 ضمن 180 دولة سنة 2023، متراجعا بـ24 رتبة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأكدت الهيئة في تقريرها السنوي لسنة 2023، تفاقم وضع الفساد، حيث احتل المغرب الرتبة السابعة وفق البارومتر الإفريقي الصادر في ماي 2023، ودعت الحكومة إلى أن تعالج المشاكل المتعلقة بالفساد حتى يتحسن ترتيب المغرب.
ورصد التقرير ذاته، في إشارة إلى نتائج البارومتر الإفريقي، الفجوة الملحوظة بخصوص مدركات المواطنين حول فعالية جهود الحكومة للتصدي للفساد في الإدارة العمومية، حيث يرى أن 79 في المائة من المستجوبين أن الطريقة الي تواجه بها الحكومة الفساد داخل الإدارة العمومية سيئة أو سيئة جدا، فيما يرى 18 في المائة أنها جيدة و1 في المائة جيدة جدا.
من جهته، قال رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الفساد، محمد الغلوسي: “الراشدي جندي تائه في فيافي الصحراء دون بوصلة وهو مجرد من أي سلاح وقد نال منه العطش والتعب كثيرا”.
واعتبر الغلوسي، ضمن تدوينة على صفحته الخاصة ان “هذا يحدث لأن مركب الفساد وزواج السلطة بالمال استغل واستفاد من كل الظروف والشروط وتغول كثيرا حتى أصبح مخيفا، ويشعر الآن أكثر مما مضى بأنه في وضع مريح جدا وسدد مبكرا ضرباته القاتلة لمؤسسات الحكامة وضمنها هيئة محاربة الرشوة وأدخلها للعناية المركزة”.
وتابع الغلوسي، “حتى إن الناطق الرسمي باسم الحكومة قد وجد نفسه وقد فُكَّت عقدة لسانه يلقي خطابا لنعيها وإلقاء الشتيمة على من يظن أنه بإمكانه أن يقدم لمركب الفساد والريع ولو مجرد نصيحة لوجه الله فما بالك بأن يتجرأ لخوض معركة مكافحة الفساد”.
وانتقد الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، بـ”عبارات ونبرة حادة” الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والتي أشارت لـ”تقصير” الحكومة من خلال تقريرها السنوي الأخير.
وقال بايتاس، خلال الندوة الصحفية التي تلت اجتماع مجلس الحكومة، ليوم الخميس 10 أكتوبر الجاري: “أنا مندهش لعدم الانتباه لكل الإجراءات التي تقوم بها الحكومة، تم أندهش أكثر حين يتعلق الأمر بمؤسسات اخرى تشتغل في نفس المجال”.
وأضاف الوزير، “محاربة الفساد معركة نساهم فيها جميعا على قدم المساواة، السلطة التنفيذية والمؤسسات الدستورية الأخرى”، وتساءل، “أين هو المجهود الذي قامت به (الهيئة) بخصوص المقتضيات المنصوص عليها بنص الدستور، فمن يعرف الفساد وملفات الفساد يجب أن يذهب إلى القضاء لأنه هو المسؤول الوحيد على زجر ومحسابة من يقوم بالفساد”.
وكان الراشدي، قد قال ضمن حوار صحفي أن الهيئة عالجت ملفا واحد واجهت فيه عرقلة وقامت بإحالته على النيابة العامة “لأن القانون يعاقب من يعرقل أبحاث مأموري الهيئة”.
وزاد الغلوسي، “الحقيقة الثابتة اليوم هي أن الحيثان المستفيدة من واقع الفساد والرشوة والريع ونهب الأموال العمومية والإثراء غير المشروع قد تحولت إلى غول كبير وشبكات معقدة من المصالح ولايمكنها أن تسمح لهيئة دستورية قُرِّرَ لها أن تكون ضعيفة بتفكيك هذه المصالح الأخطبوطية”.
وشدد المحامي والناشط الحقوقي على أن “القبول باستمرار تغول هذه الشبكات والمافيات على الدولة والمجتمع يشكل خطرا حقيقيا على الأمن والإستقرار”، مستطردا “الأخطر هو ترك هذه المافيات تُنَكِّل بالمؤسسات وتحولها إلى أدوات صورية لتلميع الواجهة دون أن يكون لها أثر على شيوع الفساد والإفلات من العقاب، وهو سعي يوقظ كل الأحقاد ويفتح الأبواب مشرعة على المجهول”، وحذر، “حذاري من الإستهانة بالأمر”.