أين وصلت “مشاورات إخراج قانون الإضراب”؟
بعد حوالي 12 سنة على صدور الدستور، وبعد أكثر من 7 سنوات على إحالته على البرلمان، لا يزال مشروع القانون المنظم لممارسة حق الإضراب يراوح مكانه، في الوقت الذي تحدث وزير التشغيل خلال الأسبوع الماضي على اجرائه لعدد من جولات الحوار مع النقابات الأكثر تمثيلية بخصوص الموضوع منذ بداية السنة الجاري.
ومعلوم أن ميثاق الحوار الاجتماعي الذي وقعته الحكومة مع النقابات سنة 2022 قد ضم من بين التزاماته “العمل على إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود، قبل نهاية الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية للولاية التشريعية الحالية (يناير 2023)”.
وتنص الفقرة الثانية من الفصل 29 من دستور 2011 على أن “حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”، وهي الصيغة نفسها تقريبا التي تكررت في جميع دساتير المغرب منذ 1962.
ومنذ سنة 1962 وإلى غاية 2011، نصّت جميع دساتير المملكة الستة على الإضراب كحق مضمون، لكن إلى حدود اليوم، أي بعد 58 عاماً، لم يُعتمد أي قانون تنظيمي يوضح شروطه والإجراءات اللازمة لممارسته.
وبعد المصادقة عليه من قبل المجلس الوزاري سنة 2016، أُحيل مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب على مجلس النواب، وبقي هناك دون مناقشة، وهو اليوم محط جدل بين الحكومة والنقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
وخلال الأسبوع الماضي، أعلن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، عن قرب الإفراج عن “قانون الإضراب” بعد أن بقي أسيرا داخل أروقة مجلس النواب منذ سنة 2016 دون أن يتم التوصل لاتفاق بشأنه بين مختلف الفاعلين السياسيين والنقابيين في المغرب.
وقال السكوري، خلال مشاركته في الندوة الصحفية التي تلت اجتماع مجلس الحكومة، يوم الخميس 21 شتنبر الجاري: ستتم مباشرة النقاش “بشكل هادئ” حول هذا القانون خلال الدورة المقبلة للبرلمان والتي تنطلق في أكتوبر المقبل.
وأضاف الوزير: “لقد تم عقد حوالي 20 اجتماع مع النقابات الأكثر تمثيلية منذ يناير 2023 إلى غاية الصيف المنصرم، للبحث عن الصيغ المتوافق حولها لتجهيز هذا القانون”.
من جهتها انتقدت عضو المكتب الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، حليمة الشويكة، ما أسمته بـ”الصمت أو السرية” التي تدير بها الحكومة الحالية ملف القانون التنظيمي لممارسة الحق في الإضراب.
وأكدت الشويكة، في تصريح نقله موقع ”البي جي دي” أن إعلان وزير الشغل والإدماج المهني بأن القانون التنظيمي للإضراب هو في طور الإعداد، وأنه سيتم إخراجه بعد أن تم عقد سلسلة مشاورات بخصوصه، هي إعلانات مكررة وغير مستغربة.
وأردفت، حسب المصدر ذاته، “ذلك أن العديد من القوانين والأنظمة التي لها تأثير مباشر على الشغيلة أو فئة من فئات الوظيفة العمومية تبقى رهن السرية والكتمان، فيما تلجأ الحكومة إلى الحديث في العموميات، دون إطلاع الرأي العام وخاصة الشغيلة، بمضامين هذه القوانين والأنظمة، والتي من آخرها النظام الأساسي لموظفي التعليم، والذي بقي طي الكتمان طوال هذه المدة، ولنا عليه ملاحظات متعددة وكثيرة”.
واعتبرت القيادية النقابية، أن “حديث الحكومة عن استكمال المشاورات من يناير 2023 إلى شتنبر الجاري بخصوص هذا المشروع، هو حديث لا أساس له من صحة الوقائع والأحداث”.
وزادت، حيث ان ما يخرج إلى الإعلام من نتائج هذه الجلسات التقنية للحوار، تقول بأنه وصل إلى الباب المسدود، سواء تعلق الأمر بجلسة يناير أو أبريل. ولم يتم التوصل إلى اتفاق حول أرضية النقاش، والنقابات تعتبر أن ما جاءت به الحكومة كأرضية غير صالحة للنقاش، ولذلك رفضت تقديم مقترحاتها، وسط مخاوف من الشغيلة بأن ما قدمته الحكومة لا يضمن الحق في الإضراب.