لماذا توقفت “حملة” مكافحة الفساد؟
تساءل رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، عن الأسباب التي أدت إلى توقف ما أطلق عليه في وقت من الأوقات “حملة وطنية لمحاربة الفاسدين ولصوص المال العام”، والتي أطاحت بوزراء سابقين وقيادات حزبية كبيرة ومسؤولين لهم وزنهم الاعتباري والمعنوي داخل المشهد السياسي المغربي.
فخلال سنة 2023 تابع الرأي العام كيف تم تفكيك بعض شبكات الفساد وأحيل المشتبه فيهم على القضاء، واستبشر المغاربة خيرا لكون ذلك يعد إيجابيا ولايمكن إلا تثمينه.
وقال الغلوسي: رغم كل ما تم القيام به “لم يخفي الرأي العام خوفه وقلقه من أن يكون ذلك مجرد حملة عابرة كما جرت العادة لتقليم الأظافر، حملة ظرفية محكومة بسياقات وظروف خاصة وينتهي الأمر وتعود حليمة إلى عادتها”.
وأضاف الغلوسي، ضمن تدوينة على صفحته الخاصة، “فعلا فبعد إحالة بعض المتهمين على القضاء وتحريك المتابعات القضائية ضد بعض المتورطين في قضايا الفساد توقف المسار والتوجه الذي كان يوحي في البداية بوجود ارادة سياسية لمكافحة الفساد والرشوة ومحاكمة لصوص المال العام وتخليق الحياة العامة”.
وتابع، “توقف مفاجئ دون سابق اشعار وجمود ملحوظ في تحريك ملفات الفساد ونهب المال العام وتعثرها وعدم محاكمة جميع المتورطين في قضايا الفساد بمقتضى تقارير رسمية والذين راكموا ثروات مشبوهة واستثناء البعض من ماكينة المحاسبة وخاصة الوزراء والموظفون السامون وبعض المحظوظين (لي امهم فالعرس ) والإقتصار على محاكمة صغار الموظفين والمنتخبين”.
وزاد، “استبشر المغاربة خيرا وقالوا ان معركة مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام قد انطلقت فعليا بتفكيك بعض شبكات ومافيات الفساد التي تغولت كثيرا واصبحت تهدد الدولة والمجتمع، لكن يبدو ان التوجه والجهات المستفيدة من الريع والفساد تقاوم كل الإجراءات والتدابير الرامية إلى التصدي لمظاهر الفساد مهما كان حجمها وأثرها”.
واستطرد، “يبدو انها مارست ضغوطها ووظفت سلطتها لإيقاف هذا المنحى حتى لا يتحول إلى نفس سياسي وحقوقي في المجتمع وهو مايفسر كيف تم حفظ شكاياتنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام بعلة عدم توفرنا على الوصل النهائي، وصل تصر وزارة الداخلية على حرماننا منه بدون موجب قانوني والغاية هي منع تحول قضية مكافحة الفساد إلى قضية مجتمع ورأي عام وازن لأن ذلك يشكل خطرا على الشبكات والمصالح التي راكمت الثروة بإستغلال مواقع النفوذ والسلطة”.
إن هذا التوجه، حسب الغلوسي، يشكل خطرا علينا جميعا دولة وشعبا ويوفر كل الشروط لتعمق الفساد وشيوعه وهو مايشكل لعبا بالنار ويعرض استقرار وأمن المجتمع للخطر.
وختم، “المغاربة يريدون سياسة جنائية واضحة في مجال مكافحة الفساد ونهب المال العام والرشوة، سياسة قائمة على إعمال قواعد القانون والعدالة على قدم المساواة في اطار ربط المسؤولية بالمحاسبة دون أي تمييز”.