وقفة مع بلاغ أبو الغالي وجدل “تجميد العضوية”


قبل أيام من موعد انعقاد اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات للأصالة والمعاصرة، الثلاثاء 24 شتنبر الجاري، لاجتماع مع صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية للحزب على خلفية “تجميد عضويته منها ومن المكتب السياسي”، اصدر هذا الأخير بلاغا حمل رقم 3، تحت عنوان “من أجل الديمقراطية في البام”.

وتضمن البلاغ الكثير من الرسائل الظاهرة والمبطنة، سواء لقيادة حزب الجرار، أو للرأي العام، و توعدا “للمشهرين” به – على حد تعبيره – بسلوك المسطرة القضائية.

في البداية سجل أبو الغالي، تراجع المكتب السياسي عن قرار تجميد عضويته في القيادة الجماعية، واكتفاءه بتجميد العضوية في المكتب السياسي فقط، مرجعا ذلك إلى رغبة الحزب في تفادي التصعيد وطي الملف وحضوره لاجتماع لجنة التحكيم، في إشارة منه إلى “اختصاص تجميد عضوية أحد أعضاء المكتب السياسي” الذي يملكه المكتب السياسي طبقا للنظام الداخلي للحزب، حيث ان المادة 106 منه تنص على “بالإضافة إلى اختصاصات المكتب السياسي المنصوص عليها في النظام الأساسي للحزب، يمكنه حصريا توجيه إنذارات وإصدار قرار تجميد العضوية فيما يتعلق برئيسي مجلسي البرلمان، الوزراء، أعضاء المكتب السياسي، البرلمانيين، رؤساء الجهات، رؤساء الغرف المهنية، رؤساء التنظيمات الموازية، الأمناء الجهويين ورؤساء المجالس المنتخبة، ويختص بالإحالة المباشرة في هذا الشأن على اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات”.

في حين قال أحمد التويزي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب. ضمن تصريح لموقع “بديل”، صباح اليوم الجمعة 20 شتنبر الجاري: “حديث أبو الغالي عن التراجع على تجميد عضويته في القيادة والاكتفاء بذلك بالنسبة للمكتب السياسي يبقى مجرد قراءة أو استنتاج يخصه لوحده”.

وأضاف أبو الغالي في نفس البيان أن المكتب السياسي رغم الاكتفاء بتجميد عضويته في المكتب السياسي فقد سقط في فخ تحقير القانون، مؤسسا رأيه على المادة 96 و97 من النظام الأساسي للحزب.

وتابع القول انه انسجاما مع مواقفه والقانون، لن يحضر لاجتماع اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات، مشددا على أن الخلاف تجاري محض ولا علاقة له بالحزب.

وبالرجوع لميثاق أخلاقيات حزب الأصالة والمعاصرة، وبالضبط المادة 8: “يحرص كل منخرط (ة) بالحزب توصل باستدعاء للمثول أمام جهة رقابية أو قضائية أو جهات إنفاذ القانون من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام أن يخبر بذلك الأمانة العامة للحزب”، وفي حالة صلاح الدين أبو الغالي وبغض النظر عن توصيف عضويته بالحزب، فهو لم يتوصل بأي استدعاء من أي جهة نصت عليها المادة، وقضيته مرتبطة بمشكل شخصي تجاري، ولا علاقة لها بتدبير الشأن العام.

وعند الرجوع كذلك لنفس الميثاق، المادة 13 “يمكن للمكتب السياسي تجميد العضوية لأحد أعضاء الحزب وتوجيه إنذارات في حق كل منخرط (ة)، ويختص بالإحالة على اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات لاتخاذ المتعين لكل من يشغل مهمة انتدابية أو نيابية حركت في مواجهته متابعة من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام بناء على إحالة المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للداخلية”، نقف على عدم إمكانية استدعاء صلاح الدين أبو الغالي حتى لو سمحت صفته بذلك، كونه عضوا بالأمانة العامة، حيث أنه لم تحرك ضده أي جهة أي دعوى موضوعها متعلق بتدبير الشأن العام.

وبالعودة إلى نفس البيان سجل صلاح الدين أبو الغالي، انتحال بعض اعضاء المكتب السياسي لصفة قاضي واصدار حكم الإدانة في حقه، وقيام قادة في الحزب بعقد ندوة صحفية “شهروا به” خلالها، وانه قرار متابعتهم قضائيا إلى جانب متابعة بعض الصحفيين الذين أسهموا في ذلك، وفق البيان دائما.

- إشهار -

وعند قراءة البيان بشكل متأني، نستطيع استخلاص عدة خلاصات، ترتبط بالحدث الضجة بحزب الأصالة والمعاصرة:

أولها : أن سبب المشكل يتعلق بخلاف تجاري بين صلاح الدين أبو الغالي، و عضو آخر في الحزب، وأنه وُجدت وساطة من أجل حل ذلك المشكل دامت لثلاثة أشهر، بعدها قرر المكتب اتخاذ القرارات المعلومة، وهنا تُطرح عدة أسئلة منها هل تلك القرارات جاءت تخليقا للمشهد الحزبي، كما صرح بعض قادة حزب الجرار، أم انها جاءت خدمة لمصالح معينة؟.

ثانيها : وجود خلاف داخل الأمانة العامة للحزب، وبالتحديد بين صلاح الدين أبو الغالي و فاطمة الزهراء المنصوري، التي اتهمها بأنها حاولت “إخضاعه لما سماه مصالحها ومصالح من يدور في فلكها”.

ثالثها : استناد البيان على الجانب القانوني، وبالتحديد النظام الداخلي للحزب، في رفضه الحضور لاجتماع لجنة التحكيم والأخلاقيات، وتمسكه بعضويته في الأمانة العامة للحزب، وهنا يطرح سؤال لماذا لم يتوجه صلاح الدين أبو الغالي للقضاء للحسم في هذا الأمر ؟.

رابعها : توظيف صلاح الدين أبو الغالي للحدث الذي عرفته الساحة الوطنية، وأطلق عليه إعلاميا بـ “الهروب الكبير”، من أجل توجيه انتقادات للمكتب السياسي لحزب الجرار، إذ شغل هذا الأمر فقرة كاملة من البلاغ.

خامسها : تقديمه اعتذار لرئيس جماعة تازورت بسبب طرده من الحزب، ومطالبة المكتب السياسي بصفته عضوا داخله بإعادة النظر في القرار الذي يخص رئيس الجماعة، الشيء الذي يعني انه يعتبر نفسه مازال يمارس صلاحياته، وأن القرارات الصادرة في حقه لا قيمة لها.

وفي الختام نستنتج مما تقدم أنه هناك أشياء تطبخ داخل حزب الجرار، مازالت لم تتكشف فصولها كاملة، وأن أي قراءة حاسمة في الحدث المرتبط بصلاح الدين أبو الغالي، لن تسلم من الخطأ، غير أن استنتاجا واحدا يمكن السم فيه دون انتظار، وهو أن فكرة القيادة الجماعية جاءت داخل حزب الجرار من أجل حلحلة الخلافات والصراعات على القيادة، إلا أنها فشلت بل وتسببت في المزيد من الخلافات.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد