دار الشعر بتطوان تجمع بين الشعر والمسرح والموسيقى في حفل افتتاح تاريخي لمهرجان الشعراء المغاربة


شهدت مدينة تطوان انطلاق فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان الشعراء المغاربة، في حفل افتتاح كبير عرف تقديم عدد من الفعاليات الثقافية والفنية، يوم السبت 29 يونيو، في مسرح سينما إسبانيول بمدينة تطوان.

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية حول المقالات المنشورة على الموقع

    الاشتراك في النشرة البريدية

    وانطلق المهرجان الذي تنظمه دار الشعر بتطوان، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بكلمة لوزير الشباب والثقافة والتواصل، ألقتها المديرية الجهوية للثقافة بجهة طنجة تطوان الحسيمة السيدة زهور أمهاوش، وهي الكلمة التي نوهت فيها بعمق الشراكة التي تجمع الوزارة بدائرة الثقافة في حكومة الشارقة، وهو ما يتأكد من خلال عمل دار الشعر في تطوان، والبرامج التي تقترحها هذه المؤسسة الشعرية في بلادنا.

    أما رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة عبد الله العويس فأكد أن دار الشعر بتطوان قد قطعت وعداً بأن يكون الشعر حاضرا بجماله على مدار العام، وهو ما تحقق بفضل الجهود المخلصة والتعاون المثالي بين دائرة الثقافة بالشارقة ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، وليعبّر هذا التعاون عن عمق العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية، في ظل القيادة الرشيدة في البلدين”.

    وشهد افتتاح المهرجان في بدايته تكريم الشاعر والوزير الأسبق محمد الأشعري، الذي تسلم درع الحمامة البيضاء، وجاءت كلمته في الافتتاح لتؤكد أن “تكريم الشعر هو تكريم حقنا في الحياة، وتكريم حقنا في الانعتاق”. وعن لغة الشعر يؤكد الأشعري أنها “ليست لغة فحسب، بل شريان يربطنا بجغرافية اللسان والوجدان من المحيط إلى الخليج، ويربطنا بشجرة أنسابنا الشعرية، بأماكن القصائد الأولى، وبأصوات المتمردين، والمجددين، ومحرري الخيال”.

    ومن ديوانه الأخير “جدران مائلة” قرأ الأشعري: “هذه أوراقي/ جمعتها بعد عناء/ في علبة واحدة/ كتبت عليها/ “أوراق محمد التي تبقت من الحريق”/ كانت شيئا ضئيلا/ أمام جبل الرماد/ الذي أصبح بيني وبين البحر/ وقد تكدس حتى لم تعد الريح/ تأخذ منه ذرة واحدة”.

    واستهل الشاعر محمد علي الرباوي أمسية الافتتاح بقراءة قصيدة “العربة”: “عَرَبَةٌ وَاحِدَةٌ تُقِلُّنَا.. أَنا وَأَنْتَ../ فَاحْتَمِلْنِي يَا رَفِيقِي لَحْظَةً أَوْ لَحْظَتَيْنْ./ بَعِيدَةٌ هِيَ الْمَحَطَّةُ الَّتِي أَمَامَنَا/ تَفْصِلُنَا عَنْهَا مَسَافَةٌ بِقَدْرِ آهَتَيْنْ… إلى أن يقول: “عَرَبَةٌ واحِدَةٌ (………..) فَتَحْتُ عَيْنِيْ.. لَمْ أَجِدْ سِوَايَ: هَلْ جُنِنْتُ؟ كُنْتُ وَاحِداً؟ أَوْ وَاحِدَيْنْ؟”.

    وقرأت وكتبت الشاعرة سكينة حبيب الله عن “اليد البالية”، وهي اليد التي “أحيانا ترتفع لتلوح/ وقد كنت فقط تريد عد الباقي والانصراف/ في بعض الأوقات تصفع بقسوة/ فيما نيتك الحقيقية/ كانت وضعها بحنان على كتف/ وربما تفاجئك وهي تسقي زهرة”.

    - إشهار -

    واختتم الشاعر أبو فراس أمسية الافتتاح متسائلا: “منْ أنتَ؟ كَيفَ عبَرْتَ الْيَمّ دُونَ هدىً/ وأيُّ بَوْصَلَةٍ قادَتْ خُطَاكَ هُنَا..؟” قَالَ الغريبُ: أنَا المَنْفِيُّ مِنْ وَطَن/ كلُّ انْكسَارَاتِهِ تَقْتاتُ مِنْ دَمِنَا. اللَّه، يَا وًاهِبَ الطُّوفَانِ هَيْبَتَهُ/ مَنْ يُقْنعِ المَاءَ أنْ لَا يُغْرِقَ المُدُنَا؟”.

    ثم اعتلت منصة الافتتاح أيقونة الشاشة المغربية الإعلامية زبيدة الفاتحي، حيث تسلمت درع الحمامة البيضاء، وهي تنوه بتكريمها، وتتذكر علاقتها بتطوان وعلاقتها بالشعر، من خلال أسرة تطوانية شعرية كبرى، لمعت فيها مجموعة من الأسماء الشعرية المرموقة في المشهد الأدبي المعاصر على الضفتين. بينما تفاعل جمهور تطوان مع ابنة مدينتهم، التي ألفوا صوتها وحضورها القوي وهي تقدم نشرة الأخبار الإسبانية على التلفزيون المغربي، منذ عقود من الزمان، إلى جانب مكانتها البارزة ضمن النخبة الثقافية المغربية الناطقة بالإسبانية.

    بعد ذلك، أعلنت إدارة المهرجان عن الفائزين بجائزة الديوان الأول للشعراء الشباب، حيث تقدم الشاعر ياسين عدنان لتلاوة تقرير اللجنة التي ترأسها، بعضوية الشاعرة خديجة السعيدي والشاعر محمد عزيز الحصيني. وأكد رئيس اللجنة أن أعضاءها قد حرصوا على تقديم “عناوينَ تمنحُ الأملَ في شعرٍ مغربيٍّ قادمٍ من المستقبل، ودواوينَ تعِدُ باستئناف رحلة الشعر المغربي الذي ما انفكَّ يتجدّد ويتعدّد بتعدُّدِ مُبدعيه على امتداد الأجيال ومرّ الأزمنة. لكنَّ ضمانَ هذا التجدُّد يحتاج آلياتٍ مِنْ بينها بالتأكيد هذه الجائزة التي تُعتبَر آليةً بالغة الأهمية، بما تُتيحُه من فُرَصِ النشر للأعمال الشعرية الأولى في زمنٍ نعرف مدى تبرُّمِ الناشرين فيه من الشعر. لذا نثمّنُ إطلاقَ دار الشعر في تطوان لهذه الجائزة التي نجحت عبر دوراتها السابقة في اكتشافِ أصواتٍ شعرية تصدحُ اليوم في أرقى المحافل والمهرجانات العربية فيما تزيّن دواوينُها رفوف مكتبتنا الشعرية الوطنية”.

    وهكذا، فقد كانت الجائزة الأولى من نصيب الشاعر الشاب عبد الصمد أجواو عن ديوانه “نجوم لي ولك”. والثانية من نصيب الشاعر الشاب محمد أشرف الشاوي عن ديوانه “للهامش أرمي وجهي”. بينما آلت الجائزة الثالثة للشاعرة الشابة ليلى الخمليشي عن ديوانها “امرأةٌ في معطف أرجواني”. في حين نوهت لجنة التحكيم بديوان “تائه في دُجى الأهوال” للشاعر الشاب أيوب داود، وبديوان “آخِرُ ما قاله السندباد” للشاعر الشاب سلمان الحساني.

    ومثل الحفل الفني لمهرجان الشعراء المغاربة الحدث الثقافي الأبرز في العالم العربي، حين أحيت الفنانة اللبنانية جاهدة وهبه هذه الاحتفالية الكبرى، إلى جانب فرقة إبداع للموسيقى العربية، برئاسة الأستاذ إلياس الحسيني، وهي تقدم روائع الطرب العربي، وآخر القصائد العالمية التي لحنتها وقدمتها في مدينة تطوان، بحضور المئات من عشاق الشعر الجميل والطرب الأصيل، الذين حضروا وأنصتوا بإمعان كبير لشاعرة الغناء العربي، كما أسماها مدير دار الشعر بتطوان الشاعر مخلص الصغير، وهو يقدم حفل افتتاح الدورة الحالية من مهرجان الشعراء المغاربة.

    وتوج حفل الافتتاح بعرض مسرحية “جا وجاب” لفرقة المسرح الوطني، وهو العرض المسرحي الخالد الذي سهر معه جمهور مدينة تطوان إلى ساعات متأخرة من ليلة شعرية وثقافية وفنية استثنائية في تاريخ مدينة تطوان.

    أعجبك المقال؟ شاركه على منصتك المفضلة..
    قد يعجبك ايضا
    اترك رد

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد