عملية الترحيل.. و مخاوف الساكنة
أحدث نشر تصميم تهيئة الرباط الكثير من المخاوف و الهواجس في صفوف ساكنة الدواوير/ الأحياء الثلاثة، و التي عرفت بأسمائها الشعبية: دوار الدوم، دوار الحاجة، دوار المعاضيد، و في إطار ما أطلق عليه بسياسة المدينة، تمت تسميتها على التوالي بأسماء ملطفة : حي أبي رقراق، حي الفرح، حي الرشاد، هل تغيير اسم الدوار باسم الحي واختيار كلمات لطيفة غيرت من واقع ساكنة هذه المناطق الثلاثة والواقعة كلها في مقاطعة اليوسفية الشعبي بالرباط ؟ وكيف تعاملت هذه الساكنة مع خبر الترحيل ؟ و ماذا هيأت السلطات المنتخبة و المعينة لمعالجة عملية الترحيل ؟ و ما هي مخاوف سكان الدواوير المعنية بعملية الترحيل ؟
قبل الإجابة على هذه التساؤلات، لابد من الحديث ولو بإيجاز عن سياق إحداث هذه المجموعات السكنية .
بحكم عملي وسكني الذي لا يتجاوز 5 سنوات في مقاطعة اليوسفية، و من خلال احتكاكي اليومي بساكنة المنطقة المعنية بالترحيل، سأحاول إظهار بعض الإضاءات حول الموضوع .
أولا، إن قرار الترحيل لم يتخذ بعد، في انتظار إنجاز الدراسات، وما أكثرها، و قد استنزفت أموالا عمومية طائلة بدون جدوى في غياب قرار سياسي شجاع للترحيل يضمن الكرامة للمرحلين/ات، كما أن الدواوير/ الأحياء السكنية مبنية على مناطق شديدة الانحدار، غير قابلة للبناء أصلا، بنايات عشوائية تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط حياة آدمية، إنسانية، أزقة ضيقة، بنايات من 4 و 5 طوابق بدون أساسات قادرة على تحمل هذه الطوابق، بنيات تحية ضعيفة، كهرباء، ماء صالح للشرب، صرف صحي، كثافة سكانية عالية 120 ألف نسمة، 30 ألف أسرة، مما أدى إلى حياة معيشية قاسية صيفا و شتاء، انعدام النظافة و غياب السلامة الصحية و الأمنية .
و قد بنيت هذه الدواوير بمباركة السلطات وأقطاب الأحزاب الإدارية و هناك من راكم الأموال من الطرفين، من أجل تحجيم دور الأحزاب المنحدرة من الحركة الوطنية، التي كانت تسير مدينة الرباط؛ حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في زمنه الذهبي وحزب الاستقلال، قبل مرحلة شباط وجماعته، وكان الهدف من تشجيع البناء العشوائي في هذه الدواوير، خلق خزان انتخابي يتنامى مع كل استحقاق انتخابي جديد، يتم التحكم فيه من طرف أباطرة الانتخابات و أعوان السلطة مستغلين فقر و هشاشة الناس، وخصوصا في عهد أم الوزارات/ وزارة الداخلية و على رأسها إدريس البصري .
يتم الحديث عن ترحيل 6000 أسرة كمرحلة تجريبية أولى، نحو منطقة عين عودة، التي تبعد عن الرباط بحوالي 30 كلم .
في سنة 2014 صرح والي الرباط سابقا و وزير الداخلية حالية عبد الوافي لفتيت إلى أن هذه الدواوير الثلاث تشكل ” قنبلة موقوتة ” في عاصمة البلاد، و منذ لك الوقت بدأ التفكير في ترحيل هذه الساكنة، في إطار مشروع ” الرباط عاصمة الأنوار” و تهييىء ضفتي أبي رقراق لاستقبال الاستثمارات العقارية و الأبراج و مراكز الخدمات المالية العالمية ، من خلال وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق .
أمام تخوفات الساكنة المستهدفة بالترحيل، يلاحظ غياب أي تواصل جدي بين عمدة الرباط أسماء غلالو مع الساكنة، من أجل شرح أسباب الترحيل و ضمان حقوق المرحلين/ات، في هذه الأجواء تتعاظم التخوفات و الهواجس، لأن ساكنة هذه المنطلق تتوفر على قوة بشرية هائلة عملت على إنتاج الثروة، و هي فئة نشيطة و منتجة و قد تخرج من هذه الدواوير أطر عليا و كفاءات ساهمت في تطور العاصمة بشكل خاص و المغرب على وجه العموم، في هذه الساكنة من له مشاريع في ميدان التجارة و الخدمات تشغل العديد من السكان، فعملية الترحيل ليست عملية ترحيل و إسكان مجموعة من الناس فحسب، بل هي القضاء على دخل هذه الأسر و الحكم عليهم بالعطالة، و كيفية تعويض هؤلاء عن أملاكهم و محلاتهم التجارية و الخدماتية ؟!
ماذا هيئت السلطات لهؤلاء في عين عودة من سبل للعيش؟
هل توفير شقة سكنية للأسرة كافية للعيش الكريم، و ينتهي الأمر و تتخلص السلطات من هذه المناطق التي تراها سوداء ؟ بماذا ستعيش هذه الأسر في منطقة تنعدم فيه فرص الشغل، و كيف ستحصل على لقمة العيش هناك ؟
من سيطمئن هذه الأسر حتى تنخرط طواعية في عملية الترحيل ، مادام أن الترحيل أصبح واقعا و لا يمكن التراجع عنه ؟ و حتى لا تتكرر مآسي ترحيل دواوير الصخيرات؟
أين هم منتخبو مقاطعة اليوسفية و برلمانيوها فيما يتعلق بترحيل ساكنة تقدر ب 120 ألف نسمة؟
أم أن هذه الساكنة لا يتم الاتفات إليها إلا في زمن الانتخابات فقط ؟
و أنها مجرد خزان انتخابي استنفد الصلاحية و الجاذبية، ما دام سينتهي توظيفه بعد الترحيل ؟
عبد العزيز بلحسن – فاعل سياسي و حقوقي و نقابي
إن الآراء الواردة في هذه المقالة، لا تـُعبّر بالضرورة عن رأي موقع "بديل"، وإنما عن رأي صاحبها حصرا