علال وقادوسية المسؤولين
وقع في عام 2014 أن غرق المغرب تحت أمطار الرحمة والنعمة؛ التي حولها المسؤولون إلى أمطار قسوة ونقمة؛ فكان أن خرج مغربي اسمه علال؛ ابن هاته الأرض وابن الهامش المنسي والمنبوذ؛ في فيديوهات يبدي فيها قدراته ومهاراته في أهليته لإنقاذ البلاد والعباد من سطوة ما فعله ذوو البدلات الأنيقة والساعات الذهبية والسيارات الفارهة.
خرج لإظهار غيرته على الوطن والناس؛ فما كان منا؛ إلا أن لقبناه بالقادوس! وانجر الإعلام الفاقد للبوصلة والقيم والأخلاق مع الموجة؛ ثم أصبح الجميع يتفكه على علال كما لو أنه جاء من كوكب الزهرة أو المريخ ونسينا أنه ابن هاته الأرض المهمشة للكفاءات الحقيقية والمواهب الصادقة الغيورة على الوطن؛ نتغافل على أنه ابننا نحن؛ ولن تعفينا ضحكاتنا وسخرياتنا الصبيانية من مسؤوليتنا كمجتمع نخرته التفاهة والضحك المجاني المساهم في التمثلات المدمرة والخانقة للإنسان بما هو إنسان.
“علال”؛ ليس إلا كأي واحد منا لم يجد الإمكانيات السليمة في مجتمع يخنق الموهبة والتميز و الغيرة على الوطن؛ وأخذ كتعويض نفسي يحاول عبثا إظهارها بتلك الطريقة البطولية في مجتمع غير سليم؛ ونحن سخرنا منها كما لو أننا نصنع “الدوليبران”.
لماذا لم نسخر من المسؤولين أصحاب ربطات العنق؟ القائمين على المدينة ولم يوفروا لها بنية تحتية وفوقية تقي علالا والبلاد من بطش الطبيعة والثقافة؟!
بنية تحتية تجابه الطبيعة وبنية فوقية تجابه الثقافة وتعطي الفرصة لعلال وآخرين لإظهار غيرتهم على الوطن بشكل سليم ومبدع؟
لماذا تتوجه دائما ضرباتنا الموجعة أكثر للأضعف فينا وتزيده حقدا علينا وتبعده علينا أكثر فأكثر فيتوجه للجنة المصطنعة بتعبير الشاعر الفرنسي بودلير “حشيش؛ دعارة؛ إدمان كذب؛ سرقة مرضية؛ الخ “.
لماذا هذه النظرة الدونية لمختلِفٍ نحن من صنعناه؟ لمختلِفٍ منا أراد عبثا إنقاذنا وما زدناه إلا وبالا وتحقيرا؟
هذه الاسئلة لن يجيب عنها إلا العلم ولا شيء غير العلم والتواضع في مقاربة الظواهر النفس-اجتماعية بدراسات معمقة في الجامعات وغير الجامعات.
تاريخ 2014 يعيد نفسه في 2021؛ ست سنوات ولم نستوعب الدرس؛ ست سنوات وما زلنا نغرق تحت رحمة المطر؛ رحمة جعلناها قسوة وسنعيد نفس السيناريوهات والحماقات ثم نأتي وننزعج من عزوف الشباب والناس عن الانتخاب والتصويت.
“علال” لم يقم إلا بالرجوع إلى حقه الطبيعي السليم بتعبير جون جاك روسو عندما لم يجد في حقه الثقافي إلا الجحود والإهمال والسخرية والإنكار.
كلنا “علال” وندعي غير ذلك في محاولة عبثية متسامية نستنكر فيها الطبيعي فينا بثقافة مهترئة وتلعب لعبة “سمه ولا تكترث له”؛ إنه فقط “القادوس” نحن هم العقلاء الأكفاء المهذبون “صناع القادوس”.
من الأكثر قادوسية إذن يا عقلاء؟!
علال…صورة المواطن المغربي..الذي يعيش حياته في قادوس …وبالتالي فهو تعبير عن الضمير الجمعي الذي وجد في صورة علال طريقا للتعبير عن ضحالته..وهوانه على المسؤولين…دون ان يخدش ما تبقى من عزة نفس في هيكله..لذالك يشير الى علال