“قانون الإضراب” في البرلمان.. هل تنصلت الحكومة من التزاماتها؟


عاد “مشروع قانون الإضراب” ليثير الجدل من جديد، بعد طرح وزير التشغيل يونس السكوري الموضوع للنقاش، امس الثلاثاء، بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، وهو ما قوبل بالكثير من الرفض ونقط النظام من طرف عدد من البرلمانيين المنتمين للمعارضة.

وأفاد رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، محمد شوكي، أن الحكومة أحالت مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب على المجلس، موضحا أن “ما تم يوم أمس هو مجرد نقاش أولي”.

وقال شوكي، ضمن تصريح لموقع “بديل”، “معلوم أن هذا النوع من المشاريع ليس عاديا، فهو يحتاج إلى نقاش عميق وإشراك عدد من المتدخلين بمن فيهم النقابات وأرباب الشغل”.

وأضاف، “الحكومة الحالية امتلكت الجرأة الكافية لمناقشة هذا المشروع، الذي كان يفترض أن يصدر خلال عهد الولاية البرلمانية الأولى بعد دستور 2011”.

وخلال الاجتماع الذي عقد بمقر مجلس النواب، عبر عدد من اعضاء الغرفة الأولى عن رفضهم لتقديم مشروع القانون دون التوافق بشأنه مع النقابات، ومن ضمنهم برلمانية فدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، ونواب الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، حيث نبهوا الحكومة إلى أن تقديم هذا المشروع سيدفع النقابات إلى اللجوء للشارع والاحتجاج.

وعبرت التامني، خلال الاجتماع المذكور على رفضها لمشروع القانون، مشددة على أن “الحكومة مُلزمة بالتفاوض مع المركزيات النقابية، وإيجاد صيغة متوافق حولها، قبل تقديمه إذا كانت فعلا تحترم التزاماتها، وتقديم المشروع للنقاش في البرلمان مباشرة مرفوض بشكل مطلق”.

وشددت التامني، ضمن تصريح لـ”بديل” على أن ما قدمه الوزير يونس السكوري، يوم أمس، لا يمكن أن نسميه مشروع قانون، موضحة أن “الوزير تفاعل مع نقط النظام بشكل إيجابي وقدم عرضا يتضمن قراءة نقدية لمشروع القانون الذي وضع سنة 2016 من طرف حكومة العثماني، وأقر أننا بحاجة للتفاوض والتوافق والإبداع، وطرح النقاش قصد الخروج بمقترحات يمكن لها أن تساعد على صياغة مشروع قانون يرضي كل الأطراف”.

وتابعت البرلمانية، “الوزير عبر على أننا بحاجة لمناقشة عامة، وأخذ الوقت الكافي، قصد صياغة المشروع، وتعهد بالجلوس مع النقابات ومع كل المعنيين والاستماع للجميع، للخروج بمنتوج متوافق حوله”.

وتعليقا على الموضع ذكر عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، سعيد خير الله، أن “الاتحاد سبق له التقدم بمذكرة مكتوبة حول قانون الإضراب”، وقال: “ننتظر تفاعل الحكومة مع مقترحاتنا”.

- إشهار -

وزاد، “خلال جلسات الحوار الاجتماعي الأخيرة لم نحدد مع الحكومة أية أجندة زمنية للنقاش حول قانون الإضراب، كل ما هنالك أنها اقترحت أن يتم تمريره في هذه الدورة البرلمانية”.

ويرى خير الله، ضمن تصريح لموقع “بديل” أن “قانون الاضراب هو قانون مجتمعي كبير ولم تتمكن أي حكومة من إصداره منذ أكثر من 60 سنة، ولا يجب اليوم ان نتسرع في إخراجه دون أخذ الوقت الكافي للنقاش”.

وشدد، “بالنسبة لنا في الاتحاد المغربي موقفنا واضح، إذا لم تتفاعل الحكومة بشكل إيجابي مع مقترحاتنا سنرفض المشروع بكل الاشكال الممكنة، سواء من داخل مجلس المستشارين أو في الشارع”.

ومعلوم أن ميثاق الحوار الاجتماعي الذي وقعته الحكومة مع النقابات سنة 2022 قد ضم من بين التزاماته “العمل على إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود، قبل نهاية الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية للولاية التشريعية الحالية (يناير 2023)”.

وتنص الفقرة الثانية من الفصل 29 من دستور 2011 على أن “حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”، وهي الصيغة نفسها تقريبا التي تكررت في جميع دساتير المغرب منذ 1962.

ومنذ سنة 1962 وإلى غاية 2011، نصّت جميع دساتير المملكة الستة على الإضراب كحق مضمون، لكن إلى حدود اليوم، أي بعد أكثر من 60 عاماً، لم يُعتمد أي قانون تنظيمي يوضح شروطه والإجراءات اللازمة لممارسته.

وبعد المصادقة عليه من قبل المجلس الوزاري سنة 2016، أُحيل مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب على مجلس النواب، وبقي هناك دون مناقشة.

وفي شتنبر 2023 أعلن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، عن قرب الإفراج عن “قانون الإضراب” بعد أن بقي أسيرا داخل أروقة مجلس النواب منذ سنة 2016 دون أن يتم التوصل لاتفاق بشأنه بين مختلف الفاعلين السياسيين والنقابيين في المغرب.

أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد